كتب- إبراهيم عدلان- كتب الإعلامي المعروف محمد حامد جمعة مقالاً قصيراً أشاد فيه بشركات الطيران الوطنية وصمودها في الاستمرار بتقديم خدماتها رغم قسوة الظروف الراهنة، غير أن معظم ردود المعقبين جاءت مهاجمة للشركات، مركّزة على ارتفاع أسعار التذاكر بوصفه عبئاً مباشراً على المسافرين ومن هنا تأتي هذه الإضاءة السريعة والتحليلية لتوضيح العوامل التي تتحكم في تسعير التذاكر، وأين تنتهي مسؤولية شركات الطيران وتبدأ واجبات الدولة في دعم هذا القطاع الحيوي.
أسعار تذاكر الطيران بين واقع السوق وواجب الدولة
تسعير التذاكر الجوية لا يتم بصورة عشوائية، بل يخضع لجملة من العوامل التي تتداخل فيها اعتبارات السوق العالمية والظروف المحلية. ومن أبرز هذه العوامل:
1. العرض والطلب: كلما ارتفع الطلب مع محدودية المقاعد ارتفعت الأسعار، خاصة في مواسم الحج والعمرة والعطلات.
2. الموسمية: تختلف الأسعار بين فترات الذروة وفترات الركود؛ فالمواسم المزدحمة تشهد زيادات، بينما تقل الأسعار في الفترات الهادئة.
3. المنافسة: وجود شركات متعددة على خط جوي واحد يخلق ضغطاً تنافسياً يخفض الأسعار، أما الاحتكار فيؤدي إلى زيادات غير مبررة.
4. الضرائب والرسوم الحكومية: رسوم المطارات والملاحة الجوية تشكل جزءاً كبيراً من تكلفة التذكرة النهائية.
5. تكاليف التشغيل: تشمل الوقود، الصيانة، قطع الغيار، ورواتب الطواقم، إضافة إلى التأمين الذي ارتفع في زمن الحرب بسبب تصنيف الأجواء السودانية كمناطق عالية المخاطر.
6. الظروف المحلية الخاصة بالسودان: بيع الوقود بالعملة الصعبة يضع عبئاً إضافياً على شركات الطيران الوطنية ويحد من قدرتها التنافسية.
دور الدولة وسلطة الطيران المدني
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وما بعد الحرب، لا يكفي ترك تحديد الأسعار لقوى السوق وحدها. من واجب الدولة وسلطة الطيران المدني اتخاذ إجراءات ذكية توازن بين مصلحة المواطن واستدامة شركات الطيران الوطنية، منها:
• تخفيض الرسوم والضرائب لتقليل العبء على المسافرين.
• فتح المجال للمنافسة عبر منح تصاديق جديدة وزيادة السعات.
• تطبيق التزامات الخدمة العامة (PSO) في الخطوط الحيوية مثل بورتسودان – جدة وبورتسودان – القاهرة لضمان أسعار ميسورة.
• مراقبة الممارسات الاحتكارية وتعزيز الشفافية في الأسعار.
• توفير وقود الطيران بالعملة المحلية لشركات الطيران الوطنية كخطوة أساسية لتخفيض التكلفة وتمكينها من المنافسة مع الشركات الأجنبية.
الخاتمة
أسعار تذاكر الطيران في السودان تعكس مزيجاً من قوى السوق العالمية، وتحديات محلية مثل: ارتفاع أسعار الوقود بالدولار، ارتفاع أقساط التأمين، ورسوم التشغيل المحلية. التدخل الحكومي الذكي من خلال تخفيض الرسوم، دعم الخطوط الحيوية، وتوفير الوقود بالعملة المحلية، هو السبيل لجعل السفر متاحاً للمواطن العادي، مع الحفاظ على استدامة شركات الطيران الوطنية واستمرارها في تقديم خدماتها الحيوية رغم الظروف الصعبة.
