امتلكت سخوي 35… إثيوبيا تُطلق ورقة التهديد لرسم موازين جديدة في نهر النيل والبحر الأحمر

0

كتب مكاوي الملك مقالا بعنوان “من القراصنة إلى سخوي 35: إثيوبيا تُطلق ورقة التهديد — وتحاول رسم موازين جديدة في النيل والبحر الأحمر”، قائلا: في تطور خطير كشفته وثائق مسربة يبدو أن القرن الأفريقي على شفا تحول استراتيجي يهدد استقرار المنطقة، حيث تسعى إثيوبيا إلى تعزيز قدراتها العسكرية بشكل غير مسبوق، مدعومة من قوى دولية بينما تواصل التلاعب بمقدرات مياه النيل عبر سد النهضة مما يشكل تهديداً وجودياً لإريتريا والسودان ومصر

قراصنة “بلاك ميرور” وكشف المستور: شبكة تسليح سرية
في 2 أكتوبر..نفذت مجموعة القراصنة الإلكترونية المعروفة باسم “بلاك ميرور” (Black Mirror) عملية اختراق استثنائية لأنظمة وزارة الدفاع الروسية..لم تكن هذه العملية مجرد انتهاك أمني عابر..بل كانت عبقرية في تنفيذها..حيث تمكنت من الحصول على وثائق سرية للغاية تكشف عن شبكة توريد أسلحة متقدمة لعملاء روسيا حول العالم [المصدر: بيان مجموعة بلاك ميرور على تليجرام]
كشفت هذه الوثائق المسربة عن صفقات تسليح روسية متعددة:
* العميل رقم 364 (إيران): تسليم 48 مقاتلة من طراز سوخوي-35
* العميل رقم 012 (الجزائر):طلبات للحصول على طائرات سوخوي-35 وسوخوي-57 المتطورة..مع منح الجزائر حق تجميع المقاتلة سوخوي-57

مصر: كشفت الوثائق عن دفعة أسلحة مصرية تشمل أنظمة تشويش متطورة وغيرها
لكن الكشف الأكثر خطورة..وفقاً للوثائق ، كان عقداً إثيوبياً لتسلم ست طائرات مقاتلة من طراز سوخوي-35 ..مع تقارير محلية تشير إلى أن بعضها قد تم تسليمه بالفعل

[المصدر: الوثائق المسربة من قراصنة بلاك ميرور]
استراتيجية التصعيد الإثيوبية: تحول عسكري واقتصادي مريب
هذا الكشف لم يأت في فراغ..فالتعاون العسكري الإثيوبي-الروسي يشهد تصاعداً ملحوظاً..منذ عام 2024…سلمت روسيا لإثيوبيا طائرات مقاتلة من طراز سوخوي-30 ..كما أن هناك مؤشرات على تعاون لبناء أسطول بحري إثيوبي..وهو أمر يبدو استراتيجياً غريباً لدولة غير ساحلية

[المصدر: تقارير موقع “يوناتي 24 ميديا” و “سبوتنيك أفريقيا”
الأمر لا يتوقف عند روسيا؛ فالصين بدأت في إنشاء مصفاة نفط في إثيوبيا ومحطات تكرير تسمح لها بتكرير 3.5 مليون طن من الوقود سنوياً..بالإضافة إلى شراكات لإنشاء مصانع أسمدة بقيمة 2.5 مليار دولار…من المستغرب مصدر هذه المبالغ الطائلة لدولة أنشأت سداً بتكلفة 5 مليارات دولار وتشتري أسلحة متطورة بمليارات إضافية..التكهنات تشير إلى أن خلف هذه التحركات تقف إسرائيل ودولة الإمارات..في إطار لعبة إقليمية معقدة

التوسع الإثيوبي الروسي الصيني يتسارع بشكل لافت .. روسيا التي تلعب لعبة مزدوجة كما فعلت في السودان بدعمها لأطراف متعددة للوصول للبحر الأحمر ، تخطط او تلعب نفس اللعبة ايضا للوصول إلى شواطئ إريتريا ..وتتعامل مع أديس أبابا وأسمرة في آن واحد..زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الأخيرة لروسيا وطلبه المساعدة في بناء أسطول بحري – رغم أن إثيوبيا دولة حبيسة – يؤكد أن أديس أبابا تخطط بكل ما أوتيت من قوة للوصول إلى البحر..مستعدة لإشعال القرن الأفريقي..بدعم من حلفائها

هذا التحول الاقتصادي والعسكري القوي والمتسارع لا يمكن فصله عن الموقف المتصلب لإثيوبيا فيما يخص سد النهضة وإصرارها على الوصول إلى البحر..فالحكومة الإثيوبية..التي تواجه تحديات داخلية من ميليشيات “فانو”في إقليم أمهارة وفصائل منشقة عن “جبهة تحرير تيغراي” تختار تصعيد التوترات الخارجية .. وزير الخارجية الإثيوبي يتهم علانية إريتريا بدعم حروب بالوكالة عبر هذه الميليشيات [المصدر: تصريحات وزير الخارجية الإثيوبي نقلاً عن BBC]

الطموحات التوسعية والتهديد المائي: لعبة شطرنج إقليمية
التحليل الاستراتيجي للتحركات الإثيوبية والخطاب الرسمي يكشف عن طموحات توسعية صريحة واشعال المنطقة.. تصريحات رئيس الوزراء آبي أحمد المفاجئة والتي وصف فيها استقلال إريتريا بأنه “خطأ تاريخي” إلى جانب تأكيد البرلمان الإثيوبي على أن “البحر الأحمر ونهر النيل موارد أساسية لإثيوبيا” كلها إشارات واضحة إلى طموح غير مخفي للوصول إلى البحر الأحمر..وتحديداً استعادة ميناء عصب الإريتري بعد فشل خطة اثيوبيا للوصول للبحر عبر ارض الصومال [المصدر: تصريحات البرلمان الإثيوبي ورئيس الوزراء آبي أحمد]
في هذا السياق..يصبح تهديد سد النهضة ذا بعدين: أمني ومائي..التقارير الفنية تشير إلى أن السد لا يواجه مشاكل في التخزين فحسب..بل أيضاً في توليد الكهرباء بسبب تعقيدات هندسية..هذا الفشل التقني يحول السد من أزمة جفاف محتملة إلى تهديد قوي ومباشر بفيضانات صناعية مفتعلة يمكن أن تستخدم كسلاح ضغط ضد السودان ومصر..لقد اتهمت السودان ومصر قبل ايام إثيوبيا بالتسبب في “فيضان صناعي مفتعل”من خلال إدارة غير منضبطة لتصريفات المياه [المصدر: بيانات وزارة الري المصرية وتقارير فنية متخصصة]

الخاتمة: لماذا يجب على إريتريا والسودان ومصر أن تكون في حالة تأهب
الصورة التي ترسمها هذه التطورات مقنعة وواضحة: إثيوبيا..بدعم روسي وصيني متزايد وتخطيط إسرائيلي وإماراتي..لا تتصرف كدولة تسعى للتنمية فقط…بل كلاعب إقليمي يمتلك أطماعاً توسعية ويستخدم ورقتين خطيرتين: التسلح العسكري غير المبرر..والتهديد بسلاح المياه عبر سد يعاني من أزمات تقنية

الرد الإريتري والسوداني والمصري يجب أن يكون بنفس المستوى من الاستراتيجية والقوة..التعزيز المستمر في المجال الاستخباراتي والقدرات الدفاعية.. وتعميق التحالف الاستراتيجي عبر اتفاقيات ثنائية أو ثلاثية فاعلة..والضغط الدبلوماسي والدولي المستمر لكشف المخاطر الحقيقية لسد النهضة..هي جميعاً أدوات ضرورية لمواجهة هذا التحدي الوجودي..كما أن الكشف الذي قدمه قراصنة “بلاك ميرور”يذكرنا بأن الحروب في عصرنا لم تعد تقليدية فقط..بل أصبحت المعلومات فيها سلاحاً لا يقل أهمية عن الطائرات المقاتلة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.