متابعات- الزاوية نت- قال خالد عمر يوسف “خالد سلك” إنه عقب توقيع اتفاق نيفاشا، كنا حينها في مقتبل العمر. أذكر أنني دخلت في نقاش مع أحد كبار قيادات القوى السياسية حول احتمالية أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تقسيم السودان، رغم سعادتنا بجوانب كثيرة فيه وإنجازه الرئيسي بوقف حرب دامت لأكثر من 22 عامًا. أجابني حينها قائلاً: “يا خالد يا ابني، السودان ضهره قوي وما بنقسم” لا أخفي أن ثقته بثّت الطمأنينة في نفسي، إلا أن الشواهد الموضوعية كانت واضحة وضوح الشمس… السودان كان يسير نحو التقسيم، وقد حدث ذلك بالفعل!
واضاف “اليوم، ومرة أخرى، السودان يسير نحو التفتيت والتشظي، وهي مرحلة أخطر من مجرد التقسيم الذي يفضي إلى دولتين مستقرتين. كل ما يحدث الآن يدفع في هذا الاتجاه: سعي بورتسودان لفرض سلطة أمر واقع لا شرعية لها، وطرح ميثاق نيروبي لتكوين حكومة تزيد تعقيد الأوضاع بدلًا من حلها.
ونوه إلى أن البيئة الحاضنة لهذا المشروع التفتيتي هي الحرب نفسها. فكلما طال أمدها، ازداد الاستقطاب السياسي والاجتماعي والعسكري، وتكاثرت الجرائم والانتهاكات، وهو ما يقود لتعالي أصوات الداعين إلى التقسيم واليائسين من العيش المشترك بين السودانيين. ونتيجة لذلك، يصبح من السهل على أي قوة خارجية تريد تفتيت البلاد تحقيق غاياتها، بأيدي أهل السودان أنفسهم، الذين لن تكون غفلتهم عن رؤية هذه الحقائق عذراً لهم حين يحطمون وطنهم بأيديهم.
وتابع “إذا أردنا الحفاظ على السودان وإنقاذه من هذا المصير، فعلينا أن نسعى جاهدين لوقف هذه الحرب التي لا طائل منها ولا معنى لها. الطرف الداخلي الرئيسي الذي يتكسب من استمرارها ولا يريد لها أن تتوقف هو الحركة الإسلامية، التي قال أحد قادتها: “الحرب أعادت لنا ألقنا وقوتنا”، وقال آخر ما معناه: “لقد تصدّينا لقيادة الجيش عندما ذهبوا إلى جدة والمنامة وجنيف، وأجبرناهم على التراجع عن توقيع أي اتفاق”.
وقال سلك إن وقف الحرب لا يعني العفو عن المجرمين أو الحفاظ على الأوضاع المشوهة التي أدت إليها. بل يجب أن يقوم على مشروع وطني يجمع السودانيين/ات حول أسس حقيقية لتوحيد البلاد طوعاً، ومنع استخدام العنف كوسيلة للصراع على السلطة. مشروع يجعل اختيار الحاكم بيد الشعب، ويؤسس لجيش وطني واحد، مهني وقومي، يتبع للدولة لا لأفراد أو جهات أو أحزاب، وينأى كليًا عن السياسة والاقتصاد. دولة تمتنع عن استغلال الدين أو العرق أو الجهة للتمييز بين المواطنين، وتعبر عن جميع مكوناتها بعدل وإنصاف، وتتبنى عدالة انتقالية حقيقية تنصف الضحايا، تجبر الضرر، وتداوي الجراح.
وتابع “كل هذا ممكن عبر الحوار والطرق السلمية، لا عبر فوهات البنادق. كل هذا ممكن دون إراقة قطرة دم واحدة أو تشريد إنسان من منزله. ولتحقيق ذلك، علينا أن نوحّد أصوات أوسع قاعدة من السودانيين، ونضغط على أطراف الحرب لوقف القتال فوراً، دون تأخير، والاتفاق على تدابير عاجلة تحمي المدنيين، وتعيدهم إلى مدنهم وقراهم، وتوفر لهم الخدمات الأساسية، في مسار يقود إلى سلام حقيقي ومستدام.