“مهاجر6″… هل غيرت موازين الحرب في الخرطوم؟
الخرطوم- حسن بكري عابدين
بعيداً عن التضليل الإعلامي الممنهج الذي تنتهجه أطراف الحرب عبر غرف إعلامية مختصة في الشائعات ، فإن الوقائع على أرض امدرمان قد تغيرت بشكل كبير منذ الأسبوع الماضي لصالح القوات المسلحة السودانية التي أحدثت اكبر و أوسع اختراق لها منذ بداية المعارك بينها والدعم السريع منتصف ابريل الماضي، وإن سعت غرف الدعم السريع الإعلامية لنفي لذلك فإن نفيها نفسه هو تأكيد ، وقد غابت مشاهدهم المصورة بينما لأول مرة يطل إعلام الجيش بالصوت والصورة وهو الذي كان يجيده الدعم السريع بإعلام مُحترف.
والاختراق لا يتمثل في نجاح الجيش بإمداده لسلاح المهندسين المُحاصر فحسب ، إنما كل الدلائل تشير الى فك حصار المهندسين الذي عاد للهجوم والمناورة بفضل الذخائر التي وصلته من كرري، وتفيد تقارير بتدوين للراجمات التي ظلت صامتة من داخل سلاح المهندسين ما يعني عودتها للعمل ونعي الفرق بين ان تُهاجم او تُدافع.
إضافة لذلك فالخرائط المنشورة وظهور افراد من الجيش السوداني وكتائب الإسلاميين المتحالفة معه اكدت تقدماً ملحوظاً للجيش في محاور عدة ، منها محور سوق امدرمان والموردة (عمارة الجزلي) ، يضاف إليهم تقدم قوات سلاح المهندسين والمستنفرين نحو مسجد النيلين وخور ابو عنجة من ناحية ، وظهور إرتكاز متقدم بتقاطع العرضة من ناحية اخرى مع تقدم واضح لجيش كرري من ود نوباوي
وقد ربط كل ذلك بالنشاط الواسع لمسيرات مهاجر 6 إيرانية الصنع التي يتحكم فيها جهاز الأمن والمخابرات الوطني المحلول وهيئة عملياته، وقد نُشرت مقاطع متعددة توضح استهداف هذه المسيرات بدقة عالية لتمركزات الدعم السريع في مناطق مختلفة بأمدرمان.
ووفقاً لخبراء عسكريين تحدثوا لراديو دبنقا ، فإن مهاجر كانت سبباً مباشر في انسحاب افراد الدعم السريع من مواقع مختلفة ، ومضى بعضهم للمقارنة بين ذلك والذي حدث بأثيوبيا حيث حيدت المسيرات جبهة التقراي هناك ومنحت الجيش الاثيوبي الفيدرالي أفضلية فحقق لاحقاً نصراً حاسم لصالح الجيش الاثيوبي.
لكن تبقى الحقيقة ان اثيوبيا خاضت حربها ضد مجموعة متمردة بينما يخوض الجيش السوداني حرباً في مواجهة قوات مشاته التي صنعها ودربها وجعل منها بديلاً لمشاة الجيش، وتمكن هنا المعضلة الحقيقية حيث غبار الاستنفار والمقاومة الشعبية الذي تحدثه حوافر اعلام البلابسة لا تُغير حقيقة ان هنالك مشكلة مشاة يعاني منها الجيش
وهو الذي اكده الخبراء لراديو دبنقا ، فقلة تدريب وتأهيل المستنفرين تجعل منهم أكباش فداء وتهدر دماءهم امام مليشيات متمرسة تلك التي تقاتل بجانب الدعم السريع، وامام هذه الحقيقة تكون مهاجر 6 هاجساً يفجع منام قوات الدعم السريع جنباً الى جنب الطيران الحربي ، وهو الذي ظهر بوضوح في امدرمان وقد منح الجيش افضلية لأول مرة منذ بداية المعارك وجعل الدعم السريع يعاني ، ويضاف لذلك ان هذة المسيرات جعلت الدعم السريع يفقد قادة ميدانيين بالقتل او الإصابة ونجحت مهاجر في تحيدهم ولذلك تأثير كبير لصالح الجيش
لكن نجاح مُهاجر في جعل الدعم السريع يتراجع لن يتوج بمغادرته للعاصمة ، وهنا لا تجوز المقارنة بين حرب السودان واثيوبيا حيث إستفاد الجيش الاثيوبي من المسيرات في مواجهة التقراي لكنه كان يمتلك قوة برية كبيرة أكملت المهمة مع الضربات الجوية وهو الذي يفقده الجيش السوداني
ويبقى الاختلال الكبير في تعويل الذي يراهن على الحسم العسكري انه يتعامل مع امدرمان كأنما هي السودان، أو أن العاصمة هي البلد ، ومع افتراض نجاح الجيش في حسم الامر بالعاصمة ، فإن ارجاء واسعة من البلد تظل تحت سيطرة الدعم السريع وهو الواقع الذي لا يأبه به البعض.
بينما اخرين يرون ان امدرمان بداية لتحرير كامل البلد وهي محض امنية وفقاً للواقع والوقائع ، لأن حدوث ذلك عملياً يحتاج لعمليات عسكرية وسياسية واسعة واثبتت قيادة الجيش انها فاشلة في الأمرين
فسياساً الحوجة لمحاصرة الدعم السريع الذي يتمدد إقليمياً ودولياً ، وقيادة الجيش بدلاً من ذلك تحاصر نفسها بالتخبط وبغباء الخارجية التي يسيطر عليها الكيزان ويخسرون العالم مقابل كسبهم لإيران