مع كيكل
خارج النص – يوسف عبد المنان- مع كيكل- خرجت صباحا من ام درمان إلى أرض البطانة ومن جسر المنشية حتى أم ضوابان بدأت الحياة تعود لشرق النيل إلا المزارع التي تحولت إلى غابة يحتطب منها الفقراء غير القادرين على تعبئة أسطوانة الغاز بمبلغ ستين ألف جنيها.
تخرج النساء من مزارع شرق النيل يحتطبن من شجر البرتقال والليمون الجاف مثل احتطاب أخريات من أشجار وسط الخرطوم التي يبست وسقطت فيما قضى القطع الجائر على غابة الخرطوم تماما حيث يتصاعد دخان كماين الفحم وسلطات ولاية الخرطوم تشغلها نظافة الشوارع الخالية من الناس عن الحفاظ على البيئة والسيارة تنهب الأرض في طريق حطمته الحرب وبات السير فيه يشكل خطرا على السيارات وأرواح المواطنين ولاتزال هياكل السيارات على طرفي الشارع مترامية لم يفتح الله لسلطات ولايتي الجزيرة والخرطوم جمعها مثل ما حدث في طريق الجيلي بحري.
بعد تجاوز منطقة العيلفون تختفي تدريجيا سلطة الجيش والأمن والشرطة وتبدأ سلطة أخرى هي (الدراعة) اي قوات درع السودان بقيادة ابوعاقلة كيكل حيث يقابلك في الارتكازات شباب سمر البشرة يسالونك بأدب واحترام فيه توقير للكبير واحترام للصغير ولما كنا في معية الأخ العقيد عباس عبدالرحمن وهو من الكفاءات العسكرية التي تم انتدابها لقوات الدرع فإن شباب الدراعة يبدوا أكثر انضباطا من القوات النظامية الأخرى في إلقاء التحية العسكرية لمن هو ارفع منك مقاما.
ويبسط كيكل سلطته على كل شرق الجزيرة وتتولى حفظ الأمن في مناطق لا تتواجد فيها الشرطة مثل القرى وفرقان َومفازات البطانة منذ أن تطأ قدماك مدينة تمبول وتتجه إلى جبل ابوالغر وجبل الاباتور وقرى سوبا و المسلمية وقرى ود جودات فإن في كل بيت شهيدا ووراء كل شهيد قصة وحكاية ولا يجمع أهل البطانة والجزيرة وحتى شمال القضارف.
جالست الناس واستمعت إلى اهاتهم أحلامهم لا يجمعون الا على حب القائد كيكل والولاء له وذلك لأسباب عديدة أولها الدور الذي لعبه في حماية شرق الجزيرة من شر الجنجويد وبطشهم وتجاوزاتهم بحق المواطنين وكيكل حينما كان قائدا في الدعم السريع شكل درعا واقيا لمؤسسات الدولة في المدن نشر قواته في مكاتب الحكومة حتى لا تتعرض النهب وقتل عددا من اللصوص والشفشافة وشكل قوات حماية للقرى من منسوبي الدعم السريع من أبناء الجزيرة البطانة القضارف وحاول حماية تلك المنطقة من هجمات الجنجويد ونهب الممتلكات.
وبعد مغادرة كيكل للدعم السريع بطش بأهله وعشيرته المليشيات ولكنه امتشق سلاحه وقاتل الجنجويد بضراوة حتى حررت المنطقة وارتقي كيكل مقاما عليا واصبح يمثل القائد العسكري والسياسي والاجتماعي يحظى بتقدير كبير جدا وسط المواطنين.
والشاهد على ذلك أن كل الشباب دون الثلاثين عاما مزارعين ورعاة وأصحاب مهن أخرى معلمين وموظفي تحصيل انخرطوا جميعا في معسكرات الدرع لا تجد شابا في البطانة وشرق الجزيرة الا وأبرز لك بطاقة انتماء لقوات درع السودان حدثني بعضهم أن كل يوم تتضاعف إعداد المنضمين إلى قوات الدرع حيث لا يقل عددها الان عن نصف مليون مقاتل يبغضون الدعم السريع وكل من تلتقيه يقول (بيننا والدعم السريع ثار ودم حتى نصل الفاشر).
وقد تعاظمت تضحيات الدرع في معارك ام سيالة الأخيرة وقدمت القوات مئات الشهداء وقد طاف كيكل على الأسر المكلومة الشي الذي جعله قريبا من نبض الناس واشواقهم ولكن رغم عظمة التضحيات الا ان هذه القوات التي تمثل رافدا هاما للقوات المسلحة بضرورة أن ترتقي الدولة بتسليح الدعم السريع وتطوير منظومات دفاعه وتدريبهم على أحدث أنواع السلاح دون التخوف من إعادة تجربة حميدتي في وسط السودان لاختلاف السلوك بين حميدتي وكيكل الذي لا طموح له في السلطة ولكنه أكثر التزاما انضباطا وولاء للقوات المسلحة ولنا عودة
