دموع شكر الله.. أنغام الذاكرة وحزن الوطن
كتب طاهر محمد علي- تحت عنوان “دموع شكر الله.. أنغام الذاكرة وحزن الوطن” كفكف دموعك، فحين تذرفها نعلم أنك تبكي وردي، الإبداع والجسارة، تبكي الروائع التي نقشها على دروب المجد، حين رافقته في رحلة النيل والشراع، من صواردة وعبري وجزيرة صاي، عبر الشلالات وصولاً إلى شواهد الحضارة في البركل والدفوفة ودنقلا العجوز.
كانت دموعك الغالية شاهدة على أم درمان، والطوابي المقابلة النيل التي كنت تصاحبها وتصافحها في غدوك ورواحك، شاهدة على علايل أبروف حتى المزالق.
أعلم سر دموعك على تذكارات الأحبة في الحيشان والاستوديوهات والبلاتوهات وفرق العمل وشجرة الزهاجة..
دموعك شاهدة على قبور الأحبة، ودار الفنانين، قوس محمدية، وأوتار عربي، وسيمفونيات برعي، وتجليات بشير عباس. هناك حيث يرقد النغم العتيق على حنجرة الباشكاتب ود اللمين، وترانيم الكابلي، والفراش الحائر “يا عيوني اسكبي دمع الحنين”، وعلى زيدان إبراهيم “تسيل الدمعة لما نَحِن لماضى الريد .. ونتذكر”، وعمر الدوش حين يردد: “زمان ما عشنا في غربة ولا قاسينا.. وهسه رحنا نتوجع نعيش بالحسرة، نتأسف على الماضي اللي ما برجع”.
هي عبرات على قصائد هاشم صدبق “الملحمة وجواب للبلد”، وعلى سهير وخطوبتها، مكي سنادة وتحية زروق حينما كانوا شبابا على المسرح القومي، والفكي عبدالرحمن والفاضل سعيد وحجازي، وحكاوي عمكم مختار والجد شعبان وجنة الأطفال.
أعلم أن دموعك نقوش على شواهد سند، ومحي الدين صابر، وعلي المك، ومبارك بشير، وكمال الجزولي..
أعلم أنك زرفتها على توتي ورمال الجزيرة، وناجي القدسي وإبراهيم خوجلي، و”أفكاري حيارى”، وحمد الريح زي “القمري فوق نخل الفريق.. فاقد الأهل يبكي ويحن”.
والصادق الياس عندما تساءل في الجريف واللوبيا عن ماضي الحلة: “وين ومين الشالو؟ ونحن أيضاً نسأل: وينو صوت الساقية؟ وين نخيلنا الرامي؟ وين جداول الموية الجارية زي السيل؟..
لا أحد، يا شكر الله Shokralla Kalafalla، يعرف هذا الدمع غيرنا، فكل دمعة على مناديلك كانت قطرة سكبتها من خلجات روحك النقية.. فكفانا أدمعاً، والسودان أيضاً يكفيه من الدموع والدماء.