عندما يدار الحزب بالظهور فقط
عندما نتحدث عن الأحزاب السياسية العريقة فإننا نتحدث عن مؤسسات تحمل إرثاً من النضال والفكر والتاريخ لا عن منصات للظهور الإعلامي والاستعراض السياسي الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة مولانا الميرغني ظل لعقود صرحاً سياسياً شامخا وذلك بفضل حكمته وحنكته في إدارة الحزب وسط تعقيدات المشهد السياسي لكن ما يجري اليوم في كواليسه يطرح أسئلة لا يمكن تجاهلها
السيد جعفر الميرغني الذي يتولى منصب نائب رئيس الحزب منذ سنوات، اختار نهجاً غريباً في الإدارة :
التعطيل لا التفعيل ، التجميد لا التطوير ، الظهور لا الإنجاز ! فهل يدار حزب بقواعده العريضة ومبادئه الراسخة بهذه الطريقة؟ وماذا قدم السيد جعفر فعلاً للحزب ولجماهيره
لاشك ان الصحفي الأستاذ بكري المدني قد لامس بعض الحقائق، ولو انه لا يدرك كلّ التفاصيل ونحن هنا ، رغم امتلاكنا لمعلومات ثقيلةً وحقائق صادمة نتحفظ عليها حرصاً على وحدة الحزب ومصلحته لأننا ندرك ان كشف المستور في هذه المرحلة قد يكون اكثر ضرراً من تركه
اما الشلة الثلاثية التي تحاول احتكار القرار فهي بحاجة إلى توصيف يناسبها في الرأي العام، توصيف يحمل نقداً لاذعاً دون ان يكون مجرد تجريح هؤلاء ليسوا رجال فكر او تنظيم بل أقرب إلى “ثالوث الركود”
حيث لإقرار يتخذ ولا رؤية تطرح فقط تمسك بالسلطة دون أي عطاء
وما يزيد المشهد قتامة هو ذلك “القرار المجهول ” الذي يحدد من يكون داخل الحزب ومن لا يكون دون اي معايير واضحة او شرعية تنظيمية فصل نواب رئيس الحزب ومساعديه وقيادات بهذه الطريقة هو عمل جبان لا يليق بحزب سياسي عريق ولا يمكن قبوله في إطار العمل المؤسسي وبدا الأمر وكأنه لعبة كراسي موسيقية حيث يتحرك اللاعبون وفقاً لمصالحهم الضيقة لا وفقاً لمصلحة الحزب بينما تترك القواعد في حيرة لاتعرف من سيبقى ومن سيقصى في الجولة القادمة! وليس من المستبعد ان يكون وراء هذا العبث نفس “ثالوث الركود ” الذي يسعى لإفراغ الحزب من قياداته الفاعلة والإبقاء على دائرة ضيقة من المنتفعين
في النهاية نتفق مع الأستاذ بكري المدني في ان التدخلات الخارجية في شئون الحزب ظاهرة غريبة ومضرة ولكن لا يجب أن يكون هذا مبررا للصمت على ما يجري داخله الحزب الاتحادي الأصل بقيادة مولانا الميرغني يستحق ان يدار بعقلية المستقبل لا عقلية الماضي بالعمل لا بالمظاهر وبالقرار لا بتردد
ان كانت هناك نصيحة فهي ان الإصلاح لا يكون بالإقصاء او التعطيل بل بالمصارحة والشفافية ووضع المصلحة العامة فوق كل الاعتبارات الشخصية
فهل يسمع المعنيون ؟