د. وداد  مكي تكتب.. وكأنما المعاناة هي قدر المرأة السودانية

1

كثيرا ما أتساءل بيني وبين نفسي: ما الذي فعلته المرأة السودانية كي تتحمل كل هذا الشقاء والمعاناة؟

ما الذي فعلناه حتى نعيش حياتنا كلها في ظلال الحروب والتشريد والنزوح؟

ما الذي فعلته المرأة السودانية حتى تصبح رمزا للقهر والاضطهاد والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية؟

تدور هذه الأسئلة باستمرار في مخيلتي دون أن أجد لها إجابة واضحة.

 

فعلى مدار سنوات الصراع الطويلة في السودان، ظلت المرأة تتحمل، بصورة غير متناسبة، التبعات الثقيلة للحروب، من معاناة ونزوح وجوع وأمراض. النساء في السودان وفي كل مكان في العالم لا يتسببن في الحروب ولكنهن، للأسف، يدفعن أثمانا باهظة للحروب التي يشعلها الرجال.

 

قبل أكثر من عشرين سنة اندلعت الحرب في دارفور فتسببت في مقتل أكثر من 300 ألف شخص وشردت الملايين – غالبيتهم من النساء والأطفال. وطوال هذه السنوات الكئيبة، ظلت المرأة تكابد من أجل تربية الأطفال في معسكرات النزوح واللجوء. هؤلاء الأطفال الذين تيتم الكثيرون منهم بسبب الحرب.

 

تجوع المرأة لتطعم أطفالها وتتحمل الأعمال الشاقة والمعاناة في سبيلهم. ظلت هذه المعاناة لأكثر من عشرين عاما في دارفور وفي معسكرات النزوح واللجوء.

 

وبعد أن ظننا أننا كنا على وشك أن نطوي صفحة الحرب المؤلمة في دارفور، اندلعت حرب أخرى أكثر شراسة في كل أنحاء السودان، وشردت غالبية سكان السودان الذين تشتتوا في أصقاع الدنيا نازحين ولاجئين. وتسببت الحرب في مجاعة كارثية وأصبح نصف سكان السودان في حاجة إلى المساعدات الإنسانية كي يبقوا على قيد الحياة. وقد أصبحت الأزمة الإنسانية في السودان أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم في العصر الحديث.

 

بعد كل هذه المعاناة بدا كما لو أن المعاناة قدر مكتوب على المرأة السودانية. فما إن تنتهي معاناة حتى تبدأ أخرى أكثر فتكا وضراوة. إن معاناة النساء السودانيات تتحمل تبعاتها قيادة الجيش التي كانت وما زالت سببا في إشعال الحروب العبثية. لابد لقيادة الجيش والدعم السريع أن يرجعوا الي رشدهم ويحكموا صوت العقل   من أجل المرأة السودانية ومن أجل أطفال السودان.

 

لقد أخرجت هذه الحرب أسوأ ما فينا من صفات وأصبح جسد المرأة ساحة للمعارك بين مختلف الأطراف من الدعم السريع والجيش حتى أصبحت الحرب في السودان تعرف على أنها *حرب على النساء. *

 

فما الذي فعلناه حتى تشن كل هذه الحرب ضدنا؟؟؟

 

لابد للفريق البرهان أن يتحمل المسؤولية كاملة عن معاناة المرأة السودانية التي دفعت أثمانا باهظة لأخطاء القيادات العسكرية على مدى عقود من تاريخ السودان. سيحاسب التاريخ كل قيادات الجيش والدعم السريع على الأخطاء الكبرى التي ارتكبوها بحق المرأة السودانية المغلوبة على أمرها.

لقد حان الوقت لوضع الأطماع الشخصية جانبا وتغليب المصلحة الوطنية. المرأة السودانية في حاجة إلى وقف المعاناة. المرأة السودانية في حاجة إلى السلام والاستقرار وهي لا تستحق أقل من ذلك.

تعليق 1
  1. Dr. Ahmed يقول

    جذبني عنوان المقال فاعتدلت في جلستي لَعَلِّي أتكئ على فِكرةٍ أو تذكرةٍ تحدد معالماً لطريق،، ولكن ما إن قرأت سطوره الأولى حتى قفذت لذهني مقولة ذاك الإمام الذي رد على سائله فماذا إن لم تغب الشمس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.