بعد الفاصل- ضياء الدين الطيب- مفاوضات سويسرا.. المِسمار الأخير في نعش السودان
● الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ومجلسه الموقر سيتحمل المسئولية الكاملة عن تحرير السودان من التمرد والعمالة والارتزاق أو تدميره تدميراً مبرماً ونهائياً إذا ما تمَّ اقتيادُه لا سمح الله – للمشاركة في مؤامراتِ سويسرا المقبلة ولا أقول مفاوضاتها التي وعلى ما يبدو – قد – صدرت التوجيهات للأبواق السياسية والإعلامية الموالية بضرورة قرع الطبول، ورفع الحناجر العالية ترغيباً في المشاركة فيها وترهيباً من مغبّة التخلف عنها وكأنها أوامرُ ربّانية منزلةٌ من السماء لا ينبغي تأجيلها أو حتى الإرتيابُ منها دون أن يطرف لهم جفن وهم يقدّمون الخُطب والمواعظ في فقه العلاقات الدولية واستجلاب المصالح الوطنية متجاوزين بشاعة السياسات الأمريكية وتأريخها الإجرامي في التعاطي مع قضايانا ومشكلاتنا السودانية المفتعلة عن طريقها ومُباركتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لتكشف لنا هذه (السويسرا) عن حجم السقوط المدوّي لكثيرٍ من الأقلام المنتفعة و المأجورة التي كُنّا نحسبها على شيء لكنها سقطت في امتحان الوطنية، واستبانت حقائقها وهي تسعى جاهدةً لتحقيق مصالحها الذاتية واسترضاء سادتِها وأولياءِ نعمتها من الدول والسفارات والمنظمات المشبوهة !!
● لم تأتِ هذه المفاوضات إلا طوقَ نجاةٍ لمليشيا الدعم السريع التي تعد الذراع العسكري للمجتمع الدولي المتآمر على السودان وأرضه وشعبه بمعاونة منظومة من الدول الإقليمية التي لا تملك زمامَ أمرها، ولا تقرير مصيرها فهي أداة طيّعة في أيدي أمريكا تقلبها كيف تشاء ومتى ما تشاء..!!
● بقراءةٍ مباشرة و دونما تعقيد يمكن تلخيص المخاطر المترتبة على مشاركة السودان في هذه المؤامرة الدولية على النحو التالي:
■ اعتراف السودان على نفسه أنه فعلاً وليس قولاً أو وصفاً أحدُ طرفيْ الصراع بجلوسه في طاولةٍ واحدة مع هذه المليشيا المتمردة- وفي ذلك إخراجٌ لها من دائرة التمرد على الدولة إلى دائرة الكفؤ والنظير للدولة بشهادة المجتمع الدولي بأسره، ومن ثم يجب التعامل معها من هذا المنطلق وكأنها صاحبة حق مشروع تتفاوض مع الجيش من أجل انتزاعه بالقوةِ العسكرية أو القانونية أو السياسية، وبالتالي تصبح شريكة في كل المكتسبات التأريخية للبلاد، ويحق لها المطالبة بقسمة الثروة والسلطة مقابل وقف الحرب، وليس أدلّ على ذلك من تجرؤ المتمرد عبدالرحيم دقلو واجتماعه مؤخراً في جوبا مع القيادة هناك ومطالبته بتخصيص أموال لمتمرديه بحجة حماية خطوط أنابيب البترول التي يتدفق عبرها النفط الجنوبي، في سيناريو شبيه بالحرب التي شنتها الحركة الشعبية بقيادة جون قرنق ديمبيور وانتهت بفصل جنوب السودان عن شماله بعد فترة انتقالية أعقبها استفتاء لتقرير المصير في العام ٢٠١١، وستذكرون ما أقول لكم إذا ما نجحت الخطة الأمريكية في استدراج الجيش إلى تلك المفاوضات الملغومة !!
■ تصريحات وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن الأخيرة أوضحت بجلاء شديد جانباً من المخطط الغربي الهادف لإعادة استعمار السودان مرّةً أخرى عبر عدة أدوات أهمها الضغط على الجيش وإرغامه على الجلوس إلى طاولة التفاوض الذي يعطي المليشيا المتمردة المشروعية المطلوبة آنفة الذكر، ثم تشديده على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية عبر كافة المعابر والمنافذ الجوية والبرية والبحرية، وبذلك تضمن الولايات المتحدة الأمريكية انعاش هذه المليشيا المنهكة عن طريق المنظمات المتدثرة بثياب الإغاثة والأعمال الإنسانية وضخ الدماء في شرايين التمرد من جديد عبر تدفق كميات كافية من الأسلحة النوعية والصواريخ بعيدة المدى الكفيلة بتأجيج الصراع، وإحداث حالة من توازن القوى على الأرض يجعل من المليشيا قوة عسكرية ضاربة وموازية للجيش بل وقادرة على ضرب العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد وإحالتها إلى خراب ودمار خلال ساعاتٍ قليلة، فضلاً عن تزويدها بطائراتٍ مقاتلة بعد أن تم الشروع في إنشاء مطارٍ حربي موازٍ لمطار الضعين، وآخر في جنوب دارفور يعمل جنباً إلى جنب مع مطار نيالا المدني الذي هبطت فيه قبيل أيام طائرة أجنبية مزودة بالأسلحة والمعدات الحربية، ولعل أمر تشغيل تلك المطارات بطاقتها القصوى يتطلب مزيداً من الوقت الذي ستوفره استراحة مفاوضات سويسرا، ثم يأتي بعد ذلك دور مجلس الأمن الدولي والفصل السابع واحتلال السودان الذي تم افراغه من أغلب ساكنيه نازحين أو لاجئين أو مشردين، وهذا هو جوهر المخطط العالمي الذي يجعل السودانيين يقتتلون فيما بينهم تنفيذاً لمقولتهم : نريدُ السودان أرضاً بلا سكّان، وسنقضي عليهم دون أن نخسر طلقة واحدة في إبادتهم لأنهم سيتولون إبادة بعضهم البعض، بينما نجلس نحن مستمتعين بمشاهدة معاركهم وغبائهم وسذاجتهم !!
■ ستنجو دولة الإمارات من كل الاتهامات الموجهة لها برعاية وتمويل المليشيا، وستفلت من قبضة القانون الدولي بمجرد الموافقة السودانية على جلوسها طرفاً مراقباً لعملية التفاوض رغماً عن أنف الجيش الذي سَيَدُق المسمار الأخير في نعش السودان إذا توجه إلى جنيف، وبالتالي إنفاذ المخطط الرامي إلى إحداثِ شرخٍ عميق وفك الارتباط بينه وبين الشعب الذي ناصره وألتف حوله في مشهد مفزع لأمريكا وأذيالها فهي لا تخشى الأنظمة الحاكمة بقدر خشيتها من الشعوب القوية المتحكّمة.!
● إذاً ماهي المطلوبات العقلانية للخروج الآمِن والحكيم من هذا المأزق المنصوب بعناية؟
● أولاً: التأكيد على انفتاح السودان وترحيبه بكل المبادرات التي تسعى إلى إيقاف الحرب، وتمسكّه بمنبر جدة وتنفيذ مخرجاته بالكامل دون قيد أو شرط بإخلاء الأعيان المدنية ومنازل المواطنين، وتجريد المتمردين من أسلحتهم على جناح السرعة.
● ثانياً: مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بالتعامل الجاد مع الأزمة السودانية وتسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة عبر تصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية، وقوات متمردة على الحكومة السودانية، وممارسة الضغط عليها وعلى داعميها لضمان إيقاف الحرب، والاعتراف الأمريكي بأن هذه الأزمة شأن داخلي سوداني بحت على غِرار التمرد الأثيوبي الذي تم حسمه داخلياً دون وسيطٍ خارجي.
● ثالثاً: المطالبة بتأجيل المفاوضات إلى موعد آخر يحدد لاحقاً بالتشاور مع الحكومة السودانية حول أجندتها والأطراف المشاركة فيها بعد تنفيذ المطلوبات أعلاه، وأن تكون مفاوضات استسلام وليس اقتسام.
●رابعاً: تفويت الفرصة على حكومة جو بايدن المترنحة أصلاً في تحقيق أي مكاسب انتخابية من خلال مفاوضات سويسرا بعد فشلها الذريع في سياستها الخارجية فيما يلي الشرق الأوسط وعدم تمكنها من القضاء على المقاومة الفلسطينية، وتحرير أسرى الاحتلال، مع المضي قدماً في معركة الكرامة و تجفيف منابع التجسس الخارجي والضرب بيدٍ من حديد على الطابور الخامس المنتشر في جسد الدولة ومؤسساتها انتشار النار في الهشيم، وإنشاء محاكم ميدانية للقصاص الفوري ردعاً للخونة والمتعاونين دون تمييز لأنهم مكمن الداء وأساس البلاء.
● خامساً: توجيه صفعة قوية لأمريكا التي ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنها لا تريد الخير لبلادنا بالتوجه شرقاً ومغادرة البرهان على رأس وفد رئاسي رفيع إلى موسكو وعقد قمة ثنائية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، وتنسيق المواقف معه لاستخدام الفيتو في مجابهة القرارات الغربية واستجلاب السلاح وعقد الاتفاقيات والصفقات، فليس لدينا ما نخشاه بعد هذا الدمار والهلاك – على أن يتم ذلك بالتزامن مع الرابع عشر من أغسطس الجاري نفس اليوم المعلن لمفاوضات سويسرا- ومن شأن هذه الخطوة إرسال العديد من الرسائل في بريد الأعداء والمتربصين وإعطائهم دروساً مجانية عن حنكة العسكريين السودانيين ومعنى السيادة الوطنية المستقلة بقرارها وتحديد أولوياتها بعيداً عن أي إملاءاتٍ خارجية أو تدخلاتٍ غربية.. وخلي أمريكا تشرب ما تروى ..!!
هو دا الكلام الي مفترض يتعمل بلدنا بنحررها بدمانا لك الله يا وطن الجدود نفديك بالارواح نجود وطني
كلنا ثقة في جيشنا ونعتز به وبحبه وإخلاصه للوطن ولا نرضي بغيره بديلا