محمد ضياء الدين يكتب.. التفاوض لا يعني الاستسلام 

0

آن أوان وضع حد ينهي الحرب ويحقق السلام الشامل العادل

لا أحد (عاقل) يريد الحرب من أجل الحرب.

 

بعد أن تجاوزت الحرب عامها الأول، وبعد كل ما خلفته من نزوج ولجوء ودمار شامل على كافة المستويات وعلى نطاق واسع، حتماً ستمتد نتائج الحرب المدمرة لفترات زمنية طويلة، خاصة ما يترتب عليها من آثار إجتماعية ونفسية بإعتبارها الأكثر خطورة من آثار تدمير البنية التحتية، كما ومن نافلة القول التأكيد بأن إستمرار الحرب سيقود بلا شك إلى تهديد وحدة وسيادة السودان .

 

عليه وبالنتيجة ،من المؤكد ليس من مصلحة لأهل السودان في إستمرار هذه الحرب اللعينة ، وبالضرورة لا أحد (عاقل) يريد الحرب من أجل الحرب.

 

إذن ماذا ننتظر لنحقق السلام !!!

الواجب أن نستبق الزمن، آن الأوان لعمل وطنى جاد بحجم المسؤولية الوطنية والمخاطر التى تعترض سبل إنهاء الحرب وتحقيق السلام.

 

التأريخ يقول أن جميع الحروب إنتهت بالإتفاق، فهل نحن فى السودان نمثل الإستثناء !! وإلى متى نحترب !! هل سنضطر أن نقبل السلام المفروض بشروطه (الدولية) بعد فوات الأوان وخراب السودان!! هل سنقبل السلام كما قبله الخميني مضطرا بعد حربه مع العراق التي دامت ثماني سنوات!! حينها كانت الدعاية الإيرانية تدعو لمواصلة الحرب تحت شعار (الحرب الحرب لإزالة الفتنة من العالم) ثم سجل التأريخ مقولة الخمينى الشهيرة *(ويل لى، أنى أتجرع كأس السم، كم أشعربالخجل).

 

كانت ولا تزال هذه المقولة التى جاءت بعد قبوله بقرار مجلس الأمن رقم ٥٩٨ الذى أنهى الحرب العراقية/الإيرانية، لا تزال تعبر تعبيرا عميقا عن ما يختزنه ضمير المتألمين لحظة الفجيعة والهزيمة والتأخر فى إتخاذ القرار الصحيح فى الزمان الصحيح.

 

على الأقل الخمينى شعر بالخجل، فمن يشعر حينها بالخجل!!

هل كتب على الشعب السوداني الإنتظار كل تلك السنوات ليتوصل إلى ذات ما توصل إليه الخمينى، وكم ستكون التكلفة حينها !

 

على وجه السرعة ..يجب

أن تكون معركتنا الحقيقة، هى كيف نحيي الأمل فى النفوس بإنهاء الحرب ووقف الموت والدمار، ذلك بالشروع الفورى في دفع المتحاربين نحو طاولة المفاوضات بدون شروط مسبقة . فالتفاوض يا سادتى لا يعنى الإستسلام أبدا، بل هو الشجاعة بعينها، وهو الكفيل بمنع بلادنا من الإنتحار والإنزلاق إلى المتاهات الأسوأ، فالسلام دائماً يصنعه الشجعان الذين يتفاوضون بصدق وبدون ضغوط وإملاءات، وتكون أعينهم مفتوحة على مصالح الشعب وعلى المخططات التى تتعارض مع مصالح البلاد والعباد.

 

بكل الصدق علينا كسودانيين أن نتجاوز الصعوبات النفسية والعملية التى تدفع بعدم الرغبة فى المفاوضات،فالواجب الوطنى والإنسانى والدينى يفرض على الكل، العمل والدفع لتحقيق السلام وإنهاء الحرب ومعالجة مسبباتها بتشكيل أوسع جبهة لإيقاف الحرب ، ومن ثم إبتدار عملية سياسية تستكمل متطلبات التحول الديمقراطي بقيام نظام سياسى مدنى ديمقراطى يقوم على التعددية السياسية ويحترم حقوق المواطنة على قواعد العدالة والمساواة الإجتماعية.

 

هنا.. لا بد لى من الإشادة بمبادرة بعض الصحفيين من المحسبوبين على الحركة الإسلامية والنظام السابق، وهى مبادرة تدعو إلى التفاوض وصولا إلى وقف إطلاق نار دائم يؤسس لمرحلة إنتقالية، رغم التحفظ على بعض ما جاء فى المبادرة، لكنها بالتأكيد خطوة إيجابية وشجاعة فى الإتجاه الصحيح، حتى لو كانت لها مستهدفات أخرى غير معلنه (لا يهم)، فلتكن مبادرة فلول وكيزان (أيضا لا يهم). يجب أن نعمل بطريقة أفضل من أجل السلام وإنهاء الحرب، على الأقل يجب أن لا نعرقل مساعى السلام فقط لأنها تأتى من الطرف الآخر.

 

أيها السادة

السلام هو أن لا تحارب من يريد السلام .أصنعوا السلام وليس الحرب.

اللهم أحفظ بلادنا من كل شر، وأدم علينا نعمة الأمن والأمان.

 

أمدرمان ٢٤ مايو ٢٠٢٤

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.