السفير عبد الله الأزرق يكتب.. فِكّوا بالله
في اجتماع بمجلس الوزراء، في زمن الإنقاذ، للجنة الحكم والإدارة رأسه الفريق بكري حسن صالح دعوت إلى أن تتبنى الدولة فتَسِن قانوناً “يُجرّم القبلية”.
فالاعتراف بالقبيلة شيء؛ ولكن القبلية Tribalism جريمة.
وقد دعانا الرسول صلّى الله عليه وسلم إلى نَبذِها قائلاً: “دعوها فإنَها مُنْتِنَة”.
يذكرني هذا بموقف الرئيس نميري من القبلية الذي ما كان يجامل في كفاحه ضدها..
كما يذكرني بما قاله لصديقه وصديقي العزيز دكتور أحمد العاص؛ بَلّ الله تُربتهما..
قال العاص: إن النميري قال له: إن من أسباب إخفاقاته أنه قرّب حملة الدكتوراه؛ الذين كان كثير منهم ينافقونه ويكذبون عليه.
والحقيقة هي أن تكاثر معلومات شخص عن موضوع ما لا يعني المعرفة Knowledge والحكمة. فالسبيل إلى المعرفة هو تراكم التجارب والإحاطة الشاملة. وقد قال إنشتاين:
”Information is not knowledge. The only source of knowledge is experience. You need experience to gain wisdom.”
“وجود المعلومات لا يعني المعرفة؛ ذلك أن المصدر الوحيد للمعرفة هو التجربة؛ فالإنسان يحتاج للتجارب ليكتسب الحكمة”.
وقد ذكّرني حديث دكتور الوليد مادبو بإفادة نميري تلك.
فقد بَرز الوليد مادبو طيلة الفترة السابقة متحدّثاً يُنمّق حديثه، متظاهراً بوطنية.
وسأجانب الحقيقة إن قلت: إنني لم أحس بجنوحه القبلي حتى قبل أن يُسفر عن حقيقته في حديثه مع دكتور محمد جلال هاشم.
ومن التابوهات Taboo التي يتجاهلها أكثرنا وحرّمناها على أنفسنا؛ أن كثيراً من متعلمي دارفور قبليين، يمتطون القبيلة، ويضللون أهلهم، ويبتزون بقية السودانيين؛ لتحقيق مآربهم الشخصية للوصول لحكم. ويستوي في ذلك قادة حركات تمرد دارفور إلى هذا اليوم.. هؤلاء كوّنوا مليشيات قبلية؛ لا زالت القبيلة لحمتها وسُداها؛ ثم يبتزوننا بدعوى التهميش.. لكنهم ينسون كل دعاواهم يوم تسنّمهم منصباً.
ما كان الوليد مادبو بدعاً من أولئك القبليين.
كل الفرق أنه كان “كاتم سِرّو”، كما يقول دكتور عشاري، يخادع الناس بحديث منمّق؛ بل هو بنهجه هذا أشد سوءاً وأعظم خطراً من رفاقه الذين أسفروا عن جنوحهم القبلي من أول عهدهم.
المؤسف أن المتعلّم الوليد هبط إلى درك الناظر موسى، الذي لم يدَّعِ تعليماً.
وذلك مآل طبيعي في القبلية.
استوى الوليد مع جنود الجنجويد في كل شيئ.
وانحط لدرك القول باستئصال الشايقية!!
وبهذا يرمز لكل من يسمونهم “الجلابة”.
فالاستهداف عنده يشمل الجميع.
وطفق يردد مثل ببغاوات الجنجويد الحديث عن دولة 56!!! ليؤكد أن “القلم ما بزيل بَلَمْ”!
الأسوأ أن الوليد يهددنا “بالنمر الماسكو” وأنه كان فكاه حنشوف شوف!!
مشكلة هؤلاء القبليين أنهم لا يعرفون أن الشايقية وباقي المكونات في الوسط والشرق والشمال قد اندمجوا وتجاوزوا تلك الروح القبلية الـمُنتنة.
وقد جاء اندماجهم جراء تمدينهم Urbanization.
وقد تعلمنا في علم الاجتماع أن ال Urbanization leads to Impersonalization.
وهم يفسرون هذا الاندماج كمؤامرة عليهم لمرضٍ أصاب نفوسهم.
لقد كان الوليد مرجوّا لدى البعض لكنه سقط.
ولا يزال يواصل السقوط مادام يهددنا بنَمِره الذي يمكن أن يفكّو.
لقد ضاق الناس بمثل ابتزاز الوليد هذا.
ضقنا بأن يهددنا أمثال الوليد بنمورهم.
ولعل مثل هذا السلوك المريض هو ما دفع البعض للدعوة لاستقلال الوسط والشمال والشرق؛ أو إعطاء دارفور حق تقرير المصير.
ليس ثمة دولة تُبنى وبعض ساكنيها يبتز الآخرين بأكاذيب الهامش ودولة 56 وإلّا أطلق عليهم نمره.
وتهديدات الاستئصال التي يطلقها الوليد أشد نكاية، وحجة قوية لمن يدعو للابتعاد عن دارفور.
تعامى الوليد عن كل الفظائع التي ترتكبها المليشيا القبلية، وحاول تصغيرها – تماماً كما فعل قريبه الناظر مادبو -؛ وها هو يفترع فتنة جديدة، مبرراً الفظائع وداعياً للمزيد منها؛ ثم يدعي أنه مثقف!!! وهل ثمة مثقف Tribalist