على أي جانبيك تميل؟
بقلم – فوزي بشرى- على أي جانبيك تميل؟
يتوجب على حكومة البرهان أن تحذر أشد الحذر من اضطراب خطابها ومن تعدد منابره والمعبرين عنه. فغاية (الرباعية) شرعنة (الدعم) ونقله من حالة (تمرد عسكري) إلى (شريك سياسي) أي العودة إلى ما كانت فيه البلاد. لو قبل البرهان بذلك فسيكون مسؤولا عن الحرب بتغاضيه عن مستصغر شررها وكان في الوسع (الاحاطة به) وسيكون مسؤولا عن (دمار البلاد) إذا أصبح على الشعب السوداني يوم رأى فيه وجوه الذين صنعوا مأساته يتصدرون مشهد الخراب.. كأن كل الذي وقع كان فاصلا من (العنف والإثارة) لدفع رتابة الحياة.
هذه الحرب وجودية في أتم معنى للحرب حين تكون متصلة ببقاء الأوطان أو ذهابها، وهي حرب ليست كحرب الجنوب فتلك حرب قامت حول قضايا مبدئية وهي مما يمكن للجلوس والتفاوض بشأنها كما حصل بالفعل ، وهي ليست حربا حتى كحرب حكومة البشير مع حركات دارفور المسلحة فتلك حرب أيضا قامت حول قضايا وأنشأت ما انشأت حولها من أدبيات ظلامات الهوامش وبصفتها تلك فإنها حرب لا تنقصها المسوغات الأخلاقية والسياسية لجلوس أطرافها للتفاوض.
السؤال: علام سيفاوض البرهان الدعم السريع؟
وما هي القضايا التي انتبه الدعم السريع في اليوم التالي للحرب أنه يقاتل من أجهلها؟
وما الذي يزكي الدعم السريع بعد مجازر الفاشر وقبلها مقاتل الجزيرة والخرطوم لتكون للدعم السريع الأهلية ليكون شريكا في صناعة مستقبل البلاد؟
ما هو المشروع السياسي للدعم السريع ؟ أهو تأسيس؟ تأسيس ماذا؟
ما رآه السودانيون رأي العين أن (تأسيس) هي مشروع لتأسيس الرعب والخوف والدمار والهيمنة وكسر إرادة الشعب السوداني ومن ثم فرض سلطة عليه لا علاقة لها بالديمقراطية والحكم الرشيد وكرامة الإنسان السوداني.
الحرب التي تقف وراءها دول ليس لها كسب يوم واحد في الديمقراطية هي حرب لحيازة (موارد السودان) لصالح الذين يتبنون (الدعم السريع) ويدافعون عنه تؤلمهم كل إدانة له لأنه سيكون (الوكيل الحصري) لإدارة هذه المصالح.
إن أي محاولة لإدخال (الدعم السريع ) في بنية الدولة السودانية سياسيا وعسكريا هي وصفة لحرب أو حروب مؤجلة ستقضي على ما تبقى من الدولة السودانية.
أما السلام الحق الذي يجبأن تفضي إليه الحرب فهو السلام الذي تصنعه (الشعوب السودانية ) بتعبير عبد الواحد محمد نور. سلام يتم عبر مداولات صبورة وصادقة بين كل أقاليم البلاد ودون وصاية إقليمية أو دولية حتى يتوصل السودانيون إلى التصور الأفضل لدولتهم الحديثة.
إن البرهان أمام لحظة تاريخية مفصلية في حياته التي من سوء أقدار الشعب السوداني أن مصائره ارتبطت بها. إنه يقدم رجلا ويؤخر أخرى في قضية الحرب وما يسمى (بالمفاوضات). والحياة ليست دائما بالسخاء الذي يمنح المرء فسحة في الوقت للمراوحة بين (نعم ) وبين (لا). فما كان في وسعك اختياره أو رفضه قد يقع عليك أخذه أو رفضه إكراها، واذا صح ذلك في خاصة شأن المرء فإنه في حياة الشعوب والأمم يكون ذلك خذلانا وخسرانا مبينا.
إن اللحظات الاستثنائية والمصيرية في مسيرة الأمم حين تكون في شأن بقائها أو ذهابها تتطلب قادة استثنائيين.
فكن يا سيادة الفريق ذلك القائد أو تنحّ مفسحا مفسحا المجال لغيرك ممن يستطيع أن يجمع هذه الأمة المبتلاة في ساعة كربها هذه على موقف واحد ثابت. قائد قادر على استفزاز طاقة المقاومة والمواجهة بخطاب لا يقبل التأويل في وصف من العدو ومن الصديق، ولا يشيع المواقف الضبابية أو يترك الشعب ضحية للتسريبات والإشاعات أو البيانات الحكومية التي لا تقول كل شيء.
لا تستطيع ان تخوض حربا بتصورات (باطنية) لا يعلم عنها الشعب شيئا.
لن تستطيع ان تخوض حربا وأنت لا ترغب في إشراك الشعب عبر (برلمان انتقالي) يكون شريكا في صناعة القرارات التي تتصل بصميم شؤون الناس: حياتهم أو موتهم.
لن تستطيع أن تخوض حربا وأنت تتخلص من كبار الضباط المشهود لهم بالكفاءة والحنكة والوطنية فقط لأن (قمة الجيش المزدحمة بالرتب الكبرى) تقتضي ( الإزاحة) لزوم افساح المجال أمام حركة الترقي. إن ما يصح في زمن السلم لا يصح في زمن الحرب. والشواهد تقول من قائد عسكري تم إرجاعه يوم كريهة وسداد ثغر.
لا أحد يطلب الحرب لذاتها ولكن الحرب – ليست كل حرب- قد تكون ضرورة حياة حين تدفع شرا لا سبيل لدفعه بغيرها. إن الحرب لمما يكره الإنسان ولكن عسى أن تكرهو شيئا وهو خير لكم. فنصف تاريخ البشرية غيرته الحروب ونصفها الآخر غيرتها الاكتشافات. ومسيرة التاريخ الإنساني بيان في قصص من ذهب ومن بقي.
			
				
											