هل الاتصالات هي السبب في سقوط الفاشر؟

0

بقلم- أحمد عمران-سقوط الفاشر.. ضعف الاتصالات أم غياب التقنية الحديثة؟

في حديثه الأخير، اتهم أركو مناوي حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان أجهزة مخابرات خارجية – لم يسمّها – بالتدخل المباشر في معركة الفاشر، عبر تعطيل الاتصالات بين القوات المقاتلة وغرف القيادة.

 

معتبراً أن سقوط المدينة لم يكن نتيجة تفوق ميداني، بل بفعل دعم خارجي ممنهج. وهو كلام صحيح جزئياً، لكنه لا يروي القصة كاملة. فالمعارك الحديثة لم تعد تدار بالوسائل التقليدية للاتصالات فقط، وإنما أصبحت تعتمد بشكل متزايد على نظم رقمية متطورة، وتحليل بيانات في الزمن الحقيقي، وقدرات على التنبؤ بالحركة المستقبلية للقوات.

 

القوات المسلحة السودانية لا تنقصها الشجاعة والخبرة، فلديها قادة وأفراد شجعان، ومؤهلين، ممن تلقوا تدريبات عسكرية متقدمة، وما حصل في الفاشر لا يقلل من مهارتهم أو من استعدادهم القتالي. لكن المعارك اليوم تتطلب أكثر من الشجاعة والخبرة؛ فهي تتطلب القدرة على دمج التقنية الحديثة في كل جوانب القيادة والسيطرة، من الاتصالات، إلى المراقبة، إلى التنسيق بين الوحدات المختلفة.

 

بطبيعة الحال لا يمتلك الطرف الآخر وهو الجنجويد، معرفة بالتقنية الحديثة فهم أبعد ما يكونوا عنها، وبالتالي لا يمكن أن ينسب سقوط الفاشر لهم، ولكن السبب الحقيقي هو وجود قوى داعمة من خارج الحدود، تستخدم خبراء ومرتزقة لديهم معرفة بتسخير الذكاء الاصطناعي والأنظمة الرقمية لإدارة المعارك من بعيد، وتوجيه العمليات بشكل محكم دون ظهورهم مباشرة على أرض المعركة.

 

وهنا تظهر الرسالة الأهم: التدريب العسكري وحده لم يعد كافياً في عالم اليوم. لابد من الاهتمام بالبنية التقنية، وتحديث أنظمة الاتصالات، والاستفادة من أدوات المراقبة الرقمية والطائرات بدون طيار، وتدريب القادة والضباط على تحليل البيانات وإدارة المعارك الرقمية.

 

سقوط الفاشر يسلط الضوء على حقيقة أن المستقبل العسكري يعتمد على الدمج بين الشجاعة والخبرة والتقنية الحديثة. القوات المسلحة السودانية تملك الشجاعة الكافية والخبرة الطويلة، وحان الوقت لتعزيز ذلك بالعنصر الثالث المتمثل في دمج التقنية الحديثة. الاستثمار في التقنية لم يعد خياراً، بل ضرورة للمحافظة على الجاهزية والردع في المعارك الحديثة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.