بقلم- محمد مصطفى محمد صالح- الهجوم على بارا هو هجوم دفاعي وان اخذ طابع الهجوم للسيطرة على بارا، فقد نفذ الجيش اليوم أحد أذكى أنماط المناورة الدفاعية التحولية في مسرح عمليات كردفان، حين تعمّد عدم التحرك الاستباقي نحو مناطق سودري وأم بادر وجبرة الشيخ، رغم علمه التام بتكدّس وحدات المليشيا فيها، واختار ما يُعرف في العقيدة العسكرية ب(الانتظار الاستراتيجي) ، وهو نمط من العمليات يتجاوز رد الفعل المباشر، ليحوّل التهديد إلى فرصة عملياتية كاملة.
ما حدث اليوم في بارا هو تنفيذ محكم لهذا المفهوم، حيث سمح الجيش بمرور القوة المهاجمة من تلك المحاور حتى وصلت إلى تخوم بارا، ثم تم استدراجها إلى مناطق مكشوفة ومحاصرتها والقضاء عليها بضربات دقيقة ومدروسة. هذه العملية لم تكن ارتجالاً، بل كانت تمهيدًا لتكتيك أشد وقعًا (قبلة المامبا)، وهي تكتيك هجومي مفاجئ يتم تنفيذه عقب امتصاص الهجوم، ليحوّل الدفاع إلى هجوم خاطف ومميت يستهدف العمق العملياتي للعدو.
الجيش السوداني، عبر هذا التسلسل المنضبط، أثبت أن المعركة ليست فقط صراع ذخائر ومعدات، بل حرب عقول وتحليل زمني وميداني دقيق.
القوات المسلحة لم تندفع نحو المناطق التي كانت المليشيا تتحصن بها بكثافة، بل تركت عناصر العدو تتقدم في مسار مكشوف، لتُستهلك وتُضرب في موضع تحدده القيادة العسكرية، ثم تستغل تلك الضربة في تنفيذ اختراقات عميقة تُعيد رسم خارطة السيطرة في المحور بأكمله النجاح
تنفيذ هذا النمط يعكس أن الجيش بات لا يدير المعركة من منطلق رد الفعل، بل من موقع الفعل المسبق، والتخطيط على مستوى ما يُعرف بـ(إدارة الاندفاع المعاكس) ما يعزز من احتمالية انتقاله القريب إلى المبادرة الكاملة في جبهات كردفان الكبرى، بارا الان بيد المليشيا نعم ولكن غدا كل إقليم كردفان سيكون في يد الجيش والأيام مفصليه
