أسامه عبد الماجد يكتب.. في انتظار سلفاكير
¤ غض النظر عن هوية قتلة الجنوبيين بولاية الجزيرة.. فهي جريمة بشعة ومرفوضة حتى لو جاءت انتقاماً على مشاركتهم كمرتزقة الى جانب مليشيا الباغي الشقي حميدتي.. فانها بكل حال حادثة معزولة وليست عملا منظمًا يرقى الى درجة أخذ الحق باليد قادته مجموعات متفلته في دولة الجنوب.. قامت بالاعتداء على سودانيين ابرياء بجوبا ومدنا اخرى.. وقبلها لم توفر تلك المجموعات الغاضبة – او المدفوعة من قبل جهات لتعكير صفو الامن في جوبا – إجابة مقنعة لأسئلة على شاكلة ما سبب وجود الجنوبيين في الجزيرة التي هجرها أهلها أصحاب الحق !! وماذا كان يفعل أولئك الأجانب ؟!.
¤ حال تجاوزنا تلك الأسئلة المهمة.. مع العلم ان مرتزقة – والمرتزق ما عنده وطن ، على وزن المجرم ما عنده قبيلة – كما ظل يخدعنا حسبو محمد عبد الرحمن – فان مرتزقة من عدة دول يقاتلون الى جانب مليشيا حميدتي.. بينهم جنوبيين، وابلغ البرهان، سلفاكير بالأمر وكذلك وضع مدير المخابرات احمد مفضل في زياراته الى جوبا.. المعلزمات على طاولة نظيره اكول كور ” قوش الجنوب” ونقل مفضل ذات القلق الى خليفته أكيج تونق سواء في جوبا او عند استقباله له ببورتسودان.
¤ اما المستشار الأمني السابق للرئيس سلفاكير ، توت قلواك هو اكثر شخص يعلم ادق التفاصيل حول هذا الملف المسكوت عنه.. لكن نكرر ان هذا لا يبرر عمليات القتل الوحشية التي تعرض لها الجنوبيين بالجزيرة.. بيد ان مايهمنا بعد الذي حدث، المواقف الرسمية التي اتسمت بالعقلانية والموضوعية في كلا البلدين.. بداية من الحكمة التي تحلى بها الرئيس سلفاكير واثبت انه كبير القوم.. خلال البيان الذي القاه عشية امس.. بدعوته لمواطني بلاده إلى التزام الهدوء والامتناع عن الانتقام وعدم استخدام العنف.
¤ واظهر كير سعة افقه في قوله “من الأهمية بمكان ألا نسمح للغضب والعواطف بأن تعكر صفو حكمنا وتتحول ضد إخوتنا وأخواتنا السودانيين”.. وخرجت وزيرة الداخلية الجنوبية السيدة انجلينا تينج – زوجة مشار – ودافعت عن السودانيين ببلادها وقالت ” كلام العقل” : (إن السودانيين في جوبا لم يرتكبوا جرائم ود مدني).. وهددت بفض اي تجمهر بعد الآن بواسطة الشرطة.. وردت الحكومة السودانية التحية بافضل منها.. عبر بيان متزن من وزارة الخارجية، اشادت من خلاله بحكمة سلفاكير.. واطمئنانها بان ماحدث سحابة صيف ولن تؤثر في مسار علاقات البلدين.
¤ وخرج صديق الجنوبيين، نائب الرئيس مالك عقار.. وطالب بعدم السماح باخذ الحقوق بقوة اليد.. رغم ان عقار وكذلك سفير السودان بجوبا عصام كرار وقعا في خطأ فادح.. عندما اعتبرا ان لجنة تقصي الحقائق التي وجه الرئيس البرهان بتشكيلها والخاصة بحادثة (الكنابي) ، لا صلة لها بعمليات مقتل الجنوبيين.
¤ ان اخواننا الجنوبيين اكثر من غيرهم ومنذ ان كان يجمعنا (سودان المليون ميل).. يدركون ان السودانيين لم يأخذوهم يوما بجريرة ألآخرين.. ففي احلك الظروف وعندما كانت الحركة الشعبية الجنوبية بقيادة جون قرنق تقاتل الجيش السوداني.. لم نسمع ان شماليا – حينها – فقد عزيزا لديه بالجنوب او اعتقلت قوات قرنق احد اقاربه.. اقتص من جنوبي بالخرطوم او في أي مدينة بالسودان وأخذ حقه بقوة اليد.
¤ وعند مصرع جون قرنق في 2005.. ورغم ان الحادثة وقعت خارج السودان، غضب جنوبيين ، وقتلوا شماليين ونهبوا وحرقوا محال تجارية.. وتدخلت الشرطة وقامت بحفظ الأمن.. وفي اليوم التالي لما عرف بالاثنين الاسود.. واصلت الشرطة دورها وقامت بحماية الجنوبيين من ردة فعل شماليين.. وتم طي الصفحة، وعندما احتلت دولة الجنوب منطقة هجليج بغرض خنق السودان اقتصاديا، استرد الجيش المدينة وتناسى السودانيين ماحدث.
¤ وعندما تقاتل سلفاكير مع نائبه مشار حول السلطة.. لم يجد الجنوبيين الفارين من الحرب مكانا يأويهم مثل بلدهم الثاني السودان.. بل ان المشير البشير – الله يطراه بالخير – وجه بمعاملة اللاجئين، معاملة المواطنين.. ولم يتوقف عند تلك المحطة واجتهد ووزير الخارجية د. الدرديري محمد احمد في وقف الحرب الجنوبية.. وتكللت المساعي بنجاح باهر.. عبر اتفاق سلام الخرطوم في يونيو 2018.
¤ الشاهد ان عمليات ممنهجة تستهدف امن واستقرار السودان واحداث الوقيعة بين شعبه وحكومات وشعوب دول الجوار.. يتم الترويج في مصر ان السودانيين يتاجرون في العملة بغرض اثارة حفيظة السلطات المصرية تجاههم.. وفي اثيوبيا تحاول جهات زرع مشاعر كراهية تجاه السودانيين كما رسخت مشاعر العنصرية تجاههم من قبل الجنوبيين.
¤ ان احداث اليومين الماضيين سواء في الجزيرة او جوبا او مدنا أخرى بالجنوب.. ينبغي ان توظف من القيادة في تقوية علاقات البلدين وخاصة من الجنوب الذي عليه قراءة الاوضاع بعين ثالثة.. وقد تضرر من الحرب السودانية بشكل كبير واصيب بالشلل جراء توقف ضخ النفط.. ولنحو عام ويزيد قليلا لم يتلق العاملين بالدولة رواتبهم.. وكان هذا الملف يتصدر اجندة زيارات البرهان الى جوبا.. حتى نجح الرئيسين وبعزيمة قوية في معالجة الأمر.. لادراكهما ان استقرار الجنوب من استقرار السودان والعكس.
¤ ومهما يكن من امر.. حان وقت التغلب على الصعاب.. وننتظر زيارة محبة وود من سلفاكير الى بورتسودان قريباً جداً.
osaamaaa440@gmai.com