إبراهيم الميرغني يكتب.. مخطط تقسيم السودان.. رسالة إلى القوى المدنية والشعبية
إن ما تقوم به مجموعة بورتسودان من أفعال وسلوكيات تقطع شكّ الظن بيقين التجربة، أنها تعمل وفق خطة مرسومة لتقسيم السودان، وهم أصحاب سوابق معروفة تؤكد ذلك منذ تدمير و فصل الجنوب، حتى يستتب لهم حُكم الشمال، ولهم نظريات معروفة، لم تبدأ بالمثلث الشهير ولن تنتهي بدولتي النهر والبحر، لأن السودان الكبير الذي نعرفه هو أكبر من قدرتهم على السيطرة لذلك، فهُم يفضلِّون سودانًا صغيرًا على قياسهم.
يجد المُتابع لكافة القرارت والسياسات التي تصدر عن هذه المجموعة، أنها تتسق مع تصوُّراتهم لتقسيم السودان من “الاستغلال المُخجل” لمبدأ سيادة الدولة وسلطاتها، والتحكم بمرور المُساعدات الإنسانية ونهبها، ومنع لجان التحقيق الأُممية، حتى لا تتكشف الحقائق إلى انتهاك الحقوق الأساسية الدستورية بمنع الغذاء والدواء والتعليم والاتصالات والأوراق الثبوتية والنقدية عن ملايين السودانيين لاعتبارات عرقية وجهوية وسياسية “قانون الوجوه الغريبة”، وليس انتهاءً بقصف المدن والتجمعات السكانية منذ اليوم الأول للحرب بأسلحة مُحرّمة دوليًا، وتدمير البنية التحتية للدولة، بهدف خلق مناطق خالية من السكان، ناهيك عن فتح الحدود للجماعات المتطرفة من كل أنحاء العالم، لتحويل السودان قاعدة للتطرف والإرهاب، في محاولة ساذجه لابتزاز المجتمع الدولي والإقليمي ومقايضة “الاعتراف” مقابل الاستقرار.
إن عُقدة الهروب من الخرطوم عاصمة السودان ظلت تلازم هذه المجموعة وتشكل لها أزمة نفسية، تدفعها لإنكار الواقع المزري الذي صار إليه أهل السودان، ومحاولة صنع واقع افتراضي عبر وسائل التضليل الإعلامي، لكن الحقائق على الأرض وإرادة القوى الشعبية والمدنية الحية قادرة على إزالة تلك الأوهام، لكن يتوجب عليها أولاً أن تنتقل من مرحلة الأقوال والنظريات إلى مرحلة الفعل الحقيقي على الأرض، وأن تتعلم من تجارب الماضي، وفي مقدمتها تجربة الجبهة الوطنية في السبعينات، وتجربة التجمع الوطني الديمقراطي في التسعينات “أكبر تحالف سياسي وعسكري في تاريخ السودان” بقيادة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني والإمام الصادق المهدي والدكتور جون قرنق دي مبيور ورفاقهم، والذي امتلك كل وسائل القوة والقدرة السياسية والعسكرية والدعم الدولي، ولكنه تراجع عن استرداد الشرعية الانتخابية التي انقلبت عليها الجبهة الإسلامية القومية عام ١٩٨٩م بإعلان الحكومة الشرعية وخضع لابتزاز ودعاية الانقاذ خوفاً على السودان من التقسيم ولكن ماذا كانت النتيجة!؟ ، تفرّق التجمع الوطني، ووقّع جميع قادته اتفاقيات ثنائية مع الإنقاذ أدّت لانفصال الجنوب واشتعال دارفور، وشكّلت بداية الانهيار للدولة السودانية الحديثة والذي اكتمل بحرب ١٥ ابريل .
إن ما يجب أن تعيه قيادة الجيل الحالي أنها استنفذت كل الوسائل الممكنة لمنع اندلاع الحرب، ووقفها بعد ذلك، وإن شعار “لا للحرب” يحب أن ينتقل من مجرد وسم “هاش تاق” على وسائل التواصل الاجتماعي إلى عمل حقيقي، لأجل الناس وبينهم وعلى
أرضهم .