فيما ارى- عادل الباز- مأزق التقدميين إلى الخلف!!.
1
الآن تقدم في مأزق.. ولا تعرف ماذا تفعل.. وهو مأزق من صنع يديها ومواقفها وحرصها على احتكار الفضاء السياسي، الشيء الذي أفضى بها إلى ماوصلت إليه الآن؟
ما هو المأزق وإلى أين وصلت؟.
2
الأسبوع الماضي دعا بن شمباس رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى دعا لحوار سوداني/ سوداني لا يستثني أحداً (ركزو معي في لا يستثني أحداً دي) وبعث بدعوته إلى العديد من الكيانات السياسية، فدعا أشخاص 4 من (تقدم) لهذا الحوار و(4) من الكتلة الديمقراطية بما فيها الحركات المسلحة كما دعا آخرين مثل حزب الأمة جناح السيد مبارك الفاضل والحراك الوطني / التجاني السيسي وغيرهم. إلا أن السيد شمباس لم يتوقف هنا فلقد دعا إثنين من عضوية المؤتمر الوطني / الإسلاميين باعتبار أن الحوار شاملاً. والحقيقة أن بن شمباس لم يفعل ذلك وحده فلقد تلقى دعماً من أغلب الفاعلين الدوليين وأصبحت أنشودة الحوار الذي “لا يستثنى أحد” على لسان الجميع ماعدا (تقدم) وهنا يكمن المأزق الأول.
3
أما المأزق الثاني فجاءها من ناحية المصريين الذين دعوا خلال هذا الشهر إلى ملتقى سوداني “لا يستثني أحداً” أيضاً…ولكن تقدم التي خافت أن ترفض مبادرة المصريين حاولت أن تحتال على مصر.. ولكن على مين؟ قالت تقدم للمصريين إنها قبلت الدعوة ولكنها تقبل بالمشاركة في المؤتمر إذا ضم فقط الذين وقعوا على الإطاري والحركات المسلحة لا غير… فضحك المصريون عليهم وقالوا لهم إذا كنا نرغب في إطار جديد كنا أيدنا الإطاري القديم.!!.
4
الورطة التي هم فيها الآن أنهم إذا قبلوا دعوة بن شمباس أو المصريين فإن الملعب السياسي يكون قد انفتح عن آخره وأن العملية السياسية التي ظلوا يتحدثون عنها ستشمل آخرين وهم كثر وبهذا ستصبح (تقدم) لاعباً متقزماً ضمن طيف واسع من اللاعبين الآخرين الذين تتباعد أجندتهم عن أجندتها وهنا يكمن مأزق السادة التقدميين فلقد دخلوا في فضاء الإغراق .. أغرق العملية السياسية التي طالما رفضوها وأنكرو على كل الآخرين مشاركتهم فيها بتبني الحجة الغبية (الإغراق). لقد جاءهم الآن الغرق من كل الاتجاهات.. من الاتحاد الأوروبي الذي يفاوض الإسلاميين حالياً ويقبل بهم لاعباً ضمن العملية السياسية ومؤتمر بن شمباس ومؤتمر المصريين كلو إغراق.. فأين المفر… كلا لاوزر!!.
3
المأزق الأنكا أنهم صحوا من غيبوبتهم ليجدوا العالم كله يهرول نحو لقاء الإسلاميين ويقبل بهم لاعب أساسي في المؤتمرات والمفاوضات سيجدون بعد أيام قلائل أنفسهم وجهاً لوجه في مائدة واحدة مع الإسلاميين في حوار لا يستثني أحداً؟ فماذا هم فاعلون؟.
خيارين أمامهم ..إما أن يرفضوا كل الدعوات ويوصلوا غبائهم وإصرارهم أن يحتكروا هم وحدهم العملية السياسية باعتبارهم ممثلين لكل السودان محتكرين للثورة، وتلك أوهام لابد أنها انقشعت الآن.
الخيار الثاني أن يتواضعوا قليلاً ويقبلون بالآخرين أو ما كانوا يسمونهم بالفلول ويقبلوا (بالإغراق) ويعترفوا بأنهم جزء من المسرح السياسي لتتبدد كلياً أوهام احتكار السلطة.(هناك أصوات الآن تطالب بإقصاء تقدم تماماً من المسرح السياسي باعتبار أنهم شركاء في جرائم المليشيا حليفتهم.) ونتيجة الخيارين، إذا رفضوا الإغراق غرقوا هم وانعزلوا عن الفعل المؤثر وستمضي العملية السياسية من دونهم أو قد تتعطل بواسطة حلفائهم في بعض دوائر الغرب التي استثمرت فيهم وفي كلا الحالتين سيخسرون وستصيبهم الحسرات على ما أضاعوا من فرص، فلو أنهم قبلوا بالإغراق وقت الإطاري لكان موقفهم متقدماً وكريماً أدى لفتح الأفق لكل السودانيين وسمح لهم بالمشاركة في بناء وطنهم ولكنهم صموا آذانهم واستشغوا ثيابهم فحاق بهم كانوا يحذرون.
4
سألت صديق من (تقدم) عن ورطتهم هذه فأكد لي أنهم في ورطة ولم يتفقوا على أي مخرج منها حتى الآن والوقت يحاصرهم ففي غضون شهر سيعقد مؤتمر بن شمباس وكذلك المصريين.
قلت له نعم ياصديق هذه ورطة ولكن تنتظركم ورطة كبرى. وقصصت عليه قصة الذئب والثعلب، قالوا إن ذئباً ذات مساء هجم على زريبة بهائم فأكل منها حتى انتفخت بطنه وثقل في المشى وبينما هو يهم بالخروج من الزريبة هطلت أمطار غزيرة فغاصت رجليه في الطين وتوقف عن الحركة حينها ظهر الثعلب ضاحكاً فطلب الذئب منه أن يساعده.. فواصل ضحكة ثم كرر الذئب طلبه قائلاً “ساعدني فأنا في ورطة”… فقال له الثعلب لا..لا أنت ليس في ورطة الآن ورطتك غداً صباحاً حين تشرق الشمس وينشف الطين وتثبت رجليك بداخله ويجتمع الناس فيشاهدوك في منظرك هذا.. فذلك هو أوان ورطتك.
قلت له يا صديق ورطتكم ليس الآن ولكن ستدركونها حين تستقر البلاد وتشرق شمسها وييبس طين فعايلكم في الرجلين ويجتمع الناس في الانتخابات.. يومها هو يوم ورطتكم الكبرى… وياله من يوم…يوم تسود فيه وتبيض وجوه وترى يومئذ وجوه ترهقها قترة وأخرى ضاحكة مستبشرة. ويل لكم من ذلك اليوم؟