أبوظبي.. اللعبة الكبرى – إخوة الشيطان – عيال زايد

0
أبوظبي.. اللعبة الكبرى (2)- إخوة الشيطان – عيال زايد- كيف تآمر وأوقف منصورين زايد صفقة (شنعان) وحطم حلم أخيه بواسطة حميدتي
حرب السودان .. الوجه الحقيقي لصراع القوى الكبرى الخفي على البحر الأحمر
كتبت – نسرين النمر- في المشهد الدولي المضطرب، والمشهد الإقليمي الأكثر اضطرابًا، تتبدّى شخصية الشيطان في هيئة ذلك الطامح إلى السيطرة بأيّ ثمن، يستخدم النفوذ سلاحًا، والفوضى أداة، والتدمير طريقًا مختصرًا نحو أحلامه المظلمة.
لا يكتفي بتقويض الدول واختراق مؤسّساتها، بل يسعى إلى إخضاع الإرادة العامّة للشعوب، معتقدًا أن الخراب والفوضى هما أسرع السبل لترسيخ سلطانه وجنونه.
إنه نموذج سياسي لا يعرف حدودًا، يرى في الفتنة قوة، وفي الاستبداد حقًّا، وفي انهيار الدولة فرصة للصعود. لذّته قتل الأبرياء، وجنوده ميليشيات ومرتزقة وسياسيون خونة، سيكتب التاريخ أثرهم عارًا ودمًا، وسيمحوه انتصار شعب لا يعرف المستحيل.
خَدَمُ الشيطان.. صُمود وشاكلتها
أما أدوات الشيطان وأعوانه، فهم أولئك المغفَّلون، الماضون في نهجه بلا رؤية ولا وعي؛ لا يملكون من أمرهم شيئًا، ولا يدرون أنهم مجرّد أدوات تُستهلك في مشروع لا يعرفون غاياته. يطيعون لأنهم لا يستطيعون غير الطاعة، ويسيرون لأنهم عاجزون عن الوقوف.
يأتي خطابهم حاشدًا بالوطنية، مشبَعًا بادّعاء الطهارة والنقاء؛ يحدثوننا عن الحرب ومآسيها، و«واجب» إيقافها، وعن صراع الجنرالين والإسلاميين، وعبقريّتهم في اكتشاف مَن أطلق الرصاصة الأولى! خطابٌ خاويٌ كعقولهم التي لم تمسّها فكرة، ولم يختبرها نور أو اتساع أفق.
(أبوعمامة.. شنعاب).. للدم بقية
لم يعد البحر الأحمر ممرا مائيا تمرّ عبره أكثر من 15% من التجارة العالمية فحسب، بل تحوّل إلى ساحة صراع جيوسياسي بالغ التعقيد، تتداخل فيه المصالح الاقتصادية والعسكرية معًا.
صُنِع نظام أبوظبي وصُمّم ليكون وكيلًا إقليميًا لسيطرة القوى الكبرى التي تقود صراع النفوذ في هذه المنطقة الحيوية من باب المندب جنوبًا إلى قناة السويس شمالًا. قوى دولية اتخذت نظام أبوظبي أداة، يحقق هو بعض أحلام شيطانه، وتظفر هي بالكثير دون كلفة أخلاقية أو إنسانية أو سياسية.
وجد نظام أبوظبي فرصته الذهبية في السودان عقب ثورة ديسمبر التي أدت إلى سقوط نظام الإنقاذ، بعد أن ضمن ولاء ميليشيا «الدعم السريع» وقائدها، واخترق المشهد السياسي الداخلي ليعيد هندسته بما يتوافق مع رؤاه.
وسرعان ما شرع في تنفيذ خطط الاستيلاء على الموانئ السودانية. وبالرجوع إلى تاريخ قريب، نجد محاولاته السابقة للسيطرة على ميناء بورتسودان، والتي أدت حينها إلى توترات واحتجاجات عمالية وشعبية رافضة للخطوة.
لم يقف الشيطان عاجزًا، فحيله تتجاوز الرفض الشعبي والرسمي. لجأ إلى منطق الاستيلاء بالقوّة، فعمل على شراء مساحات واسعة من الأراضي على ساحل البحر الأحمر، وزيّن لقائد الميليشيا فكرة تشكيل قوة بحرية وإنشاء قاعدة عسكرية لها فيما عُرف بـ«قاعدة الدعم السريع البحرية»، وعيّنه على منطقة واحدة دون غيرها: شنعاب.
والعارفون بجغرافيا البحر الأحمر يدركون أهمية هذا الخليج الاستراتيجية البالغة، وقد تحدّثت تقارير عدة حينها عن تحركات قوات الدعم السريع في المنطقة، وبعضها متاح بتفاصيل عن الأشخاص والمواقع.
أبوعمامة أم شنعاب؟
لم تتبدّل الخطة ولا المواقف، ربما تبدّل الأشخاص فقط. بعدها خرجت الأخبار تحمل نبأ التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين حكومة السودان ومجموعة موانئ أبوظبي وشركة «إنيفكتوس» المملوكة لرجل الأعمال السوداني أسامة داؤود، يمنح التحالف حق تطوير وإدارة وتشغيل المنطقة الاقتصادية بـ«أبوعمامة»، بما يشمل الميناء والمنطقة الحرة والمطار الدولي ومشروعا زراعيا ضخمًا، إلى جانب طريق بري يربط الميناء بمنطقة أبوحمد حيث المشروع الآخر بشراكة «دال» وشركة أبوظبي للخدمات المتكاملة.
وهنا تبدأ قصة أخرى.. قصة شنعاب التي لم تُروَ.
نكشف النقاب عن فصولها، علّنا نتجاوز محاولات طمس حقيقتها. فبينما كان محمد بن زايد يجتهد في إتمام الصفقة وتوقيعها، كان هناك مَن يحرّض على خلق توترات وعقبات، وإثارة المجتمع المحلي تجاه الصفقة، مستخدمًا قائد الميليشيا في التنفيذ، الذي بذل جهدًا كبيرًا في دفع الأموال وإغداقها على الزعماء المحليين، بل أصرّ على أدائهم القسم منعًا لخروج سره العظيم.
فمن يقف وراء مخطط التحريض والفوضى؟
المفاجأة: إنه منصور بن زايد نفسه!
الأخ يطلب سرا عرقلة خطة أخيه.
لنعد إلى خبر آخر: استيلاء قوات من الجيش السوداني على منطقة شنعاب وإقامة ثكنات مؤقتة فيها. هذا التحرّك أغضب قائد الميليشيا وفرض عليه التحرك فورًا.
عقد اجتماعًا مع مستشاره الموثوق، وكلّفه بمهمة حل المسألة والضغط على الرئيس البرهان لحثّه على الموافقة.
ثم عُقد اجتماع ثانٍ ضمّ قائد الميليشيا ومستشاره وشخصية مقرّبة جدًّا من البرهان. وهناك أدرك حميدتي أن الاجتماع بلا جدوى، وأن الجيش لن يسحب قواته من شنعاب ولن يسلّمها للدعم السريع بأمر من الرئيس، فقال غاضبًا في نهاية اللقاء:
«إن لم يوقّع رجلكم ويسحب قواته، سأجلس مكانه وأوقّع».
وما زال البعض يبحث عمن أطلق الرصاصة الأولى، بينما الحقيقة أنها انطلقت قبل الخامس عشر من إبريل، ويبدو أنها لم تستقر بعد.
ظنّ نظام أبوظبي أنه رتّب كل شيء، وأنه سيظفر بكل شيء:
قوة عسكرية تُوازي الجيش الوطني وتتجاوزه عددًا، وسيطرة على موارد الدولة وثرواتها من معادن، ومشروعات زراعية تضمن غذاءه وعلفه، وغطاء سياسي بحلفاء يتحكّم في مصائرهم.
إنه السودان العظيم.. مفتاح وقلب مشروع السيطرة على المنطقة والإقليم. وخسارة معركته ستكون كارثة بالنسبة لهم. ومن البحر الأحمر انطلقت رصاصة الحرب، وبدون شك.. عنده ستستقر.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.