نقل القيادة العامة لـ”الجيش السوداني”
كتب- إبراهيم عدلان- تحت عنوان “مطار الخرطوم بين غابات الأسمنت والسلامة الجوية ومقترح نقل القيادة العامة للجيش” قائلا: تمثل السلامة الجوية حجر الزاوية في تشغيل أي مطار دولي، وتُبنى على أساسها المعايير الهندسية والملاحية في تخطيط وتشغيل المطارات.
كما ترد بتفصيل دقيق في الملحق 14 من اتفاقية شيكاغو الصادرة عن منظمة الإيكاو. ومن أهم تلك المتطلبات وجود ما يُعرف بـ “الـ Clearway” و**“منطقة الصعود Climb-out Area”** في نهاية كل مدرج، وهي فضاءات خالية من العوائق، تُمكّن الطائرة من الإقلاع أو التوقف بأمان في حال الطوارئ. كما تُحدد هذه المعايير ارتفاعات المباني حول المطار وفق أسطح متخيلة مخروطية الشكل تُعرف باسم:
• Inner Conical Surface
• Outer Conical Surface
وتُحسب هذه الارتفاعات انطلاقًا من أعلى نقطة في المدرج وتمتد إلى الخارج، بهدف حماية المسارات الرأسية للأداء الجوي.
غير أن مطار الخرطوم، ورغم أهميته كمنشأة سيادية وشريان وطني للنقل الجوي، يُعاني من تمدد عمراني فوضوي حوله، يتمثل في بُنى مرتفعة داخل مجالات الإقلاع والهبوط، منها:
• مباني سكن الشرطة خلف السجن العمومي (كوبر )
• مبنى مستشفى الجيش الجديد
وهي تقع تحديدًا في فضاء الإقلاع الشمالي لمدرج 18، وتُعيق قراءات الأجهزة الملاحية الحساسة، خصوصًا نظام الهبوط الآلي (ILS)، مما يُعرّض عمليات الطيران لمخاطر تشغيلية جسيمة.
الجدير بالذكر أن سلطة الطيران المدني السوداني كانت قد اعترضت رسميًا على هذه الإنشاءات منذ بدايتها، إلا أن اعتراضها قوبل بالتجاهل الكامل، في مخالفة صريحة لنصوص القوانين الوطنية واللوائح الدولية التي تُلزم الدول بحماية أجواء المطارات من أي عوائق تؤثر على سلامة الطيران.
هذه التجاوزات تترتب عليها تهديدات جسيمة، منها:
• إعاقة مجالات الإقلاع والهبوط الآمن.
• تشويش أو انقطاع إشارات الأجهزة الملاحية الدقيقة.
• زيادة خطر الاصطدام بالعوائق في حالات الطوارئ.
• فقدان التصنيف الدولي للمطار بسبب عدم الالتزام بمعايير ICAO.
لذا يجب :-
1. إعادة تقييم جميع الإنشاءات القائمة في حرم المطار ومجاله الجوي.
2. تشكيل لجنة تحقيق فنية مستقلة لتحديد المسؤوليات ومراجعة آليات الترخيص.
3. تفعيل نصوص قانون الطيران المدني المتعلقة بالعوائق الجوية دون مجاملة.
4. إلزام الجهات المنفذة للمشاريع العسكرية أو الأمنية بالتنسيق المسبق مع سلطة الطيران.
5. تنفيذ خطة متدرجة لإزالة العوائق أو تعديل ارتفاعاتها بما يتوافق مع المخطط الطوبوغرافي للمطار (Obstacle Limitation Surfaces).
إن سلامة الطيران ليست مجالاً للمجاملات أو التسويات السياسية، بل هي واجب سيادي مهني لا يقبل التجاوز أو التهاون.
وعلى ضوء التمدد العمراني المتسارع وغير المنضبط في محيط مطار الخرطوم – سواء من الناحية الشرقية (امتداد حي الصفا) أو الغربية (امتداد العمارات) – يُعد التشييد العمراني واحدًا من أكثر الأسباب التي تدفع باتجاه التفكير الجاد في إنشاء مطار بديل بموقع تتوفر فيه الشروط الفنية اللازمة، ويضمن استدامة التشغيل الآمن لعقود مقبلة. فبقاء المطار في قلب منطقة حضرية مكتظة دون ضوابط صارمة سيظل خطرًا دائمًا على السلامة الجوية، وعلى مكانة السودان في منظومة النقل الجوي الإقليمي والدولي.
وبالنظر إلى الذي طال مباني القيادة العامة للقوات المسلحة جراء الحرب الأخيرة، فإن هذه اللحظة تُعد فرصة تاريخية لاتخاذ قرار شجاع بنقل مقر القيادة العامة إلى خارج التجمعات السكانية الكثيفة، أسوة بما فعلته العديد من الدول التي راعت متطلبات الأمن والتخطيط الحضري المتوازن. ويمكن – إن تم ذلك – ضم المساحة الواسعة لمباني القيادة الحالية إلى مطار الخرطوم، بما يتيح توسيعه واستيعابه للمرافق الحديثة كصالة ركاب دولية جديدة، ومواقف طائرات إضافية، وربما حتى مدرج مساعد.
نداء باسم السلامة الجوية
انطلاقًا من المسؤولية المهنية والوطنية، فإننا نناشد المجلس السيادي الانتقالي أن يُدرج هذا الملف ضمن أولويات التخطيط الاستراتيجي للدولة، وألا يُنظر إلى موقع مطار الخرطوم ومحيطه كأمر واقع، بل كفرصة لإعادة تنظيم حضري يضمن أمن وسلامة الأجواء السودانية، ويُعيد للمطار دوره كرمز سيادي، ومنشأة متكاملة، وواجهة لنهضة سودانية جديدة تحترم الإنسان، وتحترم المعايير الدولية.
اخى العزيز من أوجب الواجبات خروج كل من القيادة العامة والمطار خارج المنطقة السكنية لما يصاحبهما من اخطار متكرره مع ابقاء بعض الادارات الخدمية للجيش لتسهيل الاجراءات العاجلة . أما المطارات فنجدها فى جميع الدول ذات التخطيط المدروس توجد بعيدا عن السكن فلذلك لا حاجة لتوسعة المطار فى باحة القيادة .