نصب إلكتروني يقلق السودانيين.. وبنك الخرطوم يتورط

0

متابعة- خالد فتحي- وسط تنامي جرائم الاحتيال الإلكتروني، يعيش السودانيون قلقاً كبيراً من ثغرات في النظام المصرفي، إذ لم تتوقع مثلاً زهور سليمان، صاحبة محل للمستلزمات الطبية بمدينة بورتسودان، أن تتحول تعاملاتها المصرفية عبر التطبيقات الإلكترونية إلى فخ محكم أفقدها آلاف الجنيهات.

 

 

 

 

وأوضحت لـ”العربية/الحدث.نت”، أنها تعاملت مع الزبون أكثر من مرة وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي، لكن المرة الأخيرة وحينما أرسل إشعار تحويل إلكتروني وبدا سليماً، فسلمته البضاعة، اختفى الرجل تماماً.

 

 

 

 

لتنضم بذلك زهور إلى قائمة متزايدة من الضحايا الذين طالتهم موجة احتيال مصرفي جديدة تضرب السودان، مستغلة اتساع رقعة استخدام التطبيقات البنكية مقابل ضعف الحماية الرقمية وغياب ثقافة أمن المعلومات بين المستخدمين.

 

 

 

وخلال الأشهر الماضية، سجّلت تقارير مصرفية وأمنية ارتفاعاً لافتاً في عدد بلاغات الاحتيال الإلكتروني، لا سيما المرتكبة عبر تطبيقات التحويل البنكي. ويعزو خبراء ذلك إلى فجوة واضحة في تأمين هذه التطبيقات، فضلاً عن استغلال المجرمين للثغرات القانونية، ونقص التوعية لدى المستخدمين.

 

 

 

 

“عجز مزدوج”

بدوره، أفاد الخبير الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، لـ”العربية/الحدث.نت”، بأن ما يشهده السودان يعكس عجزاً مزدوجاً من ناحية البنية الرقمية للبنوك، ومن ناحية وعي العملاء.

 

 

 

 

وأضاف أن كثيرا من الناس لا يعرفون كيفية حماية بياناتهم أو التحقق من العمليات المصرفية الواردة إليهم.

وبالتوازي مع ضعف الحماية المصرفية، باتت منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “فيسبوك”، تشكل بيئة خصبة لأنشطة الاحتيال.

 

 

 

وتشمل الأساليب المستخدمة رسائل وهمية لإصلاح الأعطال المصرفية، أو نشر قصص إنسانية مفبركة لاستدراج الضحايا، فضلاً عن عروض تجارية مغرية لا تُسلَّم، وحملات تسوّل إلكتروني عبر حسابات مزيفة.

 

 

 

 

إلى ذلك أكد مصدر رفيع في النيابة العامة السودانية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ”العربية/الحدث.نت”، عن وجود تصاعد مقلق في بلاغات الاحتيال المالي المرتكبة عبر التطبيقات المصرفية الإلكترونية، مشيراً إلى أن الجناة باتوا يعتمدون أساليب متطورة ومتنوعة للإيقاع بضحاياهم، مستفيدين من الثغرات التقنية وضعف التوعية المجتمعية.

 

 

 

 

وأوضح المصدر أن من أبرز الحيل التي باتت تتكرر مؤخراً، قيام المحتالين بفتح حسابات مصرفية رقمية عبر الإنترنت لصالح أشخاص يرغبون في الحصول على خدمات مصرفية، مستخدمين بياناتهم الرسمية، ثم يحتفظون سراً بكلمات المرور وإجابات أسئلة الأمان، ما يمنحهم لاحقاً سيطرة كاملة على الحسابات حتى بعد تغيير بيانات الدخول.

 

 

 

 

كما أضاف أن من بين الأساليب المتكررة أيضاً، إرسال إشعارات إلكترونية مزيفة توهم الضحية باستلام تحويل مالي، أو الادعاء بوقوع خطأ في التحويل والمطالبة باسترجاع المبلغ المحوّل، وهي حيل باتت رائجة وتستخدم بطرق أكثر حرفية.

 

 

 

وأشار إلى أن هذا النوع من البلاغات بات يشكل هاجساً متزايداً للنيابة العامة، لا سيما مع الارتفاع اللافت في معدلاتها خلال الأشهر الأخيرة، مشدداً على ضرورة تعزيز أنظمة الحماية الرقمية، وتكثيف جهود التوعية لمواجهة هذا التحدي الأمني المتصاعد.

 

 

 

 

يقظة تنقذ تاجرا.. وبنك شهير متورط

وفي حادثة لافتة شهدتها الولاية الشمالية خلال مارس الماضي، نجا أحد التجار من محاولة احتيال محكمة بعد أن راجع حسابه البنكي وكاميرات المراقبة، ليتضح له أن إشعار التحويل الذي تسلمه كان مزيفاً.

 

 

 

 

وساعد تعاونه مع الشرطة في تفكيك شبكة احتيال نشطة.

 

وفي ظل هذا الواقع، وجدت بعض المصارف نفسها تحت نيران الغضب الشعبي. فقد شهد بنك الخرطوم، أحد أكبر البنوك السودانية، حالة ارتباك لافتة الاثنين الماضي، بعد سحب مبالغ متفاوتة من حسابات عدد من عملائه بشكل مفاجئ، دون تبرير فوري.

 

 

 

 

وأشارت تقارير إلى أن بعض التحويلات جرت بين بنوك مختلفة دون علم أصحابها، ما أثار تكهنات حول اختراقات أو أعطال تقنية جسيمة.

 

 

 

 

وفي وقت لاحق، أوضح البنك أنه أعاد المبالغ المسحوبة إلى حسابات العملاء، دون أن يقدم تفاصيل إضافية حول ملابسات الحادثة، وهو ما أبقى الشكوك قائمة.

 

 

 

 

 

تحذيرات قضائية

من جانبها، أصدرت النيابة العامة تحذيراً رسمياً من ظاهرة جديدة آخذة في الانتشار، تتمثل في تحويل الأموال من التطبيقات البنكية إلى نقد مقابل خصم من قيمتها الأصلية.

 

واعتبرت النيابة هذه الممارسة مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية، فضلاً عن تعارضها مع المادة (6) من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لعام 1989. وفي هذا الصدد شكا مواطنون لـ”العربية.نت” أن الخصم يصل إلى 40% من جملة المبلغ في بعض الحالات.

 

 

 

 

يذكر أن متابعين لهذه القضية كانوا رأوا أن الاحتيال المصرفي في السودان بات يتجاوز كونه ظاهرة عابرة إلى كونه مؤشراً خطراً على أزمة ثقة بين العملاء والنظام المالي.

 

كما أكدوا في تعليقاتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على أن التحول الرقمي دون ضمانات أمنية كافية تحول من فرصة إلى تهديد، داعيين البنوك إلى مراجعة بنيتها التحتية، وشن حملات توعية مستمرة، بالتوازي مع تحركات تشريعية لتحديث القوانين ذات الصلة بالجريمة الإلكترونية، خصوصا في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي وغياب الرقابة الرقمية المحكمة في البلاد ما يفتح جدلاً واسعاً حول إمكانية استعادة ثقة العملاء في بيئة رقمية محفوفة بالمخاطر.

 

المصدر العربية نت

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.