الخرطوم- هالة حمزة- طالب مديرو عموم مصارف سابقين بإجراءات اسعافية لتحقيق الاستقرار في قيمة الجنيه السوداني الذي يشهد تدهورا منذ بداية الحرب وعدم ربط ذلك بإيقاف الحرب.
وقال المدير العام السابق للبنك السوداني الفرنسي د. عثمان التوم لـ(السوداني): “تحقيق استقرار العملة الوطنية يتطلب تضافر جهود كثير من الجهات. كما ان استمرار الحرب قد يؤدى الى ان تستغرق الاصلاحات والاجراءات المطلوبة بعضا من الوقت”. ودعا لزيادة إيرادات الدولة بصورة جادة ومستديمة وضبط وترشيد الصرف ما يؤدى لتخفيض العجز وكل ذلك يؤدى لتقليل اعتماد الدولة على الاستدانة من الجهاز المصرفي وبالتالى تقليل طباعة العملة.
واشار التوم لأهمية تحفيز الاستثمار فى القطاعات الانتاجية لزيادة الإيرادات وتقليل الاعتماد على الاستيراد وبالتالي تقليل الطلب على العملة الصعبة ما يساعد فى استقرار سعر الصرف.
واكد اهمية تطوير وسائل الدفع الالكترونية واستخدامها لسداد الرسوم الحكومية كافة ما يقلل تداول العملة وتكلفة طباعتها ويحقق المزيد من الشفافية بما يؤدي لتقليل الفاقد من الإيرادات الحكومية.
ودعا لخلق بيئة جاذبة للاستثمار لزيادة الإيرادات وزيادة حصة الدولة من العملات الأجنبية رؤوس أموال وعائدات صادر.
واشار لتحسين السياسات النقدية ومراجعتها بصورة عميقة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والتحكم فى التضخم.
ونادى لتحسين التعاون مع الدول الشريكة لزيادة حجم التجارة والاستثمار بما يزيد إيرادات الدولة تشغيل العمالة، زيادة العرض، تقليل الاستيراد.
وقال إن هذه بعض المحاور التى تساعد فى استقرار العملة السودانية.
واشار د. التوم لإمكانية البدء في تنفيذها رغم التحديات دون ربط ذلك بانتهاء الحرب.
على ذلت الصعيد، قال المدير السابق لمصرف الأسرة د. صالح جبريل، إن استقرار سعر صرف العملة المحلية الجنيه السوداني يعتمد على وجود احتياطى نقدي كاف فى البنك المركزي وهذا يعتمد على عائدات الصادر من المنتجات السودانية إنتاج “زراعي وحيواني، ومعادن”.
ودعا لأهمية أن يكون ميزان المدفوعات موجب صادر ووارد. ليتم هذا لابد من ترشيد الوارد بمعنى استيراد الأساسيات ومنع او تحجيم الكماليات بالآليات المعروفة.
ونادى بالاهتمام بالتصنيع وتحجيم صادر الخام حتى يصبح صفرا. وأن يكون الصادر مصنعا للقيمة المضافة، خاصة صادر الحيوانات الحية للدول العربية وشراء المحصولات السودانية بالعملة المحلية كالذى يتم الان “فول، سمسم وكركدى”.
وقال: “إن كل هذه الممارسات على حساب الاقتصاد السوداني ويصب فى تدهور سعر صرف العملة. لذلك لابد من سياسات نقدية صارمة ومتوازنة تصب فى مصلحة الاقتصاد وبالتالى والتعاون والتنسيق بين المؤسسات الاقتصادية والمالية مع الرقابة الصارمة”.
وأكد ضرورة تقوية رساميل المصارف وتطوير الانظمة التقنية واقسام النقد الاجنبي لتقوية العلاقات مع المراسلين.
ورهن جبريل تحقيق ذلك بإعادة هيكلة القطاع المصرفي والتخلص من البنوك الخاسرة اما بالدمج او التصفية لان الدولة ليس لها موارد تضخها فى مؤسسات اقتصادية ضعيفة لا تقوى على مجابهة تحديات المرحلة.
وأوضح ان تنفيذ ذلك بالمهنية المطلوبة يؤدي لإنتعاش الاقتصاد واستقرار سعر صرف العملة المحلية بالإضافة إلى لكبح جماح الدولار والطلب عليه.
ودعا الحكومة لاقناع الدول التى لديها تعامل تجاري كبير مع السودان كالصين وروسيا بفتح فروع لها فى السودان والتعامل مباشرة باليوان والروبل على التوالي دون الحاجة للدولار.
وقال المحلل الاقتصادي د. هيثم فتحي، ان تحويلات المغتربين السودانيين خلال سنوات الحرب، ظلت تمثل المصدر المستدام للعملة الأجنبية، وهذا المورد غير المنظور، الذي يمثل الجندي المجهول في معركة الحفاظ على القوة الشرائية للجنيه السوداني.
وأشار الى ان الثبات النسبي لسعر الصرف في مناطق الاستقرار الأمني، يعود لحقيقة اقتصادية، مفادها أن التغير في حجم العرض النقدي من الجنيه السوداني قد يؤثر سلبًا أو إيجابًا على معدل التضخم، وبالتالي على سعر صرف الجنيه السوداني.
واوضح ان تدهور قيمة العملة الوطنية يؤثر سلبًا على العديد من شرائح المجتمع، خاصة الموظفين والعمّال، وقال: “إن تزايد سعر الصرف يخفض القوة الشرائية للجنيه، وبالتالي يؤثر سلبًا على القيمة الحقيقية للمرتبات والأجور، وهذا يعني تدهور المستوى المعيشي لتلك الفئات، ووقوعهم في براثن الفقر والحاجة، كما يؤثر على الموقف المالي للنظام المصرفي، حيث تنخفض قيمة الأصول المالية للبنوك، وخاصة القروض المقدمة للعملاء، بمقدار حجم التراجع في قيمة الجنيه، ما يجعل الملاءة المالية للبنوك في موقف خطير”.
وشرح فتحي تأثيره على قيمة القروض الخارجية مقيمة بالجنيه، إذ تتضاعف قيمتها بمقدار تضاعف سعر الصرف، ما يجعل الحكومة في وضع حرج للوفاء بسداد الديون عليها، ناهيك عن تآكل ثروة الأفراد والشركات، واشار الى ان توقف الحكومة عن تمويل الميزانية عن طريق الإصدار النقدي، الذي يؤدي لتدهور العملة والتضخم في الأسعار.
وشدد على انها شروط يجب توفرها في الأجل القصير لوقف التدهور في قيمة الجنيه، بينما في الأجل المتوسط يحتاج الاقتصاد لتوفر الاستقرار السياسي والأمني، ووجود البيئة الحاضنة والملائمة لجذب الاستثمارات، وتعزيز الحوكمة في مؤسسات الدولة، وخاصة في مؤسسات القضاء والعدل وفي أجهزة إنفاذ القانون، وتبني برنامجٍ وطنيّ لإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي.
ودعا لضرورة امتلاك البنك المركزي نقدا أجنبيا أو ذهبا، لكونها ركائز أساسية لأي عملة وطنية، لا سيّما بعد انقطاع إيرادات دولارية متعددة، وعوائق متعددة تعيق حركة التصدير.
كما توقفت القدرة الإنتاجية بسبب دمار المصانع والبنى التحتية،
وبالتالي أصبح السودان يستورد السلع الضرورية من الخارج بالنقد الأجنبي خاصة بالدولار، ما أدى لزيادة الطلب عليه وارتفاع سعره مقابل الجنيه السوداني.
ودعا د. فتحي لضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني بشكل عاجل، وتحفيز الاستثمارات المحلية والخارجية، ويرتبط ذلك بشكل وثيق بتحقيق استقرار سياسي دائم، الأمر الذي يشجع على عودة اللاجئين والنازحين وتنشيط السوق المحلية.
صحيفة السوداني