تفاصيل تعقيدات تحرير مصفاة الجيلي.. كيف نجح الجيش السوداني في تفكيك واختراق أخطر المواقع المحصّنة بالخرطوم؟
متابعات- الزاوية نت- نشرت وحدة التحليل العسكري التابعة لمنصة القدرات العسكرية السودانية، تحليلا حول كيفية تمكن الجيش السوداني من تحرير مصفاة الجيلي.
في المعركة الطويلة الصعوبة تكمن حينما يخلق العدو جدارًا دفاعيًا صامتًا يطيل أمد القتال ويُقيد الهجوم دمّر قلب الجدار الصامت ثم قم بإعادة تشكيل خطوط الهجوم حتى تكسر وهم الدفاع الثانوي.
ـ مليشيا الدعم السريع وعن طريق الخبراء الأجانب قد شكلت دفاعًا إلكترونيًا لتثبيت الدفاع وحرمان المهاجمين من تحرير منشأة النفط، وذلك بتعقيد العمليات العسكرية اعتمادًا على المنطقة المفتوحة وذات التضاريس الصحراوية والجبلية بالتأثير، وتحجيم دور أنظمة الاتصال والاستطلاع لتعطيل وتقليل فاعليتها.
ـ مليشيا الدعم السريع قد حوّلت بالفعل منشأة الجيلي لمنطقة “إنكار المنطقة الإلكتروني Electronic Area Denial” باستخدام منظومة التشويش والحرب الإلكترونية Groza S، بالإضافة لعربة تحمل نظام الإنذار المبكر WS-DF-5000A لتشكيل خريطة مسارات الطائرات بدون طيار وتكثيف الهجمات الإلكترونية على تلك المسارات. وقد قيدت تلك الإجراءات استطلاع مسرح العمليات باستخدام المسيرات، والتي تستطيع أن تشوش هوائيات استقبال إشارات التحكم حتى مدى 30 كلم، بينما تستطيع التشويش على وحدة التحكم التي تتحكم في الطائرات المسيرة التي تتواجد في نطاق 10 كلم. كما تشوش المنظومة على أنظمة الملاحة بالأقمار الصناعية GPS حتى مدى 40 كلم بأربع أنماط تشويش مختلفة. تلك الأنماط المختلفة من التشويش قد قيدت ومنعت التوجيه الدقيق الفعّال للوسائل الهجومية والاستطلاعية، كما حدّت من أنظمة الاتصال بين غرف التحكم والقوات الميدانية على الأرض، مع تعمد واضح من طرف المليشيا لمحاولة استنزاف الموارد وتكبيد الخسائر، وذلك بخلق أهداف وهمية لزيادة تكلفة الهجمات الأرضية وإعاقة الهجوم القادم لأطول فترة ممكنة.
ـ مساحات التحكم الواسعة التي تعبث بها منظومة Groza S بدعم واسع من نظام الإنذار المبكر WS-DF-5000A، بالإضافة لتأثير التضاريس الجبلية والتي شكلت عوائق إضافية لإشارات الاتصال والتحكم بين الطائرات بدون طيار ووحدات التحكم الأرضية، زادت بالفعل من أثر التشويش هذا منع تقييد الاتصال بسبب التداخل والحجب، ما يعني أنه كان لفترة طويلة أثر بالغ حدّ من فعالية “الاستطلاع والهجوم”، وذلك بتعطيل الاتصالات والإشارات الرقمية مما يضعف بالفعل قدرة كشف الكمائن والدفاعات الهجومية المتقدمة للمليشيا.
كيف حدث التحول الجوهري في توازن القوى التكتيكي التكنولوجي؟
نجاح القوات المسلحة السودانية في تفكيك منطقة الإنكار الإلكتروني والهجوم المتعدد المحاور بدلًا من الهجوم من محور واحد يشير إلى تحول جوهري في توازن القوى التكتيكي التكنولوجي. يعكس النجاح الكبير في تجاوز العقبة الإلكترونية والدفاعية للمليشيا، والتي كانت تعيق بها سابقًا الهجمات، ثم تشتيت الدفاع على منطقة واسعة وعلى محورين، بالإضافة للتفوق التكنولوجي المفاجئ بإدخال طائرات مسيرة شديدة التطور وذخائر متطورة.
كيف تغيرت قواعد الاشتباك بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع؟
بتدمير منظومة Groza S، تغيرت بالفعل قواعد الاشتباك بحيث تحول الصراع من الاعتماد على التفوق الإلكتروني الأحادي إلى التفوق الميداني والجوي والناري والعددي والنوعي للمهاجمين.
التضاريس البيئية ودورها في تعقيد المعركة
كان للتضاريس الصحراوية والجبلية دور كبير وبارز في المعركة، إذ ساهمت محدودية الأماكن الطبيعية في التمويه للقوات المهاجمة. تجد القوات المهاجمة دائمًا نفسها في خطر التعرض للكمائن بسبب أن المناطق المحدودة طبيعيًا، والتي كانت تريد القوات التمترس بها، تسيطر عليها قوات المليشيا التي كانت تتمتع بأفضيلة قدرة المراقبة والاستطلاع والحركة في المناطق الطبيعية المحددة، ما عرض بالفعل العديد من القوات لكمائن
كيف تم تشتيت المدافعين بهجوم متعدد المحاور بدلاً من الهجوم من الجبهة الرئيسية؟
تدمير منظومة Groza S قد سمح للقوات المسلحة السودانية بتفكيك منطقة الإنكار الإلكتروني وأجبر مليشيا الدعم السريع على توزيع الموارد الإلكترونية المتبقية والقوات والأسلحة والمعدات على جبهتين: الجبهة الرئيسية للهجوم، والجبهة الثانوية وهي الجبهة “الجنوبية” للقوات التي تقدمت من منطقة “الكدرو العسكرية”. هذا يعني أن التأثير التكتيكي قد أجبر المليشيا على توزيع جهدها الدفاعي من المركز إلى الموزع. كما ساهم لواء المرخيات التابع للقوات الخاصة في تأمين جناح القوات، وذلك بتأمينه محور البطانة لمنع عمليات “المناورة والالتفاف” على القوات، ومنع كذلك عمليات الهجوم الجانبي. بالإضافة للتغطية النارية بنيران المدفعية متعددة الجوانب، كان الهجوم الأخير على مصفاة الخرطوم ناجحًا، حيث انهارت فيه كل الدفاعات الأولية والدفاعات الارتجالية للمليشيا حتى انهارت عملياتيًا.
ـ يمكن القول إن التنوع الكثيف في القوات قبيل المعركة النهائية بالتعزيز من عديد المحاور، بالإضافة لتفكيك منظومة التشويش والحرب الإلكترونية Groza S، وإنهاء منطقة الإنكار الإلكتروني، وإجبار المليشيا على توزيع الجهد الدفاعي على محورين، مع حماية منطقة البطانة ومنع المناورة والالتفاف من قبل المليشيا، مع تطور وسائل الهجوم الجوي والذخائر التكتيكية الحديثة، والملازمة النارية لقوات المليشيا من أكثر من إتجاه، قد شكّلت جميعها عناصر مهمة جدًا لتحقيق الانتصار النهائي على “المليشيا” في معركة “مصفاة الخرطوم”.