الدقير تعليقا على الحكومة الموازية: “مولد وصاحبو غايب”

0

متابعات- الزاوية نت- قال عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني، إنه من الخطأ تناول فعاليات تدشين مشروع الحكومة الموازية التي تجري في نيروبي بتسطيح أو لامبالاة وسخرية، ومن الإيغال في الخطأ الاستهانة بخطورة وجود حكومتين في بلدٍ ظل منذ استقلاله يعاني من أزمة في التكامل الوطني بسبب غياب التوافق على مشروع وطني قادر على إدارة التنوع، وتحقيق التنمية المتوازنة، وضمان العدالة وصون الحريات والحقوق العامة والفردية، بدلاً من استخدام عَسْف الدولة ضد المطالبين بهذه الاستحقاقات من المجموعات والأفراد.

 

 

 

 

ورغم موقفنا المعلن الرافض لفكرة تشكيل حكومة موازية، إلا أن التغافل عن حقيقة وجود قوى سياسية ومجتمعية تؤيدها هو دفن للرؤوس في الرمال. كما أن الواقع العملي سيفرض على المواطنين القاطنين في مناطق سيطرتها التعامل معها – مثلما يحدث مع أية حكومة أمر واقع – مما يرفع وتيرة المخاوف من أن دوران عجلة تقسيم السودان قد بدأ، خصوصاً مع انخراط جهات داخلية وخارجية في الدفع بهذا الاتجاه، وشحذ سكين التقسيم، وعلى رأسها قوى النظام البائد التي لم تتعظ من تجربتها حين فصلت الجنوب، متوهّمة أنها بذلك تحسم جدل الهوية وتنهي إشكالية التنوع والتعدد، لتخلق فضاءً جغرافياً خالصاً تعطي فيه لنفسها سلطاناً يعلو على الإرادة العامة باسم الدين، وتواصل فيه الفساد والاستبداد باستخدام الرصاص والزنازين.

 

 

 

وبالنظر إلى ما يجري في بورتسودان ونيروبي تبرز قضية شرعية الحكم كإحدى تجليات الصراع في بعده السياسي؛ وفي هذا السياق ظل موقفنا ثابتاً بأن انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ أنهى شرعية الحكم المستمدة من ثورة ديسمبر المجيدة، ولم ينجح في اكتساب شرعية بديلة بسبب الرفض الشعبي الواسع له – الذي عَبّرَت عنه المواكب المليونية والتضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والمفقودين والمعتقلين – وقد أقرّ قائدا الانقلاب بهذه الحقيقة حين قَبِلا بالاتفاق الإطاري، الذي لم يكن سوى محاولة لإنهاء الانقلاب واستعادة مسار الانتقال الديمقراطي، ووقّعا عليه بصفتهما العسكرية وليس بالصفة الدستورية المستمدة من شرعية الثورة التى قوّضها الانقلاب.

 

 

 

إن الجدل حول الشرعية – والشعب السوداني مشرد داخلياً وخارجياً ويعاني انعدام الأمن والاستقرار ويصعب عليه الحصول على مقومات الحياة الأساسية – ينطبق عليه المثل الشهير: “مولد وصاحبو غايب”، فالشرعية لا تُكتسَب بتكوين حكومة موازية ولا بتعديلات على وثيقة دستورية منتهية الصلاحية، وإنما تتحقق عبر إيقاف الحرب واستعادة الفضاء المدني، بما يتيح توافقاً وطنياً على سلطة انتقالية تُمنح شرعيةً مؤقتة وتُكلّف بتحويلها إلى شرعية انتخابية خلال أجل معلوم.

 

 

 

إن تعقيد الواقع السوداني وخطورته يفرضان على الجميع الإدراك بأن الأولوية القصوى يجب أن تكون إيقاف الحرب لإنقاذ السودانيين من الكارثة الإنسانية الماحقة والحفاظ على وحدة البلاد ومنع انزلاقها نحو هاوية التقسيم .. والشرط الرئيس لإدراك هذا الهدف هو  وحدة القوى المدنية في موقف مستقل عن أطراف الحرب يعبر عن إرادة السودانيين الغالبة المطالِبة بإيقافها، والانخراط في حوار وطني يخاطب قضايا الأزمة المتراكِمة وينتج توافقاً على مشروع وطني يضع حدّاً لمسيرة الفشل التي وَسَمَت العقود المنصرمة منذ الاستقلال، ويتأسس عليه وطنٌ جديد يُوفِّر شروط الحياة الكريمة لجميع أهله بلا تمييز.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.