بيان ساخن من مندوب السودان أمام جلسة للأمم المتحدة

0

متابعات- الزاوية نت- قال مندوب السودان الدائم بالأمم المتحدة السفير الحارس إدريس، إن حكومة السودان وشعبه يتطلعون إلى اعتماد دينامية ايجابية لمجلس الأمن ويطالبون باصطفاف الدول الكبرى ضد الإرهاب الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع ومرتزقتها والدولة الخليجية الراعية لحرب العدوان على السودان الذين يدمرون السودان بشكل ممنهج منذ 18 شهراً، لأن التراخي في ذلك بعد المسلسل الدامي الذي ينفذونه في السودان يعتبر تواطئاً صريحاً.

 

 

 

وأكد خلال بيان أمام جلسة الجمعية العامة بشأن الفيتو الروسي حول مشروع القرار الخاص بالسودان في مجلس الأمن الدولي، أنه مما يدعو للأسف الشديد، بل وللغضب المشروع، أن بعض أعضاء المجلس، خلال المفاوضات حول مشروع القرار، تجاهلوا الأدلة الواضحة على تجاوزات مليشيا الدعم السريع، بل وامتنعوا عن دمغها بالإرهاب وكمليشيا إجرامية تمارس الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بحق المدنيين العزل.

 

 

وقال إن التردد في تسمية الأمور بمسمياتها يعكس ازدواجية معايير لا يمكن قبولها، خاصة عندما يكون الثمن حياة الأبرياء ومستقبل أمة بأكملها.

 

وأعلن الحارس رفض تحويل عملية الجهود الدبلوماسية لحل النزاع إلى وصاية دولية تدفع إليها بعض الروافع الدولية لغاية تخصها ولا صلة لها بتحقيق السلام ووقف الحرب ولا تمنع إرسال شحنات السلاح بأجياله الجديدة إلى المليشيات، وإدانة استخدام العصابات المسلحة والإرهابية من الساحل ودول الجوار في انتهاك صريح للميثاق وارتكاب الفظائع في السودان وتشريد أهله وإحلال مهجرين ليحتلوا مساكن المواطنين، بل واستخدام الذكاء الاصطناعي ضد سلامة الأراضي السودانية.

 

 

ونبه إلى مخاطر المرتزقة الرقميين الناشطين مع دول العدوان وراعيها في الهجمات المنظمة ضد الأمن القومي بالإضافة إلى المرتزقة عابري الحدود “المجموعة المهربة عبر جنوب ليبيا وكشف عنها الأسبوع الحالي وتضم مرتزقة من كولومبيا”.

 

 

 

ونوه إلى أن تواطؤ مليشيا الدعم السريع مع حليفها السياسي بتوسيع رقعة العمليات ضد المدنيين وهم ليسوا أهدافاً عسكرية، ولكن الهدف هو إعطاء المبرر للتدخل الأممي والدولي بحجة حماية المدنيين مع أن ذلك يكشف عن ضعف الحجة وكان بإمكانهم الضغط على الراعي الإقليمي لوقف شحنات الأسلحة.

 

 

 

وقال إن السودان يعرب عن أسفه العميق لعدم اعتماد لغة توفيقية، اقترحها بعض أعضاء المجلس بحكمة وحرص، والتي كان من الممكن أن تقرب وجهات النظر وتسمح بتبني قرار متوازن. كان من شأن ذلك أن يعزز تنفيذ التزامات جدة ويضع إطاراً عملياً للتعامل مع الأزمة، بدلاً من أن يُفسر كتشجيع لمليشيا الدعم السريع على الاستمرار في أفعالها.

 

 

 

وأضاف “في يونيو الماضي، وجّه مجلس الأمن، من خلال قراره 2736، نداءً صريحاً لمليشيا الدعم السريع لوقف هجماتها على المدنيين الأبرياء والمدن السودانية. ومع ذلك، فإن هذه المليشيا، وباستهتار واضح وإصرار على العنف، تجاهلت هذا القرار، واستمرت في ارتكاب الفظائع بحق شعبنا، مما أدى إلى تدهور الوضع الإنساني وزيادة معاناة الملايين. لقد كان مشروع القرار الذي جرى استخدام حق النقض ضده يحمل في طياته رسالة خطيرة للمليشيا، مفادها أن بإمكانها تجاهل قرارات مجلس الأمن والاستمرار في أفعالها الإجرامية دون أن تواجه أي عواقب.

 

 

 

 

وقال إن السودان يدعو المجلس، بدلاً من اقتراح قرارات جديدة قد لا تضيف جديداً، إلى اتخاذ موقف واضح وصريح يطالب مليشيا الدعم السريع بالامتثال الفوري وغير المشروط لالتزامات جدة والقرار 2736. هذا هو الحد الأدنى من المسؤولية التي يجب على المجلس أن يتحملها لضمان استعادة السلم والأمن في السودان والمنطقة.

 

 

 

 

وتابع الحارس “شهد السودان تحرشات بعض المنظمات الدولية والمطالبة بفرض حظر سلاح شامل بحجة أن الجيش ينفذ عمليات عسكرية عشوائية تستهدف المدنيين وهم يعلمون أن المليشيا وباعتراف قادتها الذين انشقوا عنها هم الذين يسفكون دماء المدنيين بدم بارد وينكلون بهم ويغتصبون النساء ويشردون الأطفال ويجندون الشباب تجنيداً جبرياً ولذلك طالبنا تصنيف المليشيا مجموعة إرهابية متعالية عرقياً، ولكن أحجمت القوى العظمى عن ذلك. وشهدنا زيادة وتيرة التهديد والإعداد للتدخل الدولي وتوسيع نطاق الحظر الجوي وحظر السلاح وفرض المناطق الآمنة وكلها مدخلات نادى بها فصيل سياسي معارض أصبحت جزءاً من السردية الخاطئة لتوصيف الصراع بحيث يكون معادلة صفرية بحق القوات المسلحة، بينما كان المأمول أن يحسم مجلس الأمن تردده عن إدانة الدولة الخليجية الراعية لحرب العدوان وقد وردت الإشارة إليها في التقرير النهائي لفريق الخبراء المعني بدارفور الصادر في بداية هذا العام، إضافة إلى ما ورد في التقرير الربعي لنفس الفريق والذي تسلمه المجلس قبل أيام.

 

 

 

 

وكلما تعاونت حكومة السودان في توصيل الإغاثة وفتح المعابر الحدودية والمطارات ومنح تأشيرات الدخول يتم انتقاد السلطات بأنها تعرقل دخول الإغاثة بيروقراطيا مما دعانا إلى تقديم الإحصاءات لتكذيب ذلك. إن السودان حريص على التعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها بما يفضي إلى وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وقد قام السيد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية بزيارة إلى السودان في اليومين الماضيين وقف فيها بنفسه على حجم التعاون في هذا الجانب من قِبل السلطات السودانية.

 

 

 

في هذا الإطار، أصدر السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، يوم أمس الإثنين توجيهاته إلى الجهات ذات الصلة بالدولة بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة العاملة في إيصال المساعدات الإنسانية ، بالاستفادة من مطارات كل من مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان ومدينة الأبيض بولاية شمال كردفان ومطار مدينة الدمازين بإقليم النيل الأزرق كمراكز إنسانية لاستقبال مواد الإغاثة ، كما وجه سيادته بإمكانية تحرك موظفي وكالات الأمم المتحدة مع القوافل التي تنطلق من المناطق المذكورة والإشراف على توزيع المساعدات للمحتاجين. ومن جهة أخرى أعلنت وزارة الزراعة والغابات أن توقعات إنتاجية الذرة والدخن بما يزيد عن 7 ملايين طن ولذلك فإن تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي وزعمه بوجود مجاعة في السودان محض تخرص.

 

 

السيدات والسادة

 

يوم أمس الإثنين يصادف اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة. بهذه المناسبة، لفتت حكومة السودان نظر المجتمع الدولي إلى الفظائع واسعة النطاق وعلى مستوى غير مسبوق التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع بشكل ممنهج ضد النساء والفتيات في سن الطفولة في مختلف أرجاء السودان بما في ذلك جرائم الاغتصاب والاختطاف والاسترقاق الجنسي والإكراه على الزواج غصباً ومختلف ضروب المعاملة غير الإنسانية والمهنية والمنتهكة لكرامة وعفة النساء. وقد تم توثيق 500 حالة اغتصاب من قبل الجهات الرسمية والمنظمات المختصة ومنظمات حقوق الإنسان وهناك عدة مئات أُخر من النساء المختطفات والمحتجزات كرهائن ومقهورات بالعمالة القسرية مع ورود تقارير عن تهريب الفتيات والقاصرات خارج مناطق أسرهم، بل خارج السودان للاتجار فيهن. تلك الأعمال والانتهاكات المنبوذة تستخدمها المليشيا وأشياعها من المرتزقة الأجانب لمعاقبة المجتمعات الرافضة لهم والممتنعة عن التعاون معهم وهي توسيع نطاق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي التي تستهدف مجموعات إثنية بعينها حيث تلجأ لقتل الذكران منهم وتغتصب نساءهم.

 

 

 

ولقد بزّت فظائع مليشيا الدعم السريع انتهاكات داعش وجيش الرب اليوغندي وبوكو حرام ولذلك لا بد من اعتبار تلك المليشيا مجموعة إرهابية ودعم القوات المسلحة الشرعية. لا بد من نزع سلاح المليشيات وتقديم العون لحكومة السودان للقضاء على المرتزقة المأجورين ودعم خطة حماية المدنيين الوطنية وجهود التصالح وبناء السلام الأهلي وتوطيد الاستقرار. إن مشروع الاستيلاء على السلطة بالقوة لخدمة مصالح قوى إقليمية عبر استخدام المرتزقة والمليشيا باء بالفشل وعلى المجتمع الدولي الآن دعم الأجهزة الشرطية وأجهزة إنفاذ القانون الأخرى وبناء قدراتها والمساعدة في بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وإقليمها الوطني وتامين السيطرة على مواردها من الانتهاب المنظم وبالأخص المعادن النفيسة. ولابد من إنشاء قوة مشتركة لمراقبة وخفارة الحدود بين السودان وتشاد للحد من تدفق الأسلحة المهربة إلى غرب دارفور تحت سيطرة المليشيا والمرتزقة، ولابد من نزع سلاح المليشيا التي تشكل حالة متعاظمة من الحركات الإرهابية.

 

 

 

مع أن الدول تتحمل مسؤولية حماية مدنييها والمساءلة عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني إلا أن المجتمع الدولي ينبغي عليه توفير الدعم اللازم للجهود الوطنية بدلاً من التهديدات بالتدخلات. وأن ما يتم إنفاقه على التدخلات ينبغي تخصيصه في بناء القدرات الوطنية للحماية المستدامة للمدنيين وزيادة كفاءة المؤسسات الأمنية والعدلية والقضائية وتعزيز ثقافة الحماية. وأن الحوار هو أداة الدبلوماسية الوقائية وإدارة النزاعات وتسويتها ودعم جهود بناء السلام.

 

 

 

 

لقد لجأت مجموعة سياسية إلى تدويل الخلاف السياسي وأنشأت تحالفاً مشيناً مع المليشيات والمرتزقة وقامت بإقحام تلك الخلافات في صلب الأجندة الدولية بدلاً من اللجوء إلى المدنيين الذي يتشدقون بالتحدث نيابة عنهم ونحن نحذر من أن يتحول السودان إلى أرض مواجهة للخصومات الدولية ومن هنا نرى أن الفيتو الروسي كان داعماً لكيان الدولة المقصود بالاستهداف والقوات المسلحة المستهدفة بالتفكيك والسيادة التي قضت عليها إحدى فقرات القرار.

 

 

 

ونطالب الدوائر الفاعلة في المجتمع الدولي إلى إعادة قراءة الأسباب الجوهرية للنزاع وفك الارتباط مع دعاة الأجندة السياسية الضيقة التي لا تحظى بقبول جموع الشعب السوداني والارتباط المباشر مع الشعب السوداني أساس المدنية التاريخية وصانع الثورات ضد الأنظمة الشمولية وهذا من شأنه التعجيل بوضع حد لهذه الحرب التي فرضت على السودان وأهله. إن مجلس الأمن أخذ علماً بالجناة والقتلة ومروعي المدنيين، ولكنه فشل أن يسميهم صراحة ويدينهم قصداً ممارسة لدوره في حراسة الأمن والسلم الدوليين، إن على المجلس العودة مجدداً لاكتشاف الدبلوماسية الوقائية ورؤيا الأمين العام الراحل داغ همرشولد.

 

 

 

 

نطالب بحشد الموارد ودعم بناء منظومة وطنية للسلم واعتماد مقاربة وقائية لتعزيز القدرات المحلية للتصالح والحوار والتهدئة وبناء السلام. وأن الخطوات التي يتم إتباعها الآن فشلت من قبل في بناء السلام ومنع تفاقم الخلاف السياسي وفي تحوله إلى نزاع… ونطالب هنا بتعزيز عمل لجنة بناء السلام لتقصي جذور النزاع وتفادي تجددها وأن العلاقة مع المجتمع المدني لا تعني معارضة بعض الفاعلين في المجتمع الدولي للحكومة وهذا ما يدل على تضارب مطلوبات الدبلوماسية الوقائية وموقع الدولة في مسار البحث عن حلول للنزاعات. فإن الحلول لا تتم على حسابها أو خصماً من رصيدها كما تفعل بعض الدول الفاعلة حيال الحرب في السودان.

 

 

 

ختاماً السيد الرئيس؛

يؤكد السودان مجدداً التزامه الراسخ بالسعي إلى تحقيق حل شامل ومستدام للحرب في السودان يستند إلى مبادئ الحرية والسلام والعدالة، التي تمثل تطلعات الشعب السوداني وآماله. كما يدعو المجتمع الدولي، بكل مكوناته، إلى دعم هذه المساعي النبيلة والمساهمة في إنهاء معاناة الشعب السوداني، الذي طال انتظاره للسلام والاستقرار، دون وصاية او تعدٍ على سيادة البلاد أو استقلالها أو وحدتها الترابية.

 

شكراً، السيد الرئيس.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.