كتبت- عايدة سعد- سيناريوهات كثيره قادت الي سقوط البشير أبرزها بحثه بين كل فينة والأخرى عن حواضن تحتويه ،حيث كانت مرجعتيه الأساسية الحركة الإسلامية وجهاز امنها الشعبي لكن مع التغييرات الداخلية والخارجية بتوقيع اتفاقية السلام الشامل في العام 2005، سرت مياه كثيره تحت جسر العلاقة بين الحركة والحزب، واصبح البشير يتخذ قراراته منفردا ،حيث عمل على تقوية جهاز الأمن الوطني مع إعطائه صلاحيات واسعة.
و تقليص مهام جهاز الأمن الشعبي وسحب صلاحياته تمهيداً لحله، كما ترك البشير الاحتماء بالعسكر رفقاء الدرب والسلاح، وأنشأ قوات الدعم السريع كذراع ايمن له ثم ما لبس كثيرا حتى رجع الى ثكناته خاصة بعد التغييرات التي حدثت بالجهاز واتهام قوش بمحاولة الانقلاب وسجنه وتعيين محمد عطا مديراً للجهاز؛ وتعيين طه عثمان الحسين مديرا لمكتبه وما صاحب ذلك من اختراقات.
كل هذه العوامل مجتمعة جلعت البشير يحتمي بالجيش في اخر أيامه ،خاصه بعد أن فقد دعمه داخل الحركة التي أعلنت في اخر اجتماع شورى لها عدم إعادة انتخابه، فجاءت عودة البشير الى ثكناته في الوقت بدل الضائع، قبل ان يحدث ما حدث في 11 أبريل.
البرهان يسير بنفس نهج البشير فمنذ توليه رئاسة مجلس السيادة بموجب نص الوثيقة الدستورية، اجتهد الرجل في موائمة الظروف السياسية عبر خطاباته، تارة بكسب قوى الحرية، وتارة أخرى باستفزاز الاسلامين، وظل العامل الثابت في كل خطاباته هو عدم استخدام الجيش في العملية السياسية الا عبره هو.
ثم جاءت حرب 15 أبريل 2023م وظل البرهان يمارس نفس أسلوبه القديم وهو التردد في اتخاذ القرارات رغم مصيريتها…. فبعد مرور أكثر من عام؛ ما زالت قيادة الجيش تحاول إرضاء الجميع من مجتمع دولي وإقليمي وقوى سياسية داخلية…فتأتي القرارات متأخرة من باب أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي.
رغم الهنات تماسكت قيادة الجيش وامسكت بكل الخيوط وجعلتها تحت امرتها سدا لباب الذرائع الذي يمكن أن تلج الأحزاب من فوهته؛ خاصة فيما يختص بالمقاومة الشعبية.. فالبرغم من التحشيد والتعبئة التي انتظمت كل السودان؛ حرصت قيادة الجيش ان تكون كل القوات المستنفرة تحت امرتها.
وبهذا القرار يقول البرهان للأحزاب لا تقربوا الجيش…كأنما يخشى الانقلاب عليه من الداخل عبر ازرع الأحزاب داخل المكون العسكري…فكثيراً ما كرر الرجل حديثه بعدم المساس بقواته؛ الشيء الذي يؤكد أنه فقد الثقة في كل المكونات السياسية ولا يريد لأحد أن يقترب من حاضنته المؤسسة العسكرية.
فهل ينجح البرهان في عزل الجيش بعيدا عن عبث الأحزاب….ام أن وجود الأحزاب داخل المؤسسة العسكرية يفوق قدرات البرهان وان مجاراته ما هي إلا كسب للوقت والانقلاب عليه متروك لتقلبات الزمن؟