والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة في حوار: (الإطاري) والمجموعات التي تبنته سبب الحرب

0

أجرت صحيفة الكرامة حوارًا مع والي الخرطوم، أحمد عثمان حمزة، حول تداعيات الحرب في السودان واللحظات الأولى للانفجار، تنشره الزاوية نت، إلى التفاصيل:

 

حوار – محمد جمال قندول

 

أول يوم في الحرب؟

 

كنت في المنزل الحكومي -أي يوم السبت- بجوار برج الدعم السريع الرئيسي الواقع في غرب القيادة العامة، ومكثتُ فيه أربعةُ أيامٍ تحت القصف المتبادل، فكانت لحظاتٍ عصيبة لكن قدر الله ويسر وتحركت إلى أم درمان.

 

كيف علمت بنبأ اندلاع الحرب؟

بسماع أصوات الرصاص وتحرك الآليات العسكرية.

 

هل توقعت اندلاعها؟

نعم… ولكن ليس في هذا التوقيت، لأنّ هناك تهدئة لإيجاد صيغة توافق قبل يوم الحرب، وتم الاتفاق على أن يُعقد اجتماع يوم السبت الساعة العاشرة صباحًا لطي الخلافات حول الاتفاق الإطاري.

 

ولكن لماذا تمردت هذه القوات؟

في اعتقادي أنّ هناك جهات وعوامل شجعتها على هذا التمرد، وما يؤكد ذلك هو اللغط والجدل الذي كان يدور حول الاتفاق الإطاري وتهديدات المجموعات التي تبنت الاتفاق الإطاري وإصرارها على قبول الاتفاق أو الحرب، وتبع ذلك تحريك قوات الميليشيا إلى مطار مروي وكان ذلك يمثل نُذر بداية الحرب، وعلى الرغم من التهدئة التي حدثت يومي الخميس والجمعة قبل الحرب بيوم، إلّا أنّ الجميع تفاجأ بتحريك الميليشيا لقواتها فهاجمت لواء الباقير، وهاجمت القوات المسلحة الموجودة في محيط المدينة الرياضية، وأعادت تموضع قواتها في أجزاء مختلفة من الولاية بسرعة، كل ذلك كان يشير إلى التخطيط المسبق، كما هاجمت بيت الضيافة وكل المواقع المهمة.

 

ما هي الإجراءات الاحترازية التي قمت بها حين اندلاع الحرب؟

أولًا: التواصل مع لجنة أمن الولاية ومجلس حكومة الولاية للتفاكر حول التعامل مع الحرب وكيفية إدارة شأن الولاية في ظل هذه الأزمة.

 

كيف كان شعورك؟

كان شعورًا بعظم المسؤولية ومحاولة تجنيب المواطنين المدنيين آثار الحرب والعمل على تقديم الخدمات لهم.

 

 

مأساة في الحرب عايشتها؟

في الحرب العديد من المآسي والمشاهد المؤلمة يعجز الإنسان عن سردها وحصرها، لكن من المشاهد المؤلمة خروج المرضى زارعي الكُلى من مركز الشهيدة سلمى للشارع العام على أرجلهم وهم ممسكون بـ”قسطرة الدرين” وأغلبهم كان تحت العناية المكثفة.

 

يوميات الحرب؟

بالطبع يوميات المسؤول تختلف عن يوميات المواطن العادي، وتبدأُ أولًا بطبيعة الحال بمتابعة سير العمليات العسكرية والتعامل وفقها بتحديد الأولويات، ومتابعة أداء أجهزة الولاية للتأكد من القيام بمهامها ومعرفة التحديات والمعوقات التي تواجهها، والتنسيق مع الحكومة الاتحادية فيما يتعلق باحتياجات الولاية وقضاياها بالتركيز على القطاعات الحية وهي: قطاع المياه والكهرباء، وقطاع الخدمات الطبية وقطاع المساعدات الإنسانية.

 

ماذا أفقدتك الحرب؟

أفقدتنا الحرب أرواح مواطنين كرام مدنيين وعسكريين، أفقدتنا الأمن والاستقرار، وأفقدتنا خروج مؤسسات تقديم الخدمة ودمار البنى التحتية، أفقدتنا التواصل مع أجزاء عديدة من الولاية ومعرفة أحوال المواطنين الموجودين بها، وأفقدتنا مواصلة مجهوداتنا في بسط الخدمات بصورة شاملة بالولاية.. تعطل التعليم، وتوقف العمل، وفقدان المواطنين لمصادر دخلهم مما خلق معاناةٍ كبيرة لهم، وفقدان المنازل والأمتعة والأموال وجميع الممتلكات وإجبارهم على مغادرتها.

 

ما هي الفوائد والعبر المستفادة؟

نعم.. هنالك جملةً من العبر المستفادة ولعل أهمها : نبهتنا لمواقع الخلل والهشاشة في السياسات العامة للدولة، باعتبار أنّ الحكومات السابقة لم تتخذ تحوطاتٍ للتعامل مع هذه الأزمات خاصةً الحروب، ووضع المواطنين لم يؤخذ في الاعتبار والتعامل مع الأحداث الفجائية.

 

والحرب وضحت لنا بأنه لا يوجد أصدقاء خُلّص في العالم يقفون معك في مثل هذه الظروف، بل أن يصبح صديقٌ عدوك أو يتفرج عليك أو يصبح عدوك، ومن الدروس المستفادة أيضًا الاعتماد على أنفسنا كدولة وكشعب، والاعتماد على أنفسنا ومواردنا.

 

 

بما أنّك عاصرت الحرب، أمسيات الحرب؟

الأمسيات تنصبُ في الترقب والحذر وبذل المجهودات لرصد أيّ تحركات مشبوهة وتأمين المواطنين واتخاذ ما يلزم أو تحليل الأحداث.

 

إطالة أمد الحرب؟

 

فاقمت المعاناة ولم تكن متوقعة، ومع ذلك تعايش الناس معها، ولكنّ الحرب أفقدت المواطنين الاستمرار في مشروعاتهم الخاصة، وفي نفس الوقت، أوضحت للناس بجلاءٍ أنّ هناك مجهودات داخلية وخارجية تغذي هذه الميليشيا ولا تريد للسودان الاستقرار، وتسعى لأن ترضخ الحكومة وشعبها للاستجابة للإملاءات ومصالح ومطامع الحالمين باختطاف الدولة وتغيير وإحلال شعبها.

 

 

كيف تقرأُ راهن الأحوال بولايتك بعد مرور عام وأربعة أشهر على الحرب؟

 

أولًا: الإجابة على السؤال فيها جوانب كثيرة. فعلى صعيد العمليات العسكرية والحرب، فهو أمر تديره القوات المسلحة والمعركة تسير بصورة طيبة، وكل يوم هناك انتصار وتقدم بالرغم من أنّ انتشار الميليشيا فاقم من معاناة المواطنين.

 

أما الجانب الثاني: فيتعلق بما تقوم به أجهزة حكومة ولاية الخرطوم، وهذا يسير بصورة حثيثة ويزداد كلما توسعت الرقعة الآمنة.

 

الجانب الثالث: المواطن اقتنع بأنّه من الأفضل له أن يكون في منزله بالولاية، لأنّ وجوده بالمنزل وخاصةً في المناطق التي تم دحر الميليشيا منها، أصبح أمرًا مفضلًا يحقق له الاستقرار بعد إطالة أمد الحرب.  والتواجد بالخرطوم أظهر معدن الشعب السوداني، وبرزت فيه قيم التكافل واقتسام اللقمة والإيثار وخير مثالٍ لذلك (التكايا) واستضافة الأُسر في المنازل، كما ساند أبناء السودان بالخارج أهلهم بصورة قوية، والوجه القبيح لإطالة أمد الحرب دفع ضعاف النفوس لاستغلال وجود الناس خارج منازلهم وتعدوا عليها ونهبوا ما تبقى من ممتلكات للمواطنين.

 

هل سيستعيد السودانيون الخرطوم كما كانت؟

نعم.. ولكن بتوفر الإرادة والإمكانيات، وإن شاء الله قادرون على إرجاعها بأفضل مما كانت عليه.

 

حدثنا عن أبرز خططكم للنهوض بالولاية وتقديم الخدمات للمواطنين؟

 

أولًا: أن يكون التخطيط برؤية علمية وأطلقنا برنامج إعمار الخرطوم وتم تعيين منسق والآن هو يعد لورشة سيشارك فيها كل الناس حتى تتم عملية الإعمار بصورة علمية.

 

هل قُدرت خسائر الولاية إثر التمرد؟

 

لن تُقدر إلّا بعد انتهاء الحرب.

 

هل وضعتُم خطةً لما بعد الحرب؟

 

الخطة لن أضعها لوحدي، ولكنها توضع بعد انعقاد ورشة أو مؤتمر الإعمار الذي يجري الإعداد له وبمشاركة كل الجهات وأجهزة الولاية المختلفة.

 

كلمة للقوات النظامية والمستنفرين والمواطنين؟

أبعث بالتحية للقوات المسلحة، وجهاز المخابرات العامة، والاستخبارات العسكرية، والشرطة والمستنفرين، متمنيًا النصر المؤزر. كما أترحم على الشهداء الأبرار سائلًا المولى أن يجعلهم في عليين، والشفاء العاجل للجرحى والمصابين، والعودة للمفقودين والمأسورين لأهلهم غانمين سالمين، وأن يُفك الحصار عن المحاصرين. كما أبعث بالتحية للمواطنين في كل مكان بالداخل والخارج خاصةً مواطني ولاية الخرطوم الذين صمدوا ولم يغادروا منازلهم، وتحملوا كل الأذى والظروف الصعبة وإفرازات الحرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.