اطلاق المسيرات الانتحارية في المناطق المختلفة من قبل مليشيا الدعم السريع واحدة من الوسائل الحربية التي تتصل بتحقيق ضربات عسكرية واستهداف مناطق وشخصيات أو لتحقيق غرض نشر الرعب والخوف وسط المواطنين بما يتلازم مع هذا الاطلاق من فرقعة إعلامية او لتحقيق الهدفين معا.
والقاسم المشترك في كل عمليات الاستهداف عبر المسيرات التي نفذتها مليشيا الدعم السريع في الكثير من الولايات والمدن والقرى حيث التجمعات والمؤسسات العسكرية والمدنية هو وجود ظهر حامي ومنطقة تسيطر عليها تحقق لها سهولة التجهيز والاطلاق والتوجيه ثم الانسحاب بعد ذلك الى عمق منطقة السيطرة.
لكن هذا العمق والمؤخرة الآمنة التي تتيح للمليشيا اطلاق المسيرات غير متوفرة في مناطق ولاية البحر الأحمر وفي مدينة بورتسودان على وجه الخصوص وان توفرت البيئة الطبيعية ذات الجبال والطرق الوعرة في مناطق واسعة والتي يمكن ان تكون مساعدا مهما لتنفيذ مهمة اطلاق المسيرات ولكن تظل المجموعة المنفذة وفريقها الفني داخل حدود مناطق سيطرة القوات المسلحة والقوى النظامية الأخرى وتحت سمع بصر و عيون المخابرات ومراصدها المختلفة.
أي أن الأمر ينطلي على مغامرة كبيرة مع الاحتمالات الضعيفة لتحقيق اهداف الهجوم. وهذا السبب هو الذي دفع المليشيا لتؤجل الاقدام على تنفيذ هجوم انتحاري عبر المسيرات حتى تتأكد من الحصول على صيد ثمين يستحق التضحية من أجله باعتبار ان الفرصة نادرة التكرار وان اي محاولة فاشلة يمكن ان تشدد عمليات الرصد الحذر والمراقبة والاهتمام بالتشويش في المستقبل.
واحتفال تخريج الطلاب الحربيين بضاحية جبيت كانت فرصة مثالية للصيد الثمين بوجود السيد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وكبار ضباط الجيش ، حيث المباغتة بالمحاولة رقم واحد بل ربما اريد لها تكون هي المحاولة الأولى والأخيرة وقاصمة الظهر ، لكن الواضح ان عدم توفر الظروف المثالية قد افشل المحاولة وقلل الخسائر الى اقل حد كبير وان كانت قد حققت أهدافها الدعائية المتصلة بالفرقعة التي تثير الوسائط وأجهزة الاعلام المختلفة مدة من الزمن والتي لا تصب باي حال من الأحوال في صالح القوات المسلحة بما يحدث لها من استثمار لصالح الحرب النفسية التي تقودها المليشيا واعوانها.
وتبقى الاحتمالات الراجحة أن الفريق المليشي الذي أدار عملية الهجوم على حفل التخريج قد من المناطق الجبلية في تجاه الحدود مع مصر تحت غطاء حركة سيارات التهريب الى هناك وبعدها تحركوا مباشرة الى الحدود وربما سيدخلون مصر مع جملة السيارات الداخلة بعد التخلص من جميع آثار الجريمة في الخلاء المفتوح وبين فراغات سلسلة جبال البحر الأحمر انتظارا لعملية أخرى بعد التنسيق مع الخلايا النائمة التي تجهز مطلوبات العملية محليا.
ويطل سؤال ملح في اتجاه آخر من اتجاهات هذه الحرب هل للعملية أي علاقة مع جولة المفاوضات القادمة والتي رأى من هم على مطبخها ان السيد البرهان يقف حجر عثرة امام وصولها الى نهاياتها المخطط لها وهل هناك قادة آخرون مصنفون بأنهم لا يشكلون عثرات ؟ أم أن الامر جاء في هذا التوقيت لإثارة الأسئلة الصعبة والشكوك على جبهة القوات المسلحة ؟.
وبعد ضياع فرص الصيد الثمين هل يتوقع ان تتواصل عمليات الطائرات لحصاد فوائد أخرى تتصل بنشر الخوف والذعر وإرهاب المواطنين كما يحدث الآن في العديد من المناطق التي تستهدفها المليشيا ؟ . وفي حالة ارتباط العملية بمخطط إزالة العثرات من طريق جنيف في 14 اغسطس يبقى علينا ان ننتظر المزيد من محاولات الازاحة بطرق ووسائل مختلفة استباقا للتاريخ المضروب بالضرورة لن يتصل بالأمر بالعقل العسكري لمليشيا الدعم السريع لكن بعقل المملولين والمهندسين المقاولين لخارطة مستقبل السودان التي يمكن اعتبار ان جنيف هي نقطة تدشينها المعلنة حتى الآن .