محافظ بنك السودان في حوار صريح يكشف تفاصيل احتياطي النقد وأسباب ارتفاع الدولار وضوابط الاستيراد
حوار- محمد جمال قندول- قدم محافظ البنك المركزي برعي الصديق مرافعات اتسمت بالشفافية والوضوح حول العديد من القضايا والموضوعات المتصلة بالإجراءات الجديدة لبنك السودان والهادفة للحد من تدهور الجنيه َوكبح جماح الدولار.
وكان بنك السودان المركزي اعلن الخميس الماضي اطلاق محفظة تمويلية مشتركة بموارد بالنقد الأجنبي بمبلغ مليار دولار امريكي بريادة بنك الخرطوم.
طرحت صحيفة (الكرامة) على طاولة محافظ بنك السودان جملة من القضايا الاقتصادية في اعقاب اطلاق المحفظة تتصل بالتأكد من فرص نجاحها ، واستعرضت معه مستقبل الأداء المصرفي في ظل التحديات التي تواجه الدولة وفى مقدمتها الحرب، وقد كان برعي الصديق حاضرا بإفادات واضحة فالي مضابط الحوار.
*إلى أي مدي تتوقع مساهمة المحفظة المشكلة في انعاش الجنيه السوداني وكبح جماح الدولار؟
_انشاء المحفظة يستهدف الحد من التدهور المستمر في سعر الصرف، وكبح جماح التضخم وذلك عبر توفير النقد الأجنبي لاستيراد السلع الاستراتيجية من مواد بترولية ودقيق وقمح ودواء، والتي يجري استيرادها حالياً بموارد السوق الموازي مما يخلق ضغوطاً مستمرة علي سوق النقد الأجنبي ويسهم في ارتفاع معدل التضخم.
قيام هذه المحفظة سيحيد جزءاً كبيراً من هذا الطلب، ولكن سيظل جزءا من التحدي قائماً باعتبار أن المحفظة لن توفر النقد الأجنبي لكافة السلع المستوردة، والحل هنا هو الحد من استيراد العديد من السلع غير الضرورية التي تمول من موارد السوق الموازي وتمثل تحدياً كبيراً أمام الاستقرار الاقتصادي والنقدي.
سنعمل علي زيادة موارد المحفظة مستقبلاً لتوسيع نطاق عملها بحيث يشمل سلعاً أخري مهمة كمدخلات الإنتاج الزراعي وغيرها.
*هل لديكم قياسات للتنبؤ إلى ما يمكن ان يصل اليه سعر الدولار جراء هذه الإجراءات؟
_ ليس لدينا قياسات للحد الذي يمكن أن يبلغه سعر الصرف، فنحن في الحقيقة لا نستهدف الرقم الذي يمكن أن يتم به تداول الجنيه (عدد الجنيهات مقابل دولار واحد) بقدر ما نستهدف استقرار قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار وبقية العملات الأجنبية الأخرى القابلة للتداول.
*البعض يري ان فكرة المحفظة ليست جديدة ولن تؤدي للنتائج المطلوبة في ظل الطلب المتزايد علي الدولار جراء الحرب؟
نعم ، فكرة المحفظة ليست جديدة، لكن الجديد هي الألية التي ستعمل وفقها المحفظة الجديدة، والتي تقوم علي الشفافية الكاملة، والتنسيق المستمر، وتكامل الأدوار مع المؤسسات والوزارات الأخرى وعلي الأخص وزارة الطاقة التي هي الوزارة المختصة في شأن المواد البترولية، الجديد كذلك هو رأس مال هذه المحفظة المدفوع بالنقد الأجنبي بالكامل (مليار دولار) والذي سيمكن المحفظة من مقابلة التزامات الموردين بصورة سلسة، ومن شراء الذهب دون التعرض لضغوط، كذلك فإن هذه المحفظة قد تم تكوبنها بتوافق كامل بين مكونات القطاع الاقتصادي، بعد أن خضعت لتشاور موسع بين مختلف أجهزة الدولة التنفيذية، وصادق عليها السيد رئيس المجلس السيادي، إضافةً إلي ذلك فإنها تخضع للرقابة والتفتيش من قبل البنك المركزي، وكذلك للمراجعة، ويرأس جمعيتها العمومية محافظ بنك السودان المركزي.
*هل تتوقعون استقبال ودائع؟
قد تأتي ودائع وقد لا تأتي، وإن كان السؤال مرتبطاً بالمحفظة، فإن موارد المحفظة كلها تم توفيرها بواسطة بنك السودان المركزي وبنك الخرطوم، أما علي الصعيد العام فلقد تلقينا العديد من الطلبات من جهات أجنبية ترغب في الدخول في شراكة مع الحكومة لتوفير بضائع وسلع بعضها مقابل إعفاء حصائل صادر ذهب، وبعضها مقابل خطابات ضمان من بنك السودان المركزي.
*الا تخشى ان تلتهم فاتورة الحرب مخزونكم من العملات الحرة والذهب؟
_البنك المركزي لا يزال يتوفر علي احتياطي مقدر من النقد الأجنبي والذهب، ولا أدل علي ذلك من دخوله في هذه المحفظة التي وفر لها مائتين وخمسين مليون دولارا، وهو مبلغ يسير لا يشكل أي ضغط علي احتياطاته التي عمل علي بنائها في فترة ما قبل الحرب التي شهدت استقراراً غير مسبوق في كافة المؤشرات الاقتصادية بما مكن البنك المركزي من مراكمة احتياطيات وافرة.
*تحدثتم عن مخزون من العملة الحرة والذهب لماذا لم تظهر اثار هذا المخزون قبل الإجراءات الأخيرة؟
يبدو أن الصحافة غير مطلعة علي أنشطة البنك المركزي في فترة الحرب لقد تحمل البنك المركزي الصرف علي كافة أوجه النشاط في الدولة منذ اندلاع هذه الحرب في أبريل 2023، وكان ذلك لزاماً عليه في أعقاب انحسار إيرادات وزارة المالية جراء الحرب، وتوقف الدعم الخارجي، وعدم القدرة علي استجلاب دعم مالي خارجي رغم الجهود الحثيثة التي بذلت ولا زالت تبذل، والتي نأمل أن تحدث اختراقاً ملموساً في القريب العاجل لقد قام البنك المركزي بدور وطني كبير وتحمل مسؤولية عظيمة خلال هذه المرحلة.
*هل لديكم برنامج متكامل لما بعد الحرب؟
هنالك لجان تم تكوينها لهذا الغرض برئاسة السيد وزير المالية وقد قطعت شوطاً مقدراً في اعداد الدراسات واستجلبت عدداً من الخبراء الأجانب الذين قدموا تحارب إعادة الاعمار في بعض الدول التي عانت من الحروب.
*هنالك اتهام لبنك السودان بالتسبب في الانهيار الاقتصادي باعتبار انه يطبع عملات خارج النظام المصرفي؟
لم أفهم ما المقصود من السؤال، لكن إذا قصدتم أن بنك السودان المركزي يقدم استدانة لوزارة المالية لمقابلة الصرف الجاري فهذا صحيح، ونعلم النتائج التي تترب عليه، ولكن هذا طبيعي في ظل هذه الحرب التي شلت الاقتصاد بشكلٍ شبه كامل، والمهم ليس هذا بقدر ما هو السعي لترتيب الأوضاع الاقتصادية للبلاد بما يتسق مع وضع الحرب، ومن ذلك اسراع وزارة المالية بإيجاد معالجات لعجز الميزانية بعيداً عن البنك المركزي، وضبط الاستيراد العشوائي، وتنظيم استيراد المحروقات، وهو ما نحن بصدده من خلال هذه المحفظة.
*هنالك حديث اهدار العملة الصعبة في استيراد سلع غير ضرورية وتجاوز القائمة المحددة بواسطة وزارة التجارة الخارجية؟
_ هذا صحيح تماماً، وهو وضع نسعي جميعاً لمعالجته حيث عقدت عدة اجتماعات وصدرت العديد من القرارات بشأنه والتي نأمل أن تحقق أهدافها في أسرع وقت في ظل متابعة كافة أجهزة الدولة الرسمية والقيادة لذلك.
*كيف يمكن استعادة حصائل الصادر المفقودة؟.
قطاع الصادر يحتاج لترتيب. نخطط لدعوة ممثلين لكافة شعب المصدرين للاجتماع بهم ومناقشة أوضاع الصادر والحصائل بكل شفافية للوصول الي أرضية مشتركة معهم والتفاهم علي ضوابط تحكم توريد حصائل الصادر. سندعو للاجتماع كافة الجهات ذات الصلة بقطاع الصادر من وزارة تجارة ووزارة ثروة حيوانية ومالية ومسجل تجاري وجمارك وأمن اقتصادي.