“معظم النزاعات تنبع عن سوء فهم تم تضخيمه”.. أندريه جيد ..!*
في رواية لمن تقرع الأجراس لأرنست همنجواي ينضم روبرت إلى المليشيات خلال الحرب الأهلية الإسبانية، وفى منتصف رحلته التي تصور بشاعة الحرب الأهلية يستعيد شغفه بالحياة من خلال علاقته بماريا..!
وفي رواية “كائن لا تحتمل خفته” لميلان كونديرا يقف توماس محدقاً في الجدار وهو يتساءل عن مصير حبه لتريزا، هل يستسلم لجاذبية المشاعر الثقيلة أم يعيش متخففاً من أحمال علاقة زواج تربطه بالأرض؟. ثم تأتي الحرب ليكتشف خلال فراره من تبعاتها أن تريزا هي حجر الزاوية لكيانه كله..!
في ملحمة الأوديسة لهوميروس يعود أوديسيوس إلى زوجته بعد انتهاء حرب طروادة ليكتشف أن البيت قد تغير وأن زوجته قد تغيرت وأن ابنه لم يستطع أن يتعرف عليه، وتلك أثمان باهظة – أخرى – للحروب غير القتلى..!
الأدب العالمي في تلك الروايات وفي غيرها كان وما يزال يناقش علل ومزالق وإشكالات ومهالك العلاقات الإنسانية على وجه العموم – والعلاقات العاطفية على وجه الخصوص – في أزمنة الحروب..!
بعد مرور أكثر من عام على اندلاع هذه الحرب وتأقلم النازحين واللاجئين على ظروفهم الجديدة تفاقمت تحديات اقتصادية وبرزت مشكلات اجتماعية واستجدت مواقف أسرية في علاقات اللاجئين والنازحين، وتم تداول الكثير من الاستشارات والحوارات بشأن ذلك كله في مواقع التواصل الاجتماعي..!
بطبيعة الحال سوف يهتم الناس بتصريحات القادة وسوف يلاحقون أخبار المعارك لكنهم سيظلون دوماً أوفياء للهم الأكبر، هَم العلاقات الإنسانية، التي تُورق وتُثمر، أو تذبل وتضمحل، دوماً، لأسباب شخصية..!
موضوع هام كان مثار مناقشات واسعة في قروبات الفيس بوك الخاصة بالنساء، مفاده عزوف معظم الأزواج – السودانيين في مناطق اللجوء والنزوح – عن الكلام، وميلهم إلى العزلة والانطواء، وزهدهم في قضاء ما اعتادوا عليه من الأوقات مع زوجاتهم اللاتي أصابتهن الشكوك والهواجس فعرضنها على قارعة الفيس بوك..!
في كتاب الرجال من المريخ النساء من الزهرة تحدث جون غراي عن كهف الرجل وعن أسباب دخوله إليه، وعن مدة وجوده في ذلك الكهف كلما دعته الحاجة لذلك..!
وناقش طبيعة الرجل الذكورية التي تمنعه من الحديث عن مشاكله وعن الضغوطات والتحديات التي تثقل كاهله. فهو الرجل وهو القادر على حل مشاكله دون الاستعانة بأحد..!
فالحديث من وجهة نظر الرجل ضعف، على العكس من المرأة التي تشعر بالراحة عند الحديث عن أي مشكلة. وهذا الاختلاف الفطري هو الذي يولد سوء الفهم الذي يقود بدوره إلى الشجارات إياها..!
أثناء تواجد الرجل في كهفه هو يتمنى فقط أن يحظى ببعض الهدوء للتخلص من الضغط النفسي أو للعثور على بعض الحلول، وهنا كل المطلوب من الزوجة هو احترام خصوصية زوجها ورغبته بالانعزال..!
أما كيف تفعل ذلك فالأمر بسيط جداً بحسب المؤلف الذي يقول إن عليها فقط أن لا تنتظر وأن لا تسأل وأن لا تحاول تقديم أي مساعدة. ويا حبذا لو انشغلت عنه بأي شئون خاصة تجعلها سعيدة..!
وعندما يخرج رجل الكهف من عزلته المجيدة سوف يقدر لشريكته كثيراً أنها قد تركته وشأنه، فدخل وانعزل وخرج بسلام، ثم مرت الحكاية مرور الكرام!.
*صحيفة الكرامة
munaabuzaid2@gmail.com