وزيرة الصناعة محاسن علي يعقوب تتحدث في حوار عن تكلفة إعادة إعمار القطاع الصناعي

0

حوار – نازك شمام

 وزيرة الصناعة محاسن علي يعقوب: نسبة التدمير في القطاع الصناعي كبيرة جدا

تسببت الحرب التي أشعلتها مليشيا الدعم السريع في 15 أبريل في التأثير بصورة كبيرة على القطاع الصناعي بالبلاد، والذي كان يعاني أصلاً من تحديات مزمنة أبرزها مشاكل البنى التحتية والطاقة وتكلفة الإنتاج، إلا أن الحرب أصابت القطاع في مقتل بسبب الدمار الكبير الذي لحق بالمصانع، والتي يتخذ أغلبها من العاصمة الخرطوم مقراً له، فكانت المصانع هدفاً للنهب والسرقة والحرق والإتلاف، مما أفقد المستثمرين رؤوس أموال طائلة.

تحديات ومشاكل يجابهها القطاع الصناعي بالبلاد وحلول حكومية وأهلية تحاول إنقاذ القطاع من وضعه الراهن، شكلت مجتمعة أسئلة واستفسارات وضعتها ( المحقق) على طاولة وزيرة الصناعة المكلفة، محاسن على يعقوب، لمعرفة ماذا حل بالقطاع ودور الوزارة في إزالة العقبات، فالي مضابط الحوار:

 

ماهي قراءتك للوضع الحالي للقطاع الصناعي؟

 

ترسخت سياسة مركزية الحكم والخدمات بالبلاد لعدد من السنين بالعاصمة القومية وكذلك كانت مدن العاصمة تمثل أكبر سوق استهلاكي في السودان، كما إن العاصمة تمتاز بالبنية التحتية الجيدة وتوفر الطاقة الكهربائية الشيء الذي لم يكن متوفراً بالولايات، مما دفع أصحاب الخدمات من صحة وتعليم وأصحاب الوحدات الإنتاجية كالمصانع لتفضيل ولاية الخرطوم مقراً لأنشطتهم عن بقية الولايات، كما أن العاصمة تتوفر بها قطع الغيار والمخارط والمكابس وأعمال السباكة والمسابك والعمالة الماهرة والفنيين والجهات الاستشارية.

ولذلك تركزت أكثر المصانع خاصة الكبيرة بولاية الخرطوم عدا مصانع السكر والإسمنت، ونتيجة لكون الحرب بدأت في الخرطوم فقد كان الدمار كبير جداً بالنسبة للقطاع الصناعي، وكان الأثر كبيراً جداً باختفاء أغلب السلع المنتجة محلياً عن الأسواق، وقد لاحظ المستهلكون ذلك بصورة واضحة حيث كانت الصناعة تغطي العديد من السلع والمنتجات بمواصفات تفوق المستورد علي سبيل المثال ( الزيوت – الصابون- الشاي – الدقيق ومنتجاته – العصائر والمياه الغازية – السجائر – المكيفات – الثلاجات – التكاتك والركشات ومصانع تجميع السيارات والآلات الزراعية – المنتجات البلاستيكية….الخ ) كل هذه المنتجات كانت المصانع السودانية تغطي الاستهلاك المحلي منها بنسبة 100%، الدمار في القطاع الصناعي يصل إلى 90 بالمئة

 

تقديرياً، كم نسبة تراجع القطاع الصناعي بعد الحرب؟

 

للأسف التقديرات الأولية لهذه الحرب أوضحت أن نسبة التدمير التي طالت القطاع الصناعي عالية جداً، يمكن تقديرها بحوالي 90% من القطاع بالسودان، ويتفاوت التدمير  بين تدمير جزئي وتدمير كلي شمل الإنشاءات والآلات.

 

هل تعتبر الحرب فرصة لتوزيع القطاع الصناعي بشكل جغرافي بحيث يشمل المركز والولايات؟

 

طبعاً، مانتج عن هذه الحرب من تدمير يحتم إعادة النظر في سياسة مركزية المصانع وقد بدأت الصناعة في تبني هذه الرؤية بتشجيع المستثمرين الجدد بالاستثمار في الولايات أو الذين تدمرت مصانعهم بإنشاء فروع لمصانعهم بالولايات، حسب الميزة النسبية لكل ولاية، وتنسق الوزارة مع الولايات علي منح حوافز تشجيعية للمستثمرين لجذبهم و إنشاء العديد من القطاعات الصناعية بالولايات لتحقيق التنمية المتوازنة بالبلاد.

 

الحرب تحتم علينا إعادة النظر في سياسة مركزية المصانع

 

كم عدد المصانع العاملة بالبلاد وما هي أكثر القطاعات الإنتاجية التي تستحوذ عليها (غذائية، أدوية، أسمنت ومواد بناء)؟

 

كما أسلفنا بأن الصناعة كان يتركز أغلبها بالعاصمة خاصة المصانع الكبيرة، ولذلك خرجت العديد من المصانع عن الإنتاج بسبب تدمير خطوط الإنتاج وتدمير أو نهب المواد الخام والمنتجات، لكن هنالك بعض المصانع الموجودة بالولايات لم تتأثر بصورة مباشرة بالحرب مثل بعض مصانع السكر وكل مصانع الأسمنت ومعاصر الزيوت بالولايات الآمنة، كما أننا نملك طاقات كبيرة من المطاحن بالولايات في كل من ولاية البحر الأحمر وولاية كسلا و ولاية نهر النيل والولاية الشمالية و ولاية سنار ومطاحن المناقل بالجزيرة، فهذه المطاحن تستطيع تغطية الاستهلاك المحلي وتعويض المطاحن التي خرجت عن الإنتاج بالخرطوم وود مدني.

 

مؤتمر إعادة إعمار القطاع الصناعي في مايو نقطة انطلاق جديدة للصناعة في السودان

 

من المفترض أن تحتضن مدينة بورتسودان في مايو الجاري مؤتمراً لإعادة إعمار القطاع الصناعي، ماهي أبرز الأوراق التي ستناقش ومن هم المشاركين؟

 

تعتبر الوزارة هذا المؤتمر نقطة انطلاقة جديدة للصناعة بالسودان حيث ستشارك فيه وزارة الاستثمار لتوضح ما هي السياسات الجديدة للاستثمار بالبلاد والتي تتماشي مع هذا الوضع الاستثنائي، وكذلك ستشارك فيه كل الولايات حتي تطرح الفرص الاستثمارية الموجودة بها والميزات النسبية التي تتمتع بها، وستشارك فيه أيضاً الجهات التمويلية لتوضيح سياسات التمويل الجديدة التي تتطلب مراعاة هذه الظروف الاستثنائية، وكذلك سيشارك المستثمرون والمصنعون أصحاب المصلحة لتوضيح رؤاهم والتحديات التي تواجههم، لتوضع لها الحلول المناسبة التي ستساعدهم في إعادة إعمار المصانع واستئناف الإنتاج من جديد، كما سيشارك في المؤتمر عدد من الخبراء في القطاع الصناعي بالبلاد بالإضافة إلى الجهات الاكاديمية.

وسيركز المؤتمر علي دراسة الوضع الراهن والسياسات المطلوبة لإعادة إعمار القطاع الصناعي.

 

بعض المصانع بدأت في إنشاء فروع لها في الولايات للحفاظ على ماركاتهم التجارية

 

هل استطاعت الوزارة رصد تكلفة حتى ولو مبدئية لإعادة إعمار القطاع الصناعي إلى حالته ما قبل الحرب؟

 

لم ترصد الوزارة التكلفة الكلية المطلوبة لإعادة إعمار القطاع الصناعي حتى الآن نسبة لصعوبة إكمال أعمال حصر المصانع المتضررة في الوقت الراهن، وصعوبة تمييز المصانع التي تضررت جزئياً من التي تضررت كلياً، لكن كما أسلفنا فإن التكلفة ستكون كبيرة جداً لأن التدمير شمل حوالي 90% من القطاع ولذلك فان عملية إعادة الإعمار تتطلب عملاً كبيراً يشمل

 

البنية التحتية و الإنشاءات والماكينات والأجهزة و توفير مدخلات الإنتاج.

 

هل توجد تصديقات لإنشاء مصانع جديدة في الولايات وهل يوجد حصر لعدد التصاديق؟

 

الآن بعض المستثمرين بدأوا خطوات عملية في إنشاء مصانع جديد أو فروع جديدة لمصانعهم بالولايات لاستئناف الإنتاج حتى يحافظوا علي تواجد منتجاتهم وماركاتهم التجارية بالأسواق المحلية، وتقوم الوزارة بالتنسيق الكامل مع هذه الولايات لتذليل كل العقبات حتى تتمكن هذه المصانع من استئناف الإنتاج في القريب العاجل إن شاء الله، وهنالك استجابة كبيرة من كل الولايات والتي قامت بتوفير تسهيلات كبيرة لهؤلاء المستثمرين.

ففي إطار التنسيق مع الولايات  والجهات ذات الصلة تتواصل الوزارة مع وزارة المالية لتوفير البنية التحتية اللازمة بالولايات لجذب المستثمرين و تشجيعهم على إقامة مصانعهم بهذه الولايات وفقاً للميزة النسبية المتوفرة بتلك الولايات من موارد زراعية أو معدنية أو ثروة حيوانية أو سمكية. كذلك تتواصل الوزارة مع إدارات الكهرباء بالبحر الأحمر لتوفير إمداد الكهرباء للمناطق الصناعية الحالية والمستقبلية بمدن الولاية المختلفة وسيتم التركيز علي الطاقات البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

كذلك تتواصل الوزارة مع إدارة  الكهرباء والمياه لإعادة الخدمات إلى المناطق التي دمرت الحرب فيها هذه الخدمات مثل المنطقة الصناعية أم درمان. وقد بدأت بعض المصانع في تقييم الأضرار  والصيانة بمدينة أم درمان.

 

المصانع في أم درمان بدأت بترتيبات الترميم والصيانة

 

هل قامت الوزارة بإدارة أي حوار مع القطاع المصرفي للمشاركة في إعادة إعمار الصناعة؟

 

كما أسلفنا فإن القطاع المصرفي مشارك بورقة في المؤتمر المزمع قيامه في مايو الجاري و نتطلع أن يقوم القطاع المصرفي بتبني سياسات تمويلية جديدة تعالج مشكلات المستثمرين في القطاع الصناعي وتراعي الظروف التي مروا بها بسبب هذه الحرب.

 

بحسب ما ورد في وسائل إعلامية، هنالك مجموعات صناعية بدأت في إعادة إعمار مصانعها في المناطق الآمنة بولاية الخرطوم، هل تنسق هذه المجموعات مع الوزارة؟

 

الوزارة في تواصل وتنسيق مستمر مع حكومة ولاية الخرطوم، واتحاد الغرف الصناعية بأم درمان، وهي مطلعة علي كل الخطوات التي تتم بالمنطقة الصناعية بأم درمان، وقد بدأت بعض المصانع التي تضررت جزئياً بالترتيب للترميم والصيانة.

 

ماهي أبرز التحديات التي تواجه الصناعة خلال الفترة المقبلة؟

 

هنالك تحديات كبيرة جداً تواجه القطاع الصناعي في المرحلة المقبلة أهمها التمويل نسبة لفقدان الكثير من المستثمرين لرؤوس أموالهم بسبب هذه الحرب، ثم التحدي الثاني هو هجرة العمالة الماهرة والمدربة خاصة التي هاجرت خارج البلاد، ثم مشاكل البنية التحتية والكهرباء بالولايات، ولذلك تضع الوزارة أملاً كبيراً في هذا المؤتمر لوضع مقترحات حلول لكل هذه التحديات بإذن الله.

 

هل درستم تجارب مشابهة لقطاع الصناعة في دول مرت بنفس الظروف التي يمر بها السودان؟

 

التجارب العالمية تجارب ثرة وناجحة ابتداءاً من التجربة الألمانية واليابانية بعد الحرب العالمية الثانية مروراً بالتجربة الكورية في ستينات القرن الماضي ثم التجارب الإقليمية في العصر الحديث كالتجربة المصرية والعراقية والسورية مروراً بالتجربة الرواندية، كل هذه التجارب متاحة ويمكن الاستفادة منها، وسيتم التطرق لبعضها في المؤتمر لتتم الاستعانة بالخطوات التي تبعتها تلك الدول للتعافي من آثار الحرب وإعادة الإعمار، وسيتم الاستفادة من هذه التجارب حسب ظروف المرحلة ومقتضيات الأحوال.

 

 

نقلا عن المحقق

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.