نداء الوطن- صديق المجتبى
هتف الزمان على رباك محيياً
يا موطن الشهداءِ والأبطالِ
جاءت خيولُ النصرِ كالفجرِ الذي
ينداحُ عبر مهامهٍ وجبالِ
حملتْ إليكَ العزِّ أجناداً أتَوْا
لحِمَاكَ فوق جماجم الأنذال
هدَّوا الجبالَ وخرَّقُوا أحشاءها
لبُُوا نداءكَ سُبَّقاً لنزالِ
لا ينثنون وليس يُدرِكُهُم وَنَىً
طارُوا إليكَ بهِمَةِ الأجيالِ
مثلتْ أمامَهمُ الرؤى وتجسَّدتْ
صور البطولة في الزمان الخالي
تاريخ أجدادٍ ووثبةُ أمةٍ
حكت المدائنُ بأسَها كمثالِ
أوَ لَم تكن هذي الديارُ مقابراً
لجحافل الطاغوتٍ منذ ليالي
أو لم يمت (غردون) فيها خاسئا
وجنودُه فرُّوا كأمِّ رئالِ
أو لم يَرَوْا بيضَ السيوفِ
تعطّشتْ لدمائهم وتسابقت لِنِهَالِ
أو لم يَروا شعباً تدفق هادراً
بين الربوع كثورة الزلزال
ناءتْ مُتونُ الأرضِ حين تدافعوا
بالعزم بين بنادق ونصالِ
هَتَفُوا بحقِ اللهِ الأرضِ التي
صانوا رِعَالا تُربَها لِرِعَالِ
قسما ويعلم كل ذي عين رأى
من بأسنا ما ضاق بالأمثال
إنا لشعبٌ لا يُضامُ ولا يرى
في الموت هولاً أكبرَ الأهَوَالِ
نيلُ الشهادةِ عندَنا أمنيَّةٌ
للشيبِ بل أغنيَّةُ الأشبالِ
أنا نُلقِّنُ طفلَنا أنشودةً
كن فارساً كن سيدَ الأبطال
إن الوثوبَ إلى المكارمِ والعُلَى
شأنُ الشبابِ الطامحِ الصَوَّالِ
عَفِ السريرة والعقيدة والنُُهَى
أنعم بهم من فتيةٍ ورجالِ
إنَّا لننهضُ ما أتانا غائرٌ
نَرفَّضُ مثل أشاوس الأدغالِ
أنا نَهَشُ إذا أتانا زائرٌ
ننهال مثل الصَيِّبِ الهطَّالِ
يا أرضَنا السمراءَ أنت شهيدةٌ
لوقائعِ التاريخِ والأحوالِ
كم ذاد عنكِ مجاهدٌ ومقاتلٌ وأقام صرحَ تَجَلُّدٍ ونضالِ
زحفت جيوش النصر بين ربوعها
في صدرها المهدي ، دون كلال
ما هاب قطُ الموت في ساحاتها
بل خاض دون حماك حرب سجال
لا لم يطأطئ رأسه لعدوهبالمشركين الحُمْرِ غير مبال
لم يدع يوماً للحوار وشعبه قد سامه الأعداء شر وبالِ
لا لم يبع سودانه بدراهمبل باع نفساً للقدير العالي
قد سطر التاريخ في تلك الرُبَى
أمجادَ رَهْطٍ من دَمِي من آلي
طَرِبَ الزمانُ لقولِهِم ولَفِعْلِهِم
وشدا مُدِلَّاً فاطَّبَى أمثالي
قولوا لعربان الشتات خسئتمو
لن ننثني لتوابع الأذيالِ
ما أنتمو إلا بطانةُ سيدٍ
هو عبدُ دينارٍ ربيبُ ضلالِ
ما أنتمو إلا نفايا أمةٍنبذتْ فلولَ الخِزي والإذلالِ
لن تستباح ديارنا وكرائمٌ
في عزّهِن رَوافِلٌ وغَوالي
هذي نسيبة في حُليِّ رصاصِها
تزهو بأروعِ حلة وجمالِ
خرجت لساحات الفدا في همَّةٍ
ليست بذات تبرُّجٍ ودلالِ
دفعت بنيها للقتال ونفسَها
وثبتْ هزيراً في رواء غزالِ
إنا بني السودان نُعلنُ للورى
لا للسلام كقيلهم والقالِ
لا للحوار وهدنةٍ في كي تهربوا
والنصرُ لاحَ مرفرفاً كهلالِ
لا تسمعوا نصح الذئاب ورايَهم
ذاك النداء ذريعة لمطالِ
ولجيشنا فصل الخطاب ورايه
هو رأينا في ممكن ومحالِ
لغةُ البنادقِ وحدها مفهومة
للمعتدين ولات حين جدال
فلنخرس العملاءَ بين صفوفنا
والمنتمين لمعشر الأنذال
فبلادنا الغراء عادت حرةً
محفوفة بالعز والإجلال
صدحت مآذنها كأن وراءها
عبر القرون أطل صوت بلال
نهضت به الخرطوم صلت فجرها
خشعت بانضر أنفسٍ كلآلى
هتف الزمان على رباك محيياً
يا موطن الشهداء والأبطال
يا أرضنا السمراء أنت شهيدةلمضابط التاريخ والأحوالِ
صديق المجتبى