الدفاع المدني.. درع الوطن في وجه الكوارث

0

مدارات للناس- هاشم عمر- في ظل التحديات الجسيمة التي تواجه السودان، يبرز الدفاع المدني كأحد الأعمدة الصلبة التي تتكئ عليها الدولة في حماية أرواح وممتلكات المواطنين، سواء في أوقات السلم أو الحرب. فمنذ تأسيسه، ظل الدفاع المدني السوداني نموذجاً يُحتذى به إقليمياً ودولياً، بفضل مشاركاته الفاعلة في عمليات الإنقاذ والإغاثة، والتي كان أبرزها تدخله في تركيا خلال الكوارث الطبيعية، حيث أثبت كفاءة عالية فاقت توقعات كثير من المراقبين.

في العام الماضي، تم تدشين مركز الإنذار المبكر متعدد المخاطر بحضور عدد من الوزراء وأعضاء المجلس القومي، وكان من المقرر إنشاؤه في العاصمة الخرطوم، إلا أن ظروف الحرب فرضت نقله إلى موقع بديل. ورغم التحديات، واصلت قوات الدفاع المدني جهودها في تشغيل المركز، الذي يُعد منصة معلوماتية متقدمة لرصد الأمطار، والفيضانات، والجفاف، وتأثيراته على الزراعة والمراعي، مما يسهم في تقليل الخسائر البيئية والاقتصادية.

يُعد الفريق شرطة د. عثمان عطا، المدير العام لقوات الدفاع المدني، من أبرز القيادات الميدانية التي جسدت روح التضحية والانضباط. فقد كان من أوائل القيادات التي وصلت إلى بورتسودان عند اندلاع الحرب، وشارك العميد شرطة حميدان (اللواء حالياً) مكتبه في ظروف مناخية قاسية، حيث بلغت درجات الحرارة نحو خمسين درجة مئوية. وبصفته عضواً في لجنة الطوارئ الوزارية، قاد الفريق عطا جهوداً جبارة في تنسيق عمليات الدفاع المدني المنتشرة في أنحاء البلاد، خاصة في ظل التدمير الممنهج الذي طال منشآت ومركبات الدفاع المدني على يد المليشيات المتمردة.

في العاصمة الإدارية بورتسودان، سطّرت قوات الدفاع المدني بولاية البحر الأحمر، بقيادة اللواء حميدان، واللواء حيدر، والعميد عبد الله عبد الله، ملحمة بطولية بإخماد حرائق توربينات الغاز والمستودعات في وقت قياسي، مما حال دون وقوع كارثة كانت ستمحو المدينة من الوجود. ورغم إصابة اللواء حميدان أثناء عمليات الإطفاء، أصرّ على البقاء في الميدان حتى اكتمال المهمة.

وفي تطور نوعي، دشّنت قوات الدفاع المدني بولاية البحر الأحمر، يوم أمس، الحملة الكبرى لإصحاح البيئة ومكافحة نواقل الأمراض تحت شعار: _”نظافة البيئة.. سلامة المجتمع”_ ، وذلك بمشاركة وزير الداخلية الفريق شرطة بابكر سمرة، ووزير المالية، ومدير عام الشرطة الفريق أول أمير عبد المنعم.
وأكد وزير الداخلية أن العربات التي تم تدشينها تُعد الدفعة الأولى من آليات التدخل السريع، وستُوزع لاحقاً على بقية الولايات، مشيراً إلى أنها مزودة بأجهزة متقدمة وأدوات إنقاذ ومعدات لمكافحة نواقل الأمراض، مما يجعلها إضافة نوعية لأسطول الدفاع المدني.
من جانبه، أشاد وزير المالية بالدور المتعاظم الذي تضطلع به وزارة الداخلية، مشيراً إلى أن قوات الدفاع المدني لعبت دوراً محورياً عقب تحرير ولاية الخرطوم، من خلال تأمين البيئة والتعامل مع الجثث المتحللة والمتفجرات، مما ساهم في تهيئة الأوضاع لعودة المواطنين إلى مناطقهم بأمان.

انطلقت الحملة من أمام مبنى وزارة الداخلية، وشملت تدشين عربات وقوارب تدخل سريع، إلى جانب حملات رش بالمبيدات، وتعقيم، وتطهير، فضلاً عن برامج توعية وإرشاد وتوزيع مطبوعات تثقيفية. وتستمر الحملة لمدة سبعة أيام في الفترات المسائية، في مشهد يعكس جاهزية الدفاع المدني واستعداده الدائم لحماية الأرواح والممتلكات، وتعزيز السلامة العامة في مختلف ربوع السودان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.