السودان والولايات المتحدة.. حدوث الانفراج والخروج من مربع الأزمة
كتب- عمار عوض- انقشعت (الغمة) بين السودان والولايات المتحدة بفصل جهود أوروبية و إقليمية ومحبي السلام العالمي بعد تسممت الأجواء طوال الأسبوع الماضي على نحو مفاجئ بعد تصريحات البرهان مع قادة الجيش في امدرمان والتي أتت بعد ترحيب السودان بالجهود التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عند زيارته البيت الأبيض ولقاء الرئيس ترامب الذي وعد ببزل جهود اكبر لإنهاء الأزمة السودانية وقال في مؤتمره الصحافي انه بدأ بالفعل في إجراءات عملية استجابة لرغبة الأمير بن سلمان موضحا أن الأمير طلب منه (أمرا صعبا) ملمحا على انه سينظر فيه.
وبعد ترحيب الدولة السودانية بجهود الزعيمين على لسان القائد العام الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بمبادرة( بن سلمان) الذي قام بشرح الوضع في السودان بشكل يلبي قناعات المواطنين السودانيين وطموحاتهم في المحافظة على وحدة البلاد وسيادتها على كامل أراضيها بواسطة مؤسساتها الوطنية . ويومها تنفس المراقبين الذين يحيطون بالأزمة من داخل البلاد وخارجها الصعداء فرحين بما اتاهم الله من فضله.
وبدأت هذه الآمال تتبدد بعد وصول قائد الجيش الجمعة الماضية ولقائه مع كبار الضباط (لواء فما فوق ) السبت الماضي في خطاب ناري موجها نيران مدفعيته الكلامية بجهة مبعوث ترامب الخاص مسعد بولس معتبرا انه ( عائف في الازمة ) وانه صار يتحدث بلسان ( الامارات) كاشفا عن ٣ وثائق قدمت واحدة لم يعلن عن تفاصيلها وأخرى تم الرد عليها بواسطة مجلس الامن والدفاع والثالثة يعتبرها الاسواء على الإطلاق معتبرا انها تقود إلى حل إلى الجيش والأجهزة الأمنية وانها تفقد السودان سيادته وان إصلاح الجيش مهمة القوات مشددا على أن الجيش ليس به ( اخوان مسلمين ) متسائلا أين هم مشيرا الى قادة الجيش الذين كانوا يجلسون امامه.
ليعم إلياس قادة الإقليم
والمراقبين والمواطنين السودانيين الصالحين
فهم المشكلة نصف الحل
بالنظر إلى واشنطن كانت هناك أعمال أخرى تجري على قدم وساق تدعو إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية وتنشط في هذه الناحية دولة الامارات العربية التي كانت (واحدة من طلباتها للرئيس ترامب عند حضوره للمنطقة وإجراء صفقاته مع قادتها أن المقابل عندها تصنيف الجماعة منظمة إرهابية) وفي هذا كانت تدفع باستمرار بأن السودان وجيشه مختطف بواسطة (الاخوان المسلمين) تمهيدا لمعاقبة القوات المسلحة نفسها وليس خطر الإسلاميين السودانيين وهنا يوضح لنا لماذا هاجم الرئيس السوداني( بولس_ الامارات) خاصة في ظل تراجع تصنيف (الدعم السريع ) منظمة إرهابية وهو امر كان يجري فيه العمل أيضا من قبل مساعديه حيث وصل الفريق جابر برفقه الوزيرة سلمى إلى إقليم البحيرات الذين أجروا نقاشات هامة بهذا الخصوص في العاصمة كينشاسا وأتى البيان الختامي مؤيدا لرغبتهم وداعيا لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية وبدا كان البرهان ومن حوله يضعون على الطاولة مجددا تصنيف الدعم السريع (ارهابيون) اذا جرى اتهام الجيش بزريعة الاخوان المسلمين
طرف الخيط
تحرك المراقبين والوسطاء في كل انجاه للحيلولة دون تعقد الأوضاع بهذا السبب الذي يمكن أن يقضي على (امال السلام وتحويل البلاد إلى عنصر استقرار بدل أن تكون سبب فوضى، في الخرطوم أكدت الأحوال التي يعيشها الجيش بأنه الشريك الأمثل في قضايا عديدة ومنها محاربة الإرهاب الذي يتشكل والتغيرات نحو المعسكر الشرقي في دول الساحل وأمن البحر احمر شريان حياة العالم وسلام الشرق الأوسط وهنا ظهرت قائمة تصنيف الاخوان المسلمين منظمة إرهابية في دول مصر والأردن وغيرهما لكن لم يظهر اسم السودان فيما يبدو ان الرئيس ترامب استجاب ل(الطلب الصعب) من صديقه وحليفه زعيم الشرق الأوسط الجديد الأمير بن سلمان
مراسيل اوربية
وبدأت نبرات الارتياح تعود بين المراقبين بعد اعتبار أن فتيل الأزمة والتوتر تم نزعه بالكامل ليهبط في بورتسودان مبعوث النرويج ويلتقي سفراء الاتحاد الأوروبي والسفراء العرب من المقيمين في السودان بدعوة كريمة من السفير السعودي علي بن جعفر وتم فض الالتباس حول الرسالة التي يحملها من أجل إعادة العافية إلى شرايين مبادرة بن سلمان وفيما يبدو أنها ستكون الأساس في طريق انهاء الأزمة السودانية وهو ما ظهر بشكل واضح في ثنايا التصريحات التي أعقبت اجتماع المبعوث النرويجي سيبانس مبينا أن( السودان تفهم التوضيحات من الجانب الأمريكي والتي مفادها أنه ليست هناك ورقة جديدة مطروحة من جانبهم تتعلق بالسلام في السودان في هذا الوقت)
وزاد قائلا( المقترح الوحيد بشأن الهدنة الإنسانية هو المقترح الذي تم الدفع به قبل عدة أسابيع)، وأضاف( أن الهدنة ستعقبها عملية سياسية شاملة نحو سودان موحد ومستقر)، مؤكداً أ اتفاق الهدنة ليس مرادفا لاتفاق وقف إطلاق النار والاتفاق السياسي. و إن الهدنة تهدف لوقف مؤقت للأعمال العدائية وهذا من شأنه الاسهام في إدخال العون الإنساني والمساعدات لمستحقيها مؤكدا ضرورة السماح بوصول هذه المساعدات لكل أنحاء السودان مع الإبقاء على معبر أدري مفتوحاً).
معاني و وقائع
من ذلك يتضح أن السودان الدولة وحلفائها واشقائها واصدقائها ( السعودية ومصر والولايات المتحدة ) سيكون لهم اليد الطولي في الأزمة السودانية وحلها وفق رؤيتهم الداعية لسيادة السودان ومؤسساته وان العمل على الحل سيكون بالتوازي بحيث تكون هناك أعمال نحو القضية السياسية عبر مؤتمر لكل القوى السياسية دون اقصاء لاحد وفي هذا تظهر إشارة ذلك بعدم إدراج الإسلاميين في قائمة دول الاخوان التي جرى إعلانها مؤخرا كما أشرنا وكان البرهان أيضا ابى قبول القوى السياسية الأخرى عندما أشار أكثر من مرة أن حديثه حول عدم قبوله بالقوى السياسية التي يراها تحالفات مع الجنجويد متى ما حض رت وجلست مع الجميع في السودان وان أي اتفاق يخاطب القضايا المتصلة بالعمليات العسكرية يجب أن يبدأ وينتهي بخروج قوات الدعم السريع من المدن التي دخلتها بعد اتفاق جدة فيما يرى مبعوث تلطيف الأجواء النرويجي استيبانس أن الهدنة ليست مرادفة لانفاق وقف اطلاق النار وان الغرض منها تهيئة الأجواء لإدخال المساعدات الإنسانية وبدء العملية السياسية
لكن مع ذلك يتأكد أن سفينة حل الأزمة السودانية بدأت رفع حبالها لمغادرة مربط التمترس في المواقف وان وجهتها وقيادتها ستكون للملكة العربية السعودية صاحبة (منبر جدة ) ومصر المرشحة لاستضافة حوارات سياسية تقود لجلوس جميع القوى السياسية ومن الواضح ان الدعم السريع لن يتم تصنيفه جماعة إرهابية وغير معروف ماذا ستكون ردة فعلهم لهذه التطورات وهم ايضا كان اعلنوا رفضهم للوثيقة الامريكية بحسب مسعد بولس وقاموا تمويها بمحاولة كسب النقاط بإعلان قبول الهدنة لثلاثة أشهر فيما كانت عينهم نحو حلفائهم في ابوظبي حيث ستكشف الأيام القادمة حقيقة الموقف من التفاهمات والتعهدات والتوافق مع الرؤى الدولية ورفعتها في واشنطن والرياض ونحن قدامنا الصباح بلا شك مؤمنين انه خيوط الفجر تسبقها أحلك اللحظات اظلاما وغدا لا ناسي على ماضي تولى لنبني وطنا يليق بالتضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوداني بكل اطيافه وبكره احلى لأننا نستطيع جميعا تشكيله بعكس الماضي الذي لم نكن لنا فيه يد ويد الشعب هي الأقوى
