لماذا طرح بنك السودان فئة الـ 2000 جنيه؟
بقلم – مصعب عوض محمد خير- لماذا قام بنك السودان بتعديل التركيبة الفئوية بأدراج فئة 2000 جنيه؟.. أعلى فئة في التداول حاليا (1000 جنيه) تعادل 28 سنت فقط وكانت اعلى فئة للتداول قبل 15 عام فئة 50 جنيه تعادل 25 دولار!!. بينما الفئة الجديدة الفين جنيه تظل قيمتها في حدود نصف دولار
التركيبة الفئوية الحالية في ظل مستويات الأسعار الراهنة تطلبت وجود عدد مليارات الأوراق النقدية في التداول وهو أمر ينطوي علي تكاليف ضخمة علي الاقتصاد بسبب ارتفاع تكلفة الطباعة والشحن والتخزين وتكلفة الاحلال والابدال وابادة التالف وهذه التكاليف لا يتكبدها البنك المركزي فقط بل حتي الأفراد والمصارف والشركات تعاني من صعوبات جمة في إدارة والاحتفاظ بالنقد .
هناك ظاهرة شائعة علي الأقل في البلاد الافريقية وهي ارتباط إصدار فئات عملة اكبر في اذهان العامة بالاعتراف بالفشل الاقتصادي واعتبارها مؤشر للجنوح لزيادة الطباعة وبالتالي زيادة معدل التضخم وهذه الافكار لا تزال سائدة اليوم وهي من العوامل اللتي تصعب علي البنوك المركزية ادراج فئات اعلي حتي في ظل الحاجة الماسة لها.
ادراج فئات نقدية أعلي لا يتسبب في ارتفاع معدل التضخم كما هو شائع في بعض الأوساط في السودان وهذا امر مقطوع به بالدراسات العلمية والعملية والأبحاث الاقتصادية واستشهد هنا بواحدة من ابرز الأوراق العلمية التي أعدت لتوضيح العلاقة بين ادراج فئات نقدية أعلي ومعدل التضخم والدراسة بعنوان Empirical causality between bigger banknotes and inflation ، من اعداد بروفسور فيليب هانز فرانسيس لسنة 2006 وعكفت ورقته علي دراسة هذا الامر في 59 بلدا حول العالم وغطت الدراسة مدي زمني 40 عام وخلصت الي ان ارتفاع معدل التضخم يؤدي الي ظهور حوجة الي اصدار فئات نقدية أعلي ولكن العكس لا ينطبق ، حيث ان اصدار فئات اعلي لا يتسبب في ارتفاع التضخم
This paper concerns an analysis of 40 years of data on inflation and denominations for 59 countries, and it reports that causality runs from inflation to banknotes and not the other way around.
Philip Hans FransesEconometric Institute, Erasmus University.
و الامر بديهي حيث ان معدل التضخم يتأثر بالحجم الكلي
لعرض النقود ولا يهم التركيبة الفئوية لعرض النقود هذا .
الامر الاخر يجب ان ندرك ان التركيبة الفئوية لا تحدد جزافا وانما هناك نظريات واسس فنية متينة تعتمد عليها البنوك المركزية في الوصول للتركيبة الفئوية المثلي اهمها نموذج دلتا والذي اعتمد عليه بنك السودان المركزي ، ويتم تقسيم الفئات لفئات كبري كمخزن للقيمة ، وفئات متوسطة كفئات تداول ، وفئات صغري كفئات مساعدة للتداول.
، ولكن اليوم نجد اختلال كبير في هذا التقسيم حيث ان حتي أعلي فئة الجديدة 2000 جنيه بالكاد هي فئة تداول .وعليه فالتأكيد لازالت هناك حاجة لطباعة فئات أعلي حاليا ، وفي المدي المتوسط وبعد تحقيق استقرار في التضخم يجب النظر في حذف ثلاث اصفار وإعادة النظر في التركيبة الفئوية بالكامل.
هناك وجهة نظر اخري يتم تداولها كمبرر لعدم الرغبة في اصدار فئات أعلي وهي الخوف من الاحتفاظ بها في المنازل كمخزن للقيمة وحرمان الجهاز المصرفي منها ، وهذا أمر مستغرب جدا بالنسبة لي حيث لا يمكنك تعمد ارهاق الجمهور بفئات صغيرة مرتفعة التكاليف لإجباره علي الاحتفاظ بأمواله بالمصارف ولكن يجب بدلا من ذلك منحه حوافز كتطوير نظم الدفع الالكتروني وجعله مريح وسهل ويعتمد عليه بالكامل.
البنك المركزي مسؤول عن توفير وسيلة تبادل ملائمة توفر تجربة مريحة وآمنة وهذه أولوية قصوي مقدمة بالتأكيد علي ترسيخ الدفع الالكتروني وتوسيع تبنيه . كما ان هناك انشطة اقتصادية لا تزال تعتمد علي الكاش بشكل كامل لاسباب لوجستية واسباب متعلقة بقصور نظم الدفع الالكتروني نفسها ولاسباب ثقافية مثل عمليات الحصاد وعمليات التنقيب عن الذهب وغيرها ، لذلك لا يمكن عقلا تصور انه من المقبول اكراه الناس لتبني الدفع الالكتروني بجعلهم يواجهون المشقة والعنت بما يأثر حتي علي اجمالي النشاط الاقتصادي في البلاد.
