منح مالك عقار درجة الدكتوراة: لم أدعِي أن أكون يوماً رجل دين

0

الدمازين- الزاوية نت- منحت جامعة النيل الأزرق نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار إير، درجة الدكتوراه الفخرية تكريماً وتقديراً لجهوده ودعمه للجامعة، في احتفال كبير أقيم بمناسبة التكريم، وأثنى عقار على الدور الكبير الذي تضطلع به الجامعة في نشر الوعي والمعرفة بإقليم النيل الأزرق وتعزيز النسيج الاجتماعي بين المكونات المدنية بالإقليم.

 

 

وقال إنه من دواعي سروره، أثمّن كثيراً حسن النوايا والتقدير لشخصي بمنحي درجة الدكتوراه الفخرية من صرحكم هذا، جامعة النيل الأزرق، هذا النيل الأزرق المبارك جيهون، ممجداً في التوراة والإنجيل.

 

 

وأضاف “أنا لا أفاضلكم وأنتم الفضل، ولا أكثركم علماً وعلوماً وأنتم بينكم الفقيه والقاضي، وبينكم العليم علم اليقين وعين اليقين، وفيكم المجتهد، أنا لم أدعِي أن أكون يوماً رجل دين، بيد أني أدعو للخير والصلاح، وهذه مهمة أهل الدين.

 

وتابع “بل رجل دولة أخضع للنقد والمراقبة والمحاسبة بل المحاكمة، وأتشرف أن أقف بينكم مُكرّماً فخوراً بكم، أهل الفضائل والمكارم، في هذا المقر والمكان الذي لي فيه ذكريات ومناسبات في أزمنة تاريخية متباينة، وللمكان وما عليه تاريخ طبيعي وسياسي وجينات وراثية ضاعت، فُقدت، ودفنت دون صلاة جنائزية لا تعود. سافرت عليها بشق الأنفس، شجر الهجليج يعانق عنان السماء، وشجر الهشاب والصمغ عليها كاعبان يخفقان، تغسلها الندى بماء الصبح، وشجر الطلح يغازل السنط، والكدِر يحتضن الأبنوس ويقبّل السِدر.

 

 

وقال عقار: وقد كان المكان بِركاً وأهوار مياه راكدة يتبول عليها الإنسان والحيوان معاً، حادة الرائحة صيفاً وخريفاً، يجوبها الأسد والفهد والضبع، ويسكنها الهوبر والحبن رباح وقشه. وذُكر الزراف والفيل لم أشاهدهما، لأنهم رُحّلوا أو قتلوا.

هل تتخيلون؟! كان المكان متصالحاً مع النبات والحيوان معاً flora and fauna.

ثم جاء مشروع خزان الروصيرص (صنم المهندسان أحمد جادين ويحي الفضلي) ليدخل المدنية، وتشيّد المباني للموظفين والعمال والورش، منه ما نحن فيه الآن امتدادها الورشة الرئيسية.

بنهاية المشروع وبفضل الإدارة الجيدة آنذاك في منتصف الستينات تحولت الورشة إلى مدرسة الدمازين الصناعية الوسطى.

 

ومن ثم في السبعينات إلى مدرسة الدمازين الثانوية بنات وأولاد، وحظيت أن أكون واحداً من معلميها في العام 1979م إبان فترة الناظر الباقر.

والآن إلى وزارة التعليم الإقليمي بدءاً منها جامعة النيل الأزرق، ما ضرّ لو تركت صناعية، لكان عندنا الفني والمهندس والصناعي.

 

هذا لأن القائمين على التعليم تخلوا عن فكرة نشأة التعليم على التدريب الريفي وتطوير الأدوات المحلية، وإلهام المدرس بحب الحياة الريفية وتحسينها.

 

اهتموا بمنهج تعليم أكاديمي يهدف إلى تخريج الأفندية والابتعاد عن النظر إلى التعليم من حيث النشاط والتجربة التي يقوم بها الطالب أكثر من الكم المعرفي الذي سيحصل عليه.

 

ركزوا على الحصول على المعرفة أكثر من تطوير الأشخاص وتدريبهم على اكتساب المعرفة والمساهمة في الأماني القومية وخلق شعور مشترك بين السودانيين بالتفاهم والوحدة والتنوع الثقافي والإثني والديني.

وتناسوا الزيارات في كتاب الجغرافيا، وخرج منقو، والنيل لم يجمعنا،

 

 

“منقو قل لا عاش من يفصلنا”.

فهل أنتم منتهون؟

أما أخواتها من منشآت ومباني الفريد ماكلباين وأمبرجيلو، لسوء الإدارة والتخطيط احتلها سرية من برنجي أورطة تلاتحي بُلُك من القضارف في أغسطس العام 1969م إلى اليوم، لتقوم على أثرها قرية جون سونجو (أبوسونحو) سائق اللودر من أبناء الباري في جنوب السودان.

الاسم الذي غيره المحافظ محمد الحسن عوض الكريم في نهاية السبعينات إلى حي الزهور، الذي لم تُزهِر أزهاره لتُقطف ولم تذبل لتتساقط.

 

 

غيّرت المدنية كل شيء أبرماد والنُذل صار الدمازين، جبل رسيرس، المجري المائي والشلال الطبيعي الجميل، صار الآن الجسم الخرساني لخزان الروصيرص، شُيّد لاستنطاق صنم آخر يسمى مشروع كنانة والرهد. واختفت على أثرها مملكة فامكا التي كانت تجلس بجانب الأزرق، أخذت طريقها إلى البحيرة بهدوء دون رجعة، والأموات لا يعودون.

 

 

حزنت على طريقة التعامل مع موروثاتنا التاريخية وتوثيقها.

أما وزارة الري صاحبة الاختصاص، حياءً كان نصيبها من هذه المباني عطية مُزيّن، ووزع دمها بين المؤسسات الحكومية الأخرى، الشرطة والمديرية لاحقاً، تبقى السكن الذى استراحت فيها الملكة عام ١٩٦٥ م، حافظوا عليها.

كما للروصيرص نصيب من المنشآت الأثرية، حافظوا عليها.

أما ما تبقى من المنشآت الأثرية، صارت هباءً منثوراً،. ألم تروا كيف ضاعت الجينات الوراثية لهذه المنطقة؟!

 

الحضور الكريم،

 

أهل النيل الأزرق من كل السودان دون استثناء، وأنتم أصحاب النسب والحسب، المكوك والعمد والمشايخ، الرعاة والمزارعون، في المزارع تزرعون وتحصدون وفي خيران الذهب تنقبون وتنقبون في خور تُمت رماس رمالها تحير البصر، وجارتها خور الجداد، وأختهم من أبيهم خور يابوس، أو في الجبال فاءات فازغلي، فامدودو، فاقشنق، فازنقر، فاكيلو، والبلّات بِل غنشو، بِل مايو، بُلنق، بِل لارو. أو في رعاة الأبقار والأنعام وقد سُدّت عليهم المسارات.

 

عمال طق الصمغ الذي سُمي سُخريةً وسِخريةً بالصمغ العربي.

 

المعلمين والمعلمات في المدارس والجامعات. الموظفون في المكاتب. أهلنا في المهجر. وأنتم الحضور.

 

أشكركم جميعاً، وأهديكم تكريمي هذا في هذه المناسبة.

أشكر القائمين على هذه الاحتفالية، وأختم الشكر بمن يستحقها كثيراً الأخ البروف عمر حسن حسين مدير جامعة النيل الأزرق ورفاقه.

 

أجدد التزامي لك أخي البروف بأنني سوف أدعم هذه الجامعة لتقدم واجبها، لاسيما وأن ملفات طلباتكم أمامي منذ العام ٢٠٢٣، والسيد الرئيس سيزور الإقليم قريباً.

 

ربنا يوفقنا وإياكم لخدمة الوطن.

السلام عليكم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.