متابعات- الزاوية نت- أثارت خطوة احتفال وزارة الدفاع الإثيوبية باستقبال أول دفعة من طلاب البحرية العائدين إلى البلاد، بعد إنهاء دراستهم وتدريبهم بالخارج على مدى 6 سنوات في مجالات الهندسة والتخصصات الفنية البحرية المختلفة، الكثير من التساؤلات حول ماذا تريد أن تفعل أديس ابابا بهؤلاء وهي لا تملك منفذا بحريا.
إثيوبيا تسعى إلى إعادة السيطرة على البحر الأحمر كمنفذ وحيد لها
وتقود الخطوة الإثيوبية إلى العودة للنزاع بين الجارين اللدودين أسمرا وأديس أبابا في منطقة البحر الأحمر، الذي فقدته إثيوبيا في العام 1993 عندما نالت إريتريا استقلالها.
الرئيس الإريتري يتهم إثيوبيا بالسعي إلى زعزعة استقرار بلاده
وكانت أبرز التصريحات في هذا الجانب أطلقها الرئيس الإريتري أسياس أفورقي عندما شن هجوماً علنياً غير مسبوق، على أديس أبابا، في الذكرى الـ34 لاستقلال بلاده، متهماً إياها بالسعي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي تحت شعارات تتعلق بالمياه والمُطالبة بمنفذ على البحر الأحمر، معتبراً هذا المطلب”ذريعة لتأجيج الصراعات في المنطقة”.
قوة بحرية قادرة على حماية مصالح البلاد وردع التهديدات
وخلال الاحتفال بالتخريج قال قائد البحرية الإثيوبية الفريق أول كيندو جازو، إن هذه الدفعة تمثل انطلاقة جديدة نحو إعادة تأسيس قوة بحرية قادرة على حماية مصالح البلاد والتصدي لأي تهديدات قد تطال أمنها القومي.
ولم يحدد بيان وزارة الدفاع الإثيوبية الدول أو المؤسسات التي تلقى فيها هؤلاء الضباط تدريبهم، لكن أديس أبابا سبق أن وقعت اتفاقيات تعاون مع عدة دول أبرزها روسيا وفرنسا وإيطاليا، لتوفير برامج تدريبية للكوادر البحرية الإثيوبية.
وكانت إثيوبيا قد كشفت في مايو الماضي عن تشكيلها قوة شرطة بحرية جديدة مُكلفة بضمان الأمن حول سد النهضة الإثيوبي مع بدء تشغيل بحيرته الاصطناعية الضخمة.
اعتماد إثيوبيا على ميناء جيبوتي جعل من المنفذ البحري قضية ضاغطة
ويقول الكاتب المهتم بشؤون الهضبة الإثيوبية عبدالجليل سليمان إثيوبيا تشكّل نموذجًا للدولة الحبيسة التي تحاول إعادة إنتاج حضورها البحري من خلال أدوات دبلوماسية وأمنية وتجارية. ومع أن أكثر من 90% من تجارتها تمر عبر ميناء جيبوتي، إلا أن الاعتماد الأحادي على جيبوتي جعل من المنفذ البحري قضية ضاغطة على استقرارها الاقتصادي وأمنها الاستراتيجي.
وأضاف في مقال نشره الزاوية نت “برزت هذه الرغبة بقوة في خطاب رئيس الوزراء آبي أحمد، الذي أشار في أكثر من مناسبة إلى أن لإثيوبيا “حقًا طبيعيًا” في الوصول إلى البحر، مقترحًا صيغًا لتقاسم الموارد الساحلية مع دول الجوار.
ويشير عبدالجليل إلى أن وقد ظهرت أبرز تجليات هذا التوجه في اتفاقية إثيوبيا–أرض الصومال (صوماليلاند) مطلع عام 2024، والتي تضمّنت منح إثيوبيا منفذاً بحرياً قرب ميناء بربرة، مقابل اعتراف سياسي بإقليم يبحث عن اعتراف كدولة ².
كما أن المحادثات المتقطعة مع إريتريا حول إعادة تفعيل موانئها لصالح إثيوبيا لم تُفضِ إلى نتائج ملموسة منذ توقيع اتفاق السلام مع إثيوبيا في 2018.
ورغم هذه التحركات، فإن التحول البحري الإثيوبي يواجه معوّقات هيكلية تتمثل في انعدام الثقة مع جيرانها الساحليين، وعدم وضوح الرؤية الاستراتيجية طويلة المدى، وهو ما يجعل الطموح البحري الإثيوبي معلقًا على توازنات خارجية أكثر منه نابعًا من قدرات داخلية.