تحركات “الفشقة” المريبة.. هل تشعل عود الثقاب بين إثيوبيا والسودان؟  

0

تقرير- هاشم عبد الفتاح-  ما بين حين وآخر تتجدد التوترات على الشريط الحدودي بين السودان إثيوبيا وتحديدا عند منطقة (الفشقة) ذات الأراضي الزراعية الخصية، وقد رشحت في غضون الأيام الماضية ان قوات من الجيش الإثيوبي توغلت إلى داخل أراضي الفشقة الأمر الذي آثار قلق المواطنين المزارعين بشكل خاص.

 

 

 

 

وكان قياديون من أبناء الشرق قد حذروا من هذه المحاولات الإثيوبية المتكررة ربما لفرض واقع جديد على الأرض، باستخدام مليشيات مسلحة وأدوات استيطانية ناعمة، في ظل صمت رسمي يثير القلق. ولمزيد من الإيضاحات والتحليلات طرحنا هذه القضية على على عدد من الخبراء العسكريين والمراقبين السياسيين لهذا المشهد).

 

 

 

 

هل تم نشر قوات إثيوبية في الفشقة؟

بداية تحدث النور احمد النور الكاتب الصحفي المحلل السياسي (لتسامح نيوز) ويرى ان كل ما رشح من معلومات بنشر قوات إثيوبية ليس دقيقا ولم يتأكد حتى الآن إن هذه القوات قوات رسمية، ودائما عند بداية الخريف تنتشر القوات التابعة لبعض الأقاليم خاصة إقليم الامهرا (مليشيا فانو مثلا ً) لحماية المزارعين الذين يزرعون في الأراضي السودانية ويحاولون التوسع اما بالإيجار وإما بالقوة وبالتالي فإن انتشار هذه القوات على الحدود السودانية الإثيوبية يأتي استباقاً لفصل الخريف، حيث يدخل كثير من المزارعين اما بالايجار او بالزراعة في مناطق قريبة من الحدود وهذه المليشيات القبلية والإقليمية تحمي هؤلاء المزارعين وهذا امر ليس بجديد وإنما منذ أكثر من ثلاثة عقود.

 

 

 

 

إثيوبيا منشغلة بتوترات مع إريتريا

ولذلك وكما يعتقد الأستاذ النور ليس هناك قرار من الحكومة الإثيوبية بنشر قوات على الحدود السودانية خاصة ان إثيوبيا الان منشغلة بتوترات مع إريتريا ويمكن أن تؤدي الى تصعيد حرب خاصة في إقليم التقراي ولذلك ليس في مقدور الحكومة الإثيوبية ان تفتح كثير من الجبهات للقتال سواء كان مع السودان او مع غيره وبالتالي لا أعتقد أن إثيوبيا تقصد تصعيد الأوضاع، وأن حديث رئيس الوزراء الإثيوبي في البرلمان قبل يومين يشير إلى ذلك فهو يتحدث عن ضرورة الاستقرار في دول الجوار مثل الصومال والسودان واريتيريا وتريد علاقات صداقة وتعاون مع هذه الدول فالحروب ليست نزهة فإذا أرادت إثيوبيا ان تفتح حرب في هذه المرحلة مع السودان واستغلال انشغاله بحرب أخرى فإنها عمليا ً لن تستطيع في ظل توتراتها مع إريتريا بإقليم التقراي.

 

 

 

 

 

لا خلاف على (الفشقة)

اما بشأن طبيعة الأوضاع في منطقة الفشقة ليس هناك خلاف في ان هذه الأراضي سودانية ولكن تأخير وضع العلامات هو الذي أدى إلى أن تدخل هذه المليشيات عبر الإيجار او زرع الأراضي بالقوة خاصة انها لم تكن مستغلة من السودان بل ان بعض السودانيين استأجروا أراضيهم إلى إثيوبيين وبالتالي هناك أخطاء من حكومة القضارف والحكومة الاتحادية فكان من المفترض أن تمنع إيجار هذه الأراضي إلى مزارعين إثيوبيين حتى لا يتمددوا فيها ولا تصبح مكان نزاع.

 

 

 

 

 

استبعاد التصعيد العسكري

وقال استاذ النور أن الأوضاع في السودان لا تسمح بالتصعيد مع إثيوبيا فيما يختص بوضع العلامات الحدودية ويجب أن تحسم هذه الأوضاع بعد الحرب حتى لا تستغل إثيوبيا حالة السيولة الأمنية والتوترات في السودان وهى تعلم انه ليس لإثيوبيا أراضي واسعة ومنبسطة كما هو حاصل الان في (الفشقة) فالاراضي في إثيوبيا كلها جبلية والزراعة فيها صعبة ولهذا تعتبر الفشقة مغرية لإثيوبيا ولقوى إقليمية أخرى فدولة الإمارات مثلا كانت ترغب في ان تكون هناك شركة لكن للأسف الطرح الإماراتي لم يجد استجابة من الحكومة السودانية لانه طرح غير عادل فالإمارات كانت ترى ان تذهب 50% من الشراكة إلى الإمارات و25% إلى إثيوبيا و 25% إلى السودان صاحب الأرض والمياه فهذه معادلة مختلة لن يقبل بها السودان ولن يقبل اذا لم يتم تكثيف الحدود واعترفت إثيوبيا بأن هذه أراضي سودانية وبالتالي يمكن أن يكون الاستثمار بطريقة مرضية

 

 

 

 

 

التوترات الإثيوبية (الداخلية)

كما تحدث (لتسامح نيوز) اللواء دكتور امين إسماعيل مجذوب خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الاستراتيجية قائلاً: حقيقة ان إثيوبيا تعاني الان داخلياً من بعض التوترات الاختلافات السياسية وبالتالي هي تريد أن تنقل الشعب الإثيوبي إلى ما يعرف بالمشكلة المتجددة وهى مشكلة الفشقة ولذلك كل خمسة أشهر نرى نشر واستعدادات عسكرية تتوجه إلى الفشقة، هذا من الناحية السياسية اما اقتصاديا أيضا تعاني إثيوبيا خاصة فيما يختص بتشغيل سد النهضة وبالتالي تحتاج إلى أراضي خصبة، ولا توجد خلف و امام السد اي أراضي خصبة للزراعة وبالتالي لا خيار لها سوى إثارة ملف الفشقة مجددا، كما يبدو واضحا ان إثيوبيا لديها أزمة مع السودان وتريد الضغط عليه أكثر بإثارة قضية الفشقة للحصول على خطوط إمداد مفتوحة، أيضا السماح للمزارعين الدخول إلى الفشقة في موسم الخريف والعمل على استقرار المجموعة التي تناوئ الحكم في إثيوبيا بمنطقة الفشقة، ولهذا فان هذه الأزمة المتجددة أصبحت مصدر عكننة للسودان في أكثر من مرة خاصة في العام 2015 وفي العام 2005 في محاولة لإيجاد حل نهائي لهذه الأزمة لكن واضح ان إثيوبيا لديها مشروع متكامل من خلال هذه الخطوات.. تفريغ الهموم الداخلية والحصول على دعم اقتصادي مفتوح وايضا ظهرت معضلة أساسية لإثيوبيا وهى السيطرة على السمسم وما يعرف بحزام الصمغ العربي والذي يمتد قريبا من الفشقة وبالتالي أصبحت إثيوبيا تصدر السمسم والصمغ العربي ولذلك هي تضغط لاحتكار هذه المنتجات نيابة عن الشعب السوداني

 

 

 

 

البحث عن منفذ بحري..!

والأمر الثاني بحسب البروف امين هو الضغط على السودان حتى يتم فتح منفذ بحري، حيث عجزت إثيوبيا للحصول على منفذ بحري مع إريتريا بل ونخشى الحرب مع إريتريا وتحاول الضغط على السودان حتى يتم منحها مساحة على البحر الأحمر باعتبارها الأقرب والأكثر امنا لإيصال احتياجاتها عبر منطقة القضارف من بورتسودان.

 

 

 

 

وأشار دكتور امين إلى أنه لا توجد أي ابعاد خارجية لهذا التمدد الإثيوبي ولا تنسيق مع ما يحدث في السودان من أزمة ولا حتى أطماع إماراتية في منطقة الفشقة إثيوبيا لا تريد أن تدخل في هذا الأمر بشكل مباشر.

 

 

تحذيرات سودانية..!

اما بشأن ردود الأفعال لهذا التمدد الإثيوبي في الفشقة، يبدو أن الحكومة السودانية مشغولة بحربها مع المليشيا وبالتالي هي لا تريد ان تفتح جبهة جديدة ولا تعطي المليشيا فرصة التسلل مرة أخرى من الجانب الإثيوبي وإنما عملت الحكومة على تأمين العديد من المناطق جنوب النيل الأزرق وهذا امر في تقديري استراتيجي ومنطقي، وكذلك الحكومة السودانية لا ترغب في أي نزاع مع إثيوبيا يفشل الهدنة التي تمت منذ سنوات، باعتبار ان العلاقات الاقتصادية والشعبية أكبر من ان يكون هناك نزاع في الفشقة وبالتالي هذه التهدئة (والتبريد) الذي تقوم به الحكومة السودانية منطقي ومقبول، ولكن إذا تعدت إثيوبيا الخطوط الحمراء فالسودان لديه التزام مع مصر وبالتالي لن تستقر الأحوال لصالح إثيوبيا فهذا خط أحمر كبير جدا، والخط الأحمر الآخر هو محاولة توطين الاثيوبيين داخل الفشقة ، والخط الأحمر الآخر هو محاولة توطين الاثيوبيين داخل الفشقة يمكن أن يقبلهم السودان كعمال او مزارعين لكن الاستيطان مرفوض ويعتبر خط أحمر، وكذلك إثيوبيا لا تريد أن تدخل مع السودان في صراع وليس لديها الإمكانيات لذلك وأعتقد أن أي صراع مع السودان سيكون لصالح إريتريا إثيوبيا اتجهت الان نحو الصومال والحكومة السودانية الان ترتب في أوضاعها وتنظر بعين المراقب ولكنها قد تتدخل في الوقت المناسب اذا تعدت إثيوبيا الخطوط الحمراء

 

 

 

وفي السياق ذاته أشار سعادة اللواء عبد العاطي هارون الخبير العسكري إلى أن أرض الفشقات الخصبة و هطول الامطار بغرارةٍ في فصل الخريف ، يشجع كثيراً في زراعة عددٍ من المحاصيل كالذرة و السمسم و عباد الشمس  غيرها

 

 

وان الاحباش ليس لديهم الأراضي الكافية للزراعة ، ونعلم ان هناك ما يسمى (بقوات الشفتة) ظلت هي التي تقوم بالهجوم على المزارعين في تلك المناطق و تنهب محاصيلهم في وقت الحصاد ولكن هذه ( الشفتة ) حينما تعلم بعدم وجود قوات سودانية أو ضعيفة فيستولون على الأرض و يزرعونها لصالحهم وهذا ما حدث بالفعل فتمكنوا من الاستيلاء على تلك المناطق لفترة طويله , إلى أن استردتها القوات المسلحة في العام 2020 رغم المناوشات التي كانت تحدث من وقتٍ لآخر ..

 

 

ولكن مع بداية موسم الخريف هذا العام بدأ الأثيوبيون في نظافة بعض الأراضي بتلك المناطق تمهيداً لزراعتها مما سيخلق احتكاكات بينهم و بين المزارعين السودانيين .. لكن القوات السودانية بتلك المنطقة ، قادرة على منع التعدي عليها .. أو الدخول مع المزارعين الاثيوبيين في معالجة تخدم الطرفين في هذا العام تحديداً..

 

 

 

وقال سعادة اللواء هارون ان أنتشار الجيش الإثيوبي في موسم الخريف بمنطقة الفشقة الهدف منه توفير الحماية لمزارعيهم من الهجوم عليهم وطردهم بواسطة القوات السودانية ولذلك فإن انتشارهم لا يعني أعمالُاً عدائيةً ضد القوات المسلحة السودانية

 

 

 

 

ويبدو ان أثيوبيا تعتبر أرض الفشقة جزءاً من أراضيها ، ولهذا فان تفكيرها الاستراتيجي هو الاستيلاء عليها يوماً ما رغم أن المستعمر قد وضع الحدود بين الدوليين لكن عدم تكملة العلامات الأرضية عليها جعلهم يطمعون فيها

نقلا عن تسامح نيوز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.