حلفايا الملوك… الجيش يعيد التأريخ إلى أصحابه.. ملحمة النصر (1-2)

0

رسمته- مزدلفة دكام

لمحة تاريخية

“أعلى الجمال تغار منا.. ماذا علينا إذا نظرنا..هي نظرة تنسي الوقار وتسعد القلب المعنى”، رائعة الشاعر السوداني إدريس جماع الذي وصفه الأديب المصري مصطفى العقاد، حينما علم أنه يستشفي بمستشفى التيجاني الماحي لم يتعجب من ذلك لأن قدراته الفكرية تتجاوز حدود الإنسان الطبيعي، فالعباقرة يولدون بإحساس مرهف كما أن حلفاية الملوك البيئة التي ولد وترعرع فيها جماع هي مدينة ملهمة بحكم طبيعتها الخلابة ونسيجها الاجتماعي الذي نشأ متعافيا لأن مكوناته انصهرت في بوتقة واحدة فلم تفتك بها القبلية أو المناطقية التي يكاد علو صوتها ينهش في وحدة بلادنا.

 

 

حيث خرج منها صفوة المجتمع بروفسيور عون الشريف قاسم و أول قاض في السودان مولانا أبورنات ومولانا عوض الله صالح وتميزت الى جانب ذلك بالخلاوي فكان نتاجها كتاب طبقات ود ضيف الله ووزير الدفاع اللواء حسن بشير نصر والفنان خوجلي عثمان وهذا غيض من فيض نجوم الحلفايا في كافة المجالات الاكاديمية والاجتماعية والثقافية والرياضية هذا النسيج الاجتماعي المتماسك والذي اضافت اليه الطبيعة روعة الالهام فشجرة الجميز التي مازالت تقف شاهدة بالقرب من النيل بالحلفايا لتروي قصة ذلك الشاعر العظيم حيث كانت تلك الشجرة بمثابة مزاره الاثير يزوره الصباح والمساء ويتزود من سماحتها درر فيقتطف في كل مرة زهرة من بستان شعره الخالد

 

 

بحر سماحة

واكتسبت الحلفايا سحرها الاخاذ من موقعها شرق النيل والذي يمتد في مساحاتها الواسعة وينشق منه في موسم الفيضان الخور الذي يعرف ببحر السماحة حيث استمد اسمه من احد شيوخ المنطقة الشيخ سماحة كما تحكي الأسطورة ويمنح أهالي الحلفايا بشريات بعام يحفه ويملأه الخير لذلك يتجمعون على ضفتيه رجالا ونساء ويصطحبون صغارهم ويغسلون وجوهم من مياهه للتبرك لها وهم يرددون “سماحة البفك السناحة”، ويحتفلون بقدومه ويدقون طبول نحاس المانجلك ويستقبلون بحر سماحة برمي ذرات الملح والبن والحلوى والسكر والذرة بما يشبه طقوس الفراعنة لاعتقادهم بأن هذا العام سيكون عام خير وسلام وتسامح اجتماعي

 

 

 

الحلة فاية

يروي المؤرخين أن اسمها كان بالمنطق شيخا يعالج المرضى وله فتاة اسمها فاية فصار يردد الناس بعد شفائها بالحلة فاية ورواية أخرى لكثرة نبات الحلفا بها، كما أن الحلفايا منذ نشأتها قبل تأسيس الدولة الحديثة عندما كانت عاصمة لمملكة العبدلاب والشايقية تمتعت بنسيج اجتماعي متماسك تنخفض فيه روح القبلية للتزاوج بين مكوناتها ولعب التعليم والاستنارة التي يتمتع بها السكان الأصليين دورا كبيرا في ذلك وورثت الحلفايا تاريخ وحضارة عظيمة حيث توجد بها عدد من السرايات تعود الى العهد التركي المصري ولازال احفاد المانجلك يحتفظون ب ( النحاس) وآثار مملكة الحلفايا في عهد العبدلاب كما توجد عائلات تمتلك مساحات واسعة يطلق  على تلك البيوت الحيشان

 

العائلات

العبدلاب والضيفلاب واليحياب النورديناب وفريق الحلوة والفيلا والتماسيح الزمازمة وفريق شيلة العروة. ود سيدي شاور و الامام علي  شيخ الملسم الشكتاب فريق الشايقية الفاضلاب. سريا البيه الفاضلاب حوش سر الختم الحسن وحوش دكام ناس الماذؤن، الرشايدة اللواء حسن بشير نصر “العمدة بشير ” و بشير نصر النواب. و الدواريت البراديس الدواليب حي الأسلكي فريق القطاطي حي الشاطي

 

 

 

المليشيا تتغول

ولكن كل هذا الجمال والأمن الذي تعيشه حلفايا الملوك جات المليشيا الغاشمة واحتلت ارض الملوك و بدأت في حملة الدفتر دار الانتقامية من المواطنين العزل بضرب والقتل بفرية  انهم فلول ثم أنهم يعملون لصالح  الجيش لم يتركوا. احد  نساء وأطفال وشيوخ لا توجد لديهم علاقة بالسياسة بجانب تدمير للبنية التحتية للمنطقة وتم نهب الممتلكات تحملوا. أهل الحلفايا كل هذا الظلم لقرابة العامين الا ان القوات المسلحة حققت النصر ودحرت  المتمردين  وكانت ساعة خلاص حلفاية الملوك لتعود ام المدن زهرة. النيل وعروسه أبناء الملوك يحكوا عنها ويتفاخروا.

 

ويروي العميد ركن دكتور جمال احمد حمزة الملقب ب”جمال الشهيد “ان الحلفايا بجانب الثراء الثقافي هي تنافس في مجالات العلم حيث رفدت البلاد بكوادر تقلدت مناصب كثيرة رفيعة في حكم السودان لا تحصى ولا تعد وهي مدينة واعدة شاركت في جميع الحقب التاريخية على مستوى السودان حتى انني اتهيب أن تتساقط من ذاكرتي شخصيات مهمة ولكن على سبيل المثال لدينا قامات وهامات في حلفاية الملوك شاركت في حركة البناء الوطني و في الحركة الوطنية منذ فجر التاريخ السوداني و لنا الفخر ان نعتز بأجدادهم وأبائنا الذين شكلوا هذه اللوحة التاريخية المتفردة التي جعلت للحلفايا نكهة خاصة) ويرى أن الحرب التي دارت منذ الخامس عشر من ابريل 2023والتي تأثر بها كل اهل السودان إلا أن الضربة التي وجهت لحلفاية كانت موجعة جدا وغاضية لأنها تتميز بموقع استراتيجي واطلالتها  على كبري الحلفايا منحها نوع من الخصوصية لانها تربط شرف النيل بغربه فتم احتلالها واستباحتها من قبل المليشيا المتمردة وارتكبت ممارسات  وحشية وغير إنسانية وقع عبئها على كاهل تعالي الحلفايا فتأثروا بها جدا مما أجبر مواطنيها على النزوح و ومن بقي داخل الحلفايا أصبح تحت العذاب والضغط والوعيد من قبل المليشيا ولم يتعجب لذلك لأن ذلك امر متوقع فهو من سمات هذه المليشيا التي تضرب وتقتل وتغتصب فلم تسلم منها حلفاية الملوك رغم مقاومة أبنائها لهذه المليشيا لكن تغلبت عليهم بقوة السلاح والبطش ويشير جمال الشهيد الى أن الحرب رغم ضراوتها أظهرت معادن أهالي الحلفايا وبسالتهم حيث احتفلت امهاتنا بدخول الجيش للحلفايا وتحدثت احداهن عن شجاعة اهل الحلفايا وعن ترابطهم شأنهم شان الجسد الواحد الذي اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وبمثلما ظل أبناء الحلفايا بالداخل ينتظرون لحظة النصر وتحرير مدينتهم من دنس المليشيا.

 

ظل ابناء الحلفايا بالخارج يتلهفون الى تحرير الحلفايا كلها من دنس الاعداء حتى تعود لمجدها ومناسباتها ولياليها وصيوانات افراحها وأتراحها  وتعود مٱذنها تصدح بصوت المؤذن لتعود لها الحياة وحركة المواطنين كما كانت السابق وتعود المدارس والمستشفيات والمساحد والمراكز الصحية ويؤكد أن ماحدث في حلفاية الملوك من أحداث رغم الهجمة الشرسة  تصدت لها بعض الاسر الكبيرة كاسرة الشاعر إدريس جماع والمانجلك والعبدلاب والشايقية واسرة دكام والكرراب وفريق شيلة والدعيتاب والمغاربة والزمازمة وفريق السوق، الذين ظلوا متواجدين واقاموا التكايا لتحقيق التكافل الاجتماعي الذي عصم كثير من الاسر المتعففة من الموت جوعا وأشار الى ان تلك الاسر التي صمدت بالحلفايا رسموا صورة عظيمة تعكس اصالتها وشجاعتها حيث استطاعت بتعاضدها أن تقاوم الظلم الذي وقع عليهم من قبل المليشيا المتمردة الإرهابية وهذا تاريخ سيسجل كل هذه الوقائع و اللمسات الإنسانية الجميلة ويرى جمال الشهيد أن البيئة المعافاة التي ترعرع فيها ابناء الحلفايا تفند تهم التعاون مع المليشيا ولم يستبعد في الوقت ذاته ان اصولهم تعود جذورها الى مناطق خارج الحلفايا، ولفت الى وجود حملة ممنهجة تستهدف اهل الحلفايا وأكد انها صامدة وستظل صرح علمي وثقافي ومجتمعي يفاخر به أبنائها الى ان يرث الله الأرض ومن عليها

 

 

رسم ووسم

ويقول دكتور عبدالعظيم نور الدين الحسن حلفاية الملوك اسم ورسم وسمة ووسم شكل لوحة بقاء وأصلة في لوح التاريخ الانساني الممتد في اعمق حضارات الدنيا۔۔ اختلف المؤرخون في اصل الاسم ومنبعه منهم من قال أنه جاء من( نبات الحلفا) الذي كان ينمو بكثرة في تلك المناطق۔۔ ومنهم من قال ان:كلمة حلغايا في اللفة النوبية تعني (مدينة) فتصبح حلفاية الملوك (مدينة الملوك)۔ ومن آغرب الاشياء ان هنالك مدينة في العراق تسمى حلفايا وكذلك في سوريا

۔كانت الحلفايا اولا مدينة لمملوك للممالك السودانية القديمة واكد أن حفريات الاثار الني وجدت اثبتت صحة ذلك ۔۔ثم اختارها العبدلاب لتكون عاصمة لمملكتهم لما وجدوا فيها مقومات المدينة والعاصمة حيث المباني وحضارة الانسان ۔

واستدل د نور الدين بشهادة احد مكتشفي النيل في مذكراته حيث قال: “وانا في طريقي لمدينة حلفاية الملوك مررت بقرية اسمها امدرمان ويصف امددرمان بانما منازل من القش متناثرة۔وحينما يتعرض لحلفاية الملوك يصفها بان مبانيهامن الطوب اللبن الخالص۔وذكر وقيل ان احد البريطانيبن كان يسأل عن موقع الخرطوم فقيل له (الخرطوم قرية تقع جنوب مدينة حلفاية الملوك)۔۔ تشمل منطقة حلفاية الملوك المدينة الحالية بامتداداتها وشرقا حتى ابو دليق وكل ذلك يسمى مطري الحلفايا۔ وتمتد جنوبا حتى النيل الازرق وتسمى هذه المنطقة ( بر الحلفايا) حيث تقع بالضفة الاخرى الخرطوم۔ ولم يكن هنالك ما يعرف بالخرطوم بحري التي وجدت بعد دخول الجيش البريطاني حيث اتخذها الجيش الغازي منطقة مستودعات حربية ۔۔

وأوضح أن سكان الحلفايا يتصفون بالتعايش السلمي والمجتمعي لذلك، ظلت الحلفايا صورة ونموذج من صور التعايش القبلي حيث انصهرت وتصاهرت تلك القبائل التي وردت الى الحلفايا خلال العديد من فترات الحياة فأصبحت تكون مجتمعا واحدا عرف بالتالف والتكاتف، وأثنى على مجهودات وتضحيات أبناء الحلفايا الذين قاتلوا جنبا الى جنب القوات المسلحة والمستنفرين من أبناء الوطن من دنس المليشيا والعمالة والارتزاق نزل شباب الحلفايا الى الميادين يكنسونها من ادران اولئك الاوباش استعدادا لعودة الاهل لديارهم ليعمروها وينشروا فيها الفرح والعلم والحضارة من جديد

 

 

الفرح جعلت العم بابكر علي دكام الذي يتجاوز السبعين عام يذرف الدموع وهو يفاخر بالقوات المسلحة. السودانية وهو” يكرر ده جيشنا ديل ابطال أسود ” هذا جيشيا يمتلك تاريخ. طويل وعظيم . في حماية البلاد واستقرارها. في جميع الازمنة اعطا ي دروس بالمجان في فنون القتال  هؤلاء الرجال الذين حرروا  الحلفايا من الغدر والخيانة ودحروا المليشيا  رجال الجيش هم وحدهم من يعرفوا رمزية حلفاية الملوك وموقعها الاستراتيجي وموقعها الوجداني لدى السودانين اقسم بالله اليوم يوم فرح عظيم تحررنا من دنس الجنجويد الذين دمروا وسرقوا ونهبوا ممتلكاتنا وقال . دكام بذات الفرحة عن تماسك النسيج الاجتماعي الحلفايا وانهم لا يعرفوا ما يسمى بالقبائل منذ جدودنا نحن أهل شتتنا الحرب واليوم تجمعنا قوات دفاع السودان القوات المسلحة هيئة العمليات والمستنفرين المقاومة الشعبية واولادنا الفرسان كتييبة البراءة بن مالك كلهم يعملون تحت مظلة الجيش السوداني الأصيل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.