منى أبوزيد- هناك فرق – في مفهوم المخالفة!

0

“الحكيم هو من يفصِّل اعتقاده على قدر البيِّنة”.. ديفيد هيوم..!

إذا صادفتَ مواطناً سودانياً ليس ضابطاً أو جندياً في مليشيا الدعم السريع، وليس من الذين يؤمنون بمشروع المليشيا الاستيطاني – ويدعمون التجريف الديموغرافي الذي تمارسه – لتأسيس دولة العطاوة، لكنه في ذات الوقت يناصر المليشيا في حربها ضد الجيش، فهنا قد “تسكتُ قليلاً”..!

 

 

لماذا يناصر أي سوداني عاقل هذه المليشيا، وكيف يمكنه أن يتعايش مع من حوله في بيئته الاجتماعية التي تؤكد الأسباب المنطقية وتقول الحسابات العقلانية إنها تدعم الجيش لا محالة..؟

 

 

الإجابة المنطقية الوحيدة هي الأطماع الشخصية في الحصول على السلطة أو الثروة أو الإثنين معاً، والتي لا يمكن لها أن تتحقق إلا على حساب النزاهة الأخلاقية والقيم الوطنية والولاء الفطري للمحيط الاجتماعي..!

 

 

كيف نتعرف إذن على تلك الشخصيات منذ اللقاء الأول، وكيف نعرف الطرق التي تتعايش من خلالها في أوساط البيئة التي تدعم الجيش وتناصره بكل ما أوتي المنتمون إليها من استنفارات ميدانية أو حروب إعلامية..؟

 

 

ثم، ماهي الأساليب التي تتبعها تلك الشخصيات في المنابر السياسية أو السجالات الشخصية في مختلف المواقع الإسفيرية للدفاع عن مواقفها أو للتأثير على مواقف الآخرين..؟

 

 

سيكون من السهل التعرف على تلك الشخصيات إذا اتبعت – في ذلك – القاعدة القانونية الشهيرة التي تقول بأن “السكوت في معرض الحاجة إلى بيان بيان” وأنت تراقب صمتها عن انتهاكات المليشيا أو محاولة التغطية عليها بالحديث عن انتهاكات مماثلة للجيش..!

 

 

يمكنك – أيضا – أن تعتمد على إحدى قواعد أصول الفقه الشهيرة التي تسمى بمفهوم المخالفة، حيث يكون المسكوت عنه مخالفاً للمنطوق به “إلا أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً” المنطوق هنا هو تحريم الدم المسفوح، أما تحليل الدم غير المسفوح فهو مفهوم مخالف لمنطوقه، يعرف بالإباحة الأصلية..!

 

 

“الجيش جيش كيزان” المنطوق هو تجريم الجيش، أما مناصرة مليشيا الدعم السريع التي تقول إنها تحارب الكيزان فهو مفهوم مخالف لمنطوقه، إذن دعم حكومة الإمارات لها مباح، والموافقة على ذلك ودعمه أيضاً مباح، من باب الإباحة الأصلية..!

 

 

أما الأساليب التي تتبعها تلك الشخصيات فقد جمعها مؤلف اسمه “عادل مصطفى” في كتاب بعنوان “المغالطات المنطقية”، وفيه يضرب مثلاً بالمحامي عندما يقول – مخاطباً هيئة المحكمة – إن المتهم بالقتل عفيف اللسان طاهر اليد، فيقع بذلك في فخ المغالطات المنطقية، لأن دفاعه بتلك العبارات الرنانة لا يدفع التهمة عن المتهم في حال ثبوت تورطه بالقتل. وكذلك الحال مع الدفع بتهذيب حمدوك وعفة لسانه – على سبيل المثال – في مواجهة اتهامه بالفشل في رئاسة الوزراء..!

 

 

ومن المغالطات المنطقية التي تضَمنها الكتاب والتي تستخدمها تلك الشخصيات – للتغطية على حرج موقفها وضعف حجتها – أسلوب التعميم في إطلاق الأحكام، والإحراج الزائف للمحاوَر في أثناء الجدال، والإصرار على مهاجمة فكرة هامشية لصرف الأنظار عن الفكرة الأساسية موضوع النقاش، وصرف الانتباه بأحاديث خارج السياق، ومهاجمة شخصية المُحاوَر عوضاً عن مناقشة فكرته..!

 

 

أذا دخلت في سجال وطني مع أمثال هؤلاء فلا تقع في الفخ، وتحلى بالصبر، لأن تهافت مغالطاتهم أمام حُجِيَّتك الوطنية مسألة وقت ليس إلا!.

 

صحيفة الكرامة

munaabuzaid2@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.