رحيل الفنان السوداني عبدالقادر سالم عن عمر ناهز 79 عامًا
متابعات- الزاوية نت- توفي الفنان السوداني عبدالقادر سالم في منزله بالعاصمة الخرطوم اليوم عن عمر ناهز 79 عاماً بعد صراع طويل مع المرض، سيتم تشييعه في مقابر حمد الله بمدينة أمدرمان عند الساعة 11 صباح اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م.
ونعى مجلس السيادة الانتقالي الفنان الكبير د. عبدالقادر سالم الذي وافته المنية إثر علة لم تمهله طويلا.
وقال إن مجلس السيادة إذ ينعاه، إنما ينعى للشعب السوداني رائدا من رواد الأغنية السودانية ومن أبرز أعمدة الموسيقى في البلاد، لقد عرف الراحل بشغفه الكبير بالتراث السوداني، حيث صال وجال في مختلف دول العالم للتعريف به لاسيما التراث الكردفاني الأصيل.
حيث تشهد له المسارح ودور الفنون بمثابرته واجتهاده في البحث الأكاديمي المرتبط بالموسيقى والتراث.
لقد ترك الفقيد إرثا ثقافيا وفنيا سيكون هاديا ومرشدا للأجيال القادمة.
ولد عبد القادر سليم في عام 1946 مدينة الدلنج، وسط جبال النوبة، وهو مطرب وملحن باحث في الموسيقى التراثية الكردفانية والسودانية، اشتهر منذ السبعينيات بأغانيه التي تمزج بين الفلكلور الريفي والحداثة، مع التركيز على التراث الشعبي، وقد ترك إنتاجاً فنياً ضخماً وأسس لنهج موسيقي فريد، وهو معروف بـ”مكتول هواك يا كردفان” وغيره، ويعتبر علامة فارقة في الموسيقى السودانية.
عبدالقادر سالم لديه أكثر من 40 أغنية مسجلة بالإذاعة، وعدد من الفيديو كليبات المصورة في كردفان وقدم محاضرات وندوات وكتب أوراق علمية حول التراث الغنائي السوداني.
وقال الصحفي رحمة عبدالرحمن إن الدكتور عبد القادر سالم كان يمشي على الأرض بخطى الأغنية، ويترك خلفه كردفان تمشي على مهلٍ في القلب، كأنها تخشى أن توقظه من حلمه الأخير.
لم يكن مطرباً فقط، كان وطناً صغيراً يحمل الموسيقى في جيبه، ويخفي المردوم في صوته، كما تُخفى الرسائل العاطفية في كتب المدرسة القديمة.
كلما غنّى، انحنى التراب ليستمع، وارتبك الحنين لأنه وجد من يفهم لغته.
عبد القادر سالم لم يغنِّ بل كان يعتذر للأرض عن قسوتنا،ويكتب لها ألحاناً بدل الرسائل، ويقول لكردفان: «مكتول هواك»، وكأنه يعترف لها بجريمة حب لا يريد النجاة منها.
كان يعرف أن الأغاني لا تموت، وأن من يغنّي للناس بصدق يؤجّل الغياب قليلاً في ذاكرتهم، لذلك اختار أن يكون باحثاً في الوجدان، وأستاذاً للحب الشعبي، وطالباً دائماً في جامعة التراث.
رحل كما يرحل الذين لا يخصّون عائلة واحدة، بل ينتمون للجميع، رحل وترك لنا صوته لنستعين به حين يخذلنا الكلام، وترك لنا «ليمون بارا» لنؤمن أن الفرح يمكن أن يولد حتى في بلادٍ متعبة.
نم قرير العين يا عبد القادر سالم، فالأغاني التي خرجت من صدرك صارت أكبر من الفناء، وسبقتك إلى الخلود، وتركتنا نحن نغنّي لنخفف وجع الفقد، ونبكي… لأن بعض الأصوات حين تغيب تأخذ معها جزءاً من الوطن.
