الفخ القاتل: لماذا تمثل زيارة ولي العهد السعودي للبيت الأبيض مفترق طرق تاريخيًا وخطيرًا؟

0

بقلم- مكاوي الملك- الفخ القاتل: لماذا تمثل زيارة ولي العهد السعودي للبيت الأبيض مفترق طرق تاريخيًا وخطيرًا؟

18 نوفمبر: اليوم الذي يُعاد فيه رسم الشرق الأوسط والسعودية تدخل البيت الأبيض بورقة تهزّ واشنطن وتل أبيب

مقدمة المقال (1)

ما ستقرأونه الآن هو البوابة الأولى لسلسلة مقالات تحليلية قادمة هدفها أن نربط لكم المشهد كاملاً من القمة السعودية– الأمريكية يوم 18 نوفمبر التي ستغيّر شكل المنطقة الى الميدان إلى انسحاب أبوظبي الهدنة

 

ما تشهده الساعات والأيام القليلة القادمة ليس مجرد زيارة روتينية أو صفقة عسكرية عابرة إنها لعبة جيوسياسية محكمة الإحكام تتحرك فيها جميع الأطراف بأوراق قوية والرهان هو شكل الشرق الأوسط للعقود القادمة بناءً على تقارير استخباراتية وتحليلات من مصادر مثل “تكتيكال ريبورت” و”نيويورك تايمز” و”بلومبرج” والإعلام الإسرائيلي، إليك الصورة الكاملة التي يجب أن تفهمها

 

المشهد الأول: الوفد السعودي ليست زيارة عادية

وفقًا لتقرير “تكتيكال ريبورت” الاستخباراتي المسرب..فإن ولي العهد السعودي لا يصطحب معه وفدًا دبلوماسيًا محدودًا ، بل “يأخذ الحكومة السعودية كلها معه” فالوفد يضم:

 

وزير الدفاع خالد بن سلمان

وزير الخارجية فيصل بن فرحان

وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان

وزير الاستثمار خالد الفالح

وزراء الاقتصاد، والتجارة، والصناعة، والاتصالات

مدير صندوق الاستثمار ياسر الرميان

مستشار الأمن القومي مسعد العيبان

 

هذا التكوين الضخم يرسل رسالة واضحة: هذه الزيارة ليست للتصالح مع إدارة ترامب فحسب بل هي “شراكة استراتيجية شاملة” تهدف إلى إعادة تعريف العلاقات بين البلدين من جذورها

المشهد الثاني: الطلبات السعودية أحلام التسلح والريادة

 

ما تطلبه السعودية وفقًا للمصادر أعلاه يتجاوز كل التوقعات:

  1. مقاتلات F-35 (48 مقاتلة): هذا هو القلب من الصفقة طائرة الجيل الخامس التي تمثل ذروة التكنولوجيا العسكرية الأمريكية..ووصول نموذج منها اليوم إلى قاعدة الأمير سلطان الجوية هو خطوة عملية نحو إتمام الصفقة وليس مجرد تفاوض
  2. مقاتلات F-15 EX (50 مقاتلة): لتحديث وتضخيم الأسطول الجوي الحالي بشكل هائل
  3. برنامج نووي سلمي: مع قدرة مستقلة على تخصيب اليورانيوم..وهو ما تعارضه إسرائيل بشدة
  4. نقل تكنولوجيا متقدم: لتصنيع المسيرات محليًا وتكنولوجيا الرقائق الإلكترونية والأقمار الصناعية..والذكاء الاصطناعي العسكري
  5. اتفاقية دفاع تاريخية: تريد السعودية أن تكون “نقلة تاريخية” وربما تتضمن – كما أشارت نيويورك تايمز – حماية نووية أمريكية للسعودية في حال تعرضها لهجوم، مقابل فك ارتباطها بالبرنامج النووي الباكستاني

 

الفخ القاتل: أين تكمن الخطورة؟

هنا حيث يظهر “الفخ” بكل أبعاده:

  • الفخ الإسرائيلي: كسر مبدأ “التفوق النوعي”: منذ حرب 1973 التزمت أمريكا بضمان تفوق إسرائيل العسكري النوعي على جميع الجيوش العربية مجتمعة . بيع F-35 للسعودية يكسر هذا المبدأ لأول مرة…هذا يهدد الأمن القومي الإسرائيلي ..ويضع رئيس الوزراء الإسرائيلي المتهم دوليًا والمحاصر داخليًا في مأزق وجودي..كيف سيواجه شعبه إذا حصلت السعودية على كل هذا بدون منحه “تطبيعًا” يقدمه كإنجاز؟

 

  • الفخ الصيني: الخوف من تسرب التكنولوجيا: نيويورك تايمز كشفت أن المخابرات الأمريكية (CIA) قلقة جدًا من وجود خبراء صينيين يعملون داخل السعودية في مجالات تطوير الصواريخ…تخشى الولايات المتحدة أن تنفذ الصين عملية استخباراتية للوصول إلى أسرار الـ F-35 ، تمامًا كما حدث مع دويلة الإمارات مما دفع واشنطن لطلب وضع “مفتاح تشغيل” يتحكم الأمريكيون به عن بُعد – وهو ما رفضته الدويلة ..هل ستوافق السعودية على هذا المفتاح أم أن الصفقة ستتم بدون قيود؟

 

  • فخ ترامب: الصفقات فوق الاستراتيجية: دونالد ترامب..كما وصفته المستشارة الألمانية سابقاً أنجيلا ميركل..هو “رجل صفقات ومال” إنه ينظر إلى العوائق الأمنية من منظور “كيف نتغلب عليها؟” وليس “كيف نحافظ عليها؟”يحتاج ترامب إلى إنجاز يظهر قوته التفاوضية ويضخ مليارات الدولارات (صفقة F-35 وحدها قد تتجاوز 145 مليار دولار) في الاقتصاد الأمريكي .. هو مستعد لدفع الثمن..لكن هل الثمن هو تفجير التحالفات التقليدية في المنطقة؟

 

  • الفخ السعودي: القوة مقابل التطبيع: هذا هو جوهر المعادلة..السعودية ترفض التطبيع مع إسرائيل في ظل الحكومة الحالية التي وصفها الخبراء بأنها “إجرامية” وذات سمعة سيئة.. وتصر على شرط تحقيق تقدم ملموس لإقامة دولة فلسطينية..الخروج من البيت الأبيض بكل هذه الصفقات بدون توقيع اتفاقية تطبيع سيكون انتصارًا داخليًا وسياسيًا هائلاً للسعودية..حيث ستظهر بمظهر القوة التي حصلت على كل ما تريد دون التنازل عن مبادئها…لكنه في نفس الوقت سيخلق غضبًا هائلًا في واشنطن وتل أبيب

 

الخلاصة: المعركة الحقيقية تدور في الخفاء

الزيارة ليست حول F-35 أو حتى البرنامج النووي.. المعركة الحقيقية هي على الهيمنة الإقليمية المستقبلية السعودية تريد شراكة مع أمريكا تجعلها القوة العظمى في المنطقة..قادرة على مواجهة إيران وحسم حرب اليمن بنفسها، ومستقلة في قرارها أمريكا تحت حكم ترامب ستمنحها ذلك مقابل المال والانفصال عن المحور الصيني-الروسي

 

لكن هذا “الفخ القاتل” قد ينغلق على الجميع: على إسرائيل إذا فقدت تفوقها ، وعلى أمريكا إذا تسربت تكنولوجيتها، وعلى ترامب إذا فشل في تحقيق التوازن وعلى السعودية إذا دفعت ثمن صفقة جعلتها في مواجهة مفتوحة مع حلفاء أمريكا التقليديين

 

المشهد يتشكل الآن ونتائجه ستغير خريطة الشرق الأوسط إلى الأبد ترقبوا يوم 18 نوفمبر.. فهو ليس موعد زيارة بل هو موعد تحول تاريخي في عدة ملفات في الشرق الأوسط وملف السودان

 

هذا المقال هو الحلقة الأولى فقط بداية تفكيك الصورة الكبرى لكم لتفهموا كل مايدور بدقة ولماذا تتحرك الجبهات الآن بالتزامن مع اجتماعات سرية.. وضغوط دولية..وترتيبات خطيرة تقودها الإمارات للانسحاب من السودان ولماذا أصبحت زيارة بن سلمان لواشنطن أخطر مفترق طرق في الشرق الأوسط منذ عقود

 

هذا المقال البداية

أما التفاصيل العميقة وربط الخيوط والأدلة والمعلومات الميدانية والاستخباراتية فستأتيكم تباعاً في سلسلة المقالات التي وعدناكم بها ، لتفهموا بالدقة الكاملة ما يجري خلف الكواليس والتحركات وما سيحدث بعد 18 نوفمبر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.