مسؤولون في الفنادق والبرهان يرفض الدولارات

0

بقلم- يوسف عبد المنان- مسؤولون في الفنادق- في الوقت الذي تحصد فيه حمى الضنك أرواح الشعب، ويطوف المرضى على الصيدليات بحثًا عن أمبولة بندول، ويأكل جنودنا في خنادق الدفاع عن الشرف والوطن والهوية (الكوجا)، بينما يقدم كبار العسكريين التضحيات، ويقطنون بيوتًا متواضعة في بورتسودان – العاصمة الإدارية المؤقتة – لا تختلف كثيرًا عن بيوت والشجرة وشمبات الأراضي.

 

في هذا الوقت، يرفض القائد العام الفريق أول عبدالفتاح البرهان أن يدخل دولارًا واحدًا إلى جيبه من السفريات الخارجية، ويعيش بعض الولاة على الكفاف، مثل الطاهر الخير والي الجزيرة، وأحمد عثمان حمزة والي الخرطوم، فيما تسكن خزانة جبريل إبراهيم التصحّر المالي، ويقيم وكيل المالية عبدالله إبراهيم في استراحة حكومية متواضعة.

 

وفي هذا الوقت بالذات، ووسط هذه الظروف الحرجة، نرى وزراء ومسؤولين ومستشارين فى حكومة الأمل – تلك التي أطلق عليها رئيسها الدكتور كامل هذا الاسم، وتعهد أمام الشعب بحُسن إدارة الدولة والنهوض بها – يعيشون واقعًا مناقضًا تمامًا لأقوالهم.

يا لها من مفارقة! ويا لبُعد المسافة بين القول والفعل! لقد مضت اشهر على تعيين هذه الحكومة، وبدأ الأمل يتبدد شيئًا فشيئًا ، وحتى لا يُقال إننا نطلق القول على عواهنه، نسوق الأمثال لقومٍ لعلهم يعقلون.

 

بعض وزراء ومسؤولي حكومة الأمل لا يعيشون مثل الشعب. لا يأكلون الفول أكلاً لما، ولا يشربون قهوة الصباح مع عائلاتهم في أحياء المدينة البسيطة، بل يقيمون منذ تعيينهم في فنادق ببورتسودان — في أجنحةٍ رئاسية وغرفٍ تليق برجال الأعمال والمستثمرين.

 

الآن، تشغل فنادق بورتسودان صفوفًا من الوزراء، ومديري المكاتب، والمستشارين، بعددٍ يفوق الحصى.
اختاروا أن ينعموا بـ”شهيّ الطعام، وناعم الفراش، وخدمة الأربعة والعشرين ساعة” المخصصة عادة لضيوف الرحمن… أقصد ضيوف الوزراء.

ويوميًا، تدفع الدولة – من مواردها العدمية – مليارات الجنيهات لتغطية سكن وإعاشة هؤلاء الوزراء على حساب الشعب، ذلك الشعب المنتظر عودة التيار الكهربائي لإحياء الخرطوم، وشراء المحولات، وصيانة الخطوط الناقلة، وإعادة تأهيل محطتي بري وبحري الحرارية.

لكن المال، على قلّته، تأكله القطط في فنادق بورتسودان، ويبدده الوزراء في بلدٍ كان فيه وزير للتربية – الراحل الحوري رحمه الله – يمتطي الركشة من فندق المنصوري إلى مجمع الوزارات في الدفاع الجوي،
وكان وزير الثقافة والإعلام جراهام عبدالقادر لا يملك – لأكثر من شهرين – سيارة حكومية تقله إلى الوزارة،
وكان الفريق محمد الغالي يقضي سحابة يومه متنقلاً بين وزارة المالية وجهاز الأمن، الذي ساهم مديره مفضل فى توفير العربات لوزراء أول حكومة تعيَّنت بعد تمرد الخامس عشر من أبريل.

لقد ضرب الإخوة العسكريون ووزراء قوى الكفاح المسلح المثل والقدوة في مرحلة إعادة تأسيس الدولة، لكن بكل أسف جاءت بعض أطراف الحكومة المدنية لترسم صورة قاتمة بسلوكها وترفها وولوغها في نَهَم المال العام.

ولو كان وزراء حكومة الأمل يشعرون حقًا بآلام هذا الشعب، لسكن أغلبهم في سلالاب وديم المدينة وحي المطار، بدلًا من تبديد المال العام في فنادق الخمسة نجوم، وجموع الشعب السوداني، رغم الحرب، قانعون صابرون، يدعمون جيشهم، وينظرون إلى حكومتهم المدنية ويرددون بمرارة: إنا لله وإنا إليه راجعون.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.