الجرذان تقفز من السفينة الغارقة.. عودة (بقال) الظافرة إلى أشلاء الوطن

0

بقلم- أبوعاقله أماسا- التقيت إبراهيم بقال مرة واحدة فقط في حياتي، كانت بمكتب الأخ والصديق طارق سيد المعتصم الأمين العام الأسبق لنادي المريخ بعمارة الهلالي بالسوق العربي رغم أننا نعمل في مجال واحد، وكان ذلك في يوم ضاج بالحركة من أيام ثورة ديسمبر، وفي ذلك اليوم التقيت بمجوعة كبيرة من الإسلاميين أذكر منهم مهند الشيخ.

 

وفيما أذكر كانت المناسبة انعقاد جلسة من جلسات محاكمة الرئيس السابق عمر البشير، وكنت معتاداً على المرور بالأخ طارق من سنوات، وفي تلك المرة التقيت بهذا الشخص وكان اللقاء عابراً لم أخرج منه بجديد غير أنني التقيت بصاحب أكثر المقالات الإرتزاقية التي كانت تنتشر في تلك الأيام، تغيظ الثوار وتمجد البشير، ليس حباً وإنما الظروف كانت تتطلب ذلك.

 

ولو وضعنا مقالاته تلك أمام أكثر كتابات التملق والإرتزاق و الإستهبال لتفوقت عليها في السماجة.. لدرجة أنني استمعت لتسجيل صوتي في تلك الأيام نسب لشقيقه قال فيه: أن شقيقه لا يكون طرفاً في موضوع أياً كان ما لم يعرف ويضمن العائد المادي والمصلحة منه.. فوجدت المبرر الكافي لما يكتب.

– بعد ذلك أصبحت أنظر لكل مواقفه عبر هذه النافذة إلى أن تسرب التسجيل الصوتي الذي يتحدث فيه عن (منح) حميدتي للآخرين، وأنه يوزع التوسانات والهبات على الآخرين بينما هو وغيره من الحلفاء يقبضون الريح.. فادخرت ذلك في خزانة المعلومات..!

– كنت أعتقد أن بقال عشبة نبتت على أرض الانتهازية وسقيت بماء المكاسب الشخصية إلى أن ظهر ذات مرة وهو يرتدي الكدمول، وكان الموقف ينسجم تماماً مع طبيعته ومواقفه الشخصية، فهو يتواجد أينما وجدت مصلحته، وأينما وجد عائداً أكبر، وفي ذلك الوقت لا أحد في دولة أرض النيلين يملك ما يملكه حميدتي من مال وذهب وسيارات، ولا أحد يمنح المتملقين وماسحي الحوخ وبلاط السلطة أكثر منه

 

الأمر كان طبيعياً ومنطقياً.. ومثل بقال فعل عدد كبير جداً من مرتزقة السياسة والمتكسبين منها، فمنهم من هتف وتغنى بإسم قائد المليشيا، ومنهم أيضاً من رقض وهز الأرداف في الحفلات والولائم، وبعد الحرب لم تكفهم ملء الأرض حياءً فاختفوا بعد أن كانوا (رجال حول حميدتي).. وننتظرهم الآن في محفل جديد بإسم (رجال حول البرهان)..!

– ثم اندلعت الحرب، واشتد أوارها وشاهدنا البقال يجوب الخرطوم على رأس قوة من المدججين بالسلاح ورتل من السيارات وعصبة من الحراس الشخصيين، بينما كانت الخرطوم تنهب وتسرق وتغتصب حرائرها، ثم تطور الأمر إلى أن عينته المليشيا والياً للخرطوم.. والياً على ذلك الخراب..!!

– عن نفسي لم أختزن موقفاً إيجابياً لبقال، وأعتقد أن مكانه الطبيعي هناك في صفوف المرتزقة يهيم من وادٍ لواد، فهناك يتجمع أكبر عدد من الانتهازيين والمرتزقة والمتكسبين، أما هنا فلدينا حمى الضنك والملاريا، والبيوت التي هجرتها الفئران ولكن لدينا وطن يستحق التضحية وتحمل الجوع من أجله.

– المثل الإنجليزي الذي يقول: (الجرذان تقفز من السفينة الغارقة) ينطبق تماماً على ما يحدث للدعم السريع هذه الأيام، فقد أيقن قوم فرعون وهامان أنهم لا محالة غارقون، وأن الهزيمة الأخيرة قادمة بعد أن بدأت الشعارات والأقنعة تتساقط، والخذلان يزيد يوماً بعد يوم، فأصبحوا يبحثون عن اللحظة المناسبة للقفز من سفينة الدعم السريع الغارقة.

– ليعفو من يريد أن يعفو، وليسامح من وسعت نفسه كل هذه المواقف المخزية، وليعود هذا البقال لقصره في الصالحة غانماً سالماً بدور البطولة، بعد أن يستقبلوه بالهتافات والأغاني والزهور و(الظروف).. ولكن يجب ان نتذكر ماهو أهم من تلك المواقف المباعة والمشتراة، وهي أن الشعب السوداني هو من قتل واغتصب ونهب وأخرج من بيوته وأجبر على النزوح واللجوء وتذوق الذل والجوع والمرض.. ومن يريدون الصفح لم يلحق بهم ضرر..!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.