منظومات الدفاع الجوي.. خداع إماراتي وتجارب صينية فاشلة في السودان

0

تحليل- محمد مصطفى محمد صالح– في تطور يعكس عمق الأزمة داخل صفوف المليشيا المدعومة إماراتيًا، تكشفت خلال الأسابيع الماضية سلسلة من الإخفاقات المتتالية في منظومات الدفاع الجوي القصيرة المدى التي تم استقدامها من الصين، بعد فشلها في مواجهة الطائرات المسيّرة الحديثة التي يستخدمها الجيش في عملياته الجوية الدقيقة ضد مواقع المليشيا في الفاشر ونيالا.

 

 

مصادر عسكرية أكدت أن المليشيا، بتنسيق مباشر مع ضباط إماراتيين، عمدت إلى تجريب عدة أنظمة صينية الصنع من فئة SHORAD، بينها منظومات FK-2000 وFB-10A، في محاولة يائسة لخلق مظلة دفاعية تحمي مقراتها وطرق إمدادها من القصف الجوي المستمر. إلا أن نتائج هذه التجارب جاءت كارثية؛ إذ فشلت الأنظمة في اعتراض المسيرات ذات السرعات المنخفضة والمقطع الراداري الصغير، ما جعلها عاجزة أمام هجمات دقيقة ومتكررة ألحقت خسائر فادحة في العتاد والأفراد.

 

ورقم تطور منظومة FK-2000، المصممة لمواجهة الأهداف القريبة والمتوسطة، لم تتمكن من تحقيق أي نسبة اعتراض فعالة بسبب قصور في منظومة الرادار والتتبع أمام الطائرات التركية المتطورة مثل “بيرقدار TB2” و”أكانجي”، اللتين يستخدمهما الجيش بكفاءة عالية في مهام الاستطلاع والهجوم. أما منظومة FB-10A، التي رُوِّج لها كحل أكثر مرونة، فقد فشلت بدورها في بيئة الحرب السودانية بسبب ضعف التكامل بين وحدات الإطلاق ونظام القيادة والسيطرة، إضافة إلى محدودية المدى الفعلي للصواريخ الموجهة بالأشعة تحت الحمراء.

 

ورغم فشل هذه التجارب، استمرت قيادة المليشيا والامارات في توفير المزيد من الأنظمة، في حين أبدت المصانع الصينية استعدادًا غامضًا لتسهيل عمليات التوريد. غير أن الدافع الصيني لا يرتبط وفق نظري برغبة اقتصادية بحتة أو ولاء سياسي، بل بسعي تقني واضح لاختبار فعالية منظوماتها في بيئة قتالية حقيقية ضد المسيرات التركية، وهي فرصة نادرة لتقييم الأداء الميداني خارج نطاق التجارب النظرية.

 

لكن المفارقة الأبرز، وفق تقارير استخباراتية مسربة، أن الإمارات تخدع بعض الشركات الصينية عبر صفقات سلاح تدّعي أنها مخصصة لتشاد، بينما يتم شحنها سرًا إلى المليشيا داخل السودان. هذا الأسلوب، الذي يهدف إلى تجاوز الرقابة الدولية وتجنّب المسؤولية القانونية، أدخل بكين في حرج دبلوماسي متزايد بعد رصد مصدر الأسلحة في مناطق النزاع، ما دفع بعض المسؤولين الصينيين إلى مراجعة تعاملاتهم مع الوسطاء الإماراتيين.

 

هذا التعاون الملتبس بين أبوظبي وبعض الشركات الصينية المنتجة للأسلحة أفرز حالة من الفوضى الميدانية داخل صفوف المليشيا، إذ باتت كل وحدة تعمل وفق منظومة مختلفة، دون وجود شبكة قيادة وتحكم موحدة. النتيجة كانت مزيدًا من الفشل وفقدان القدرة على التنسيق الدفاعي.

 

وبينما يواصل الجيش عملياته الجوية الدقيقة باستخدام المسيرات الحديثة، يتضح أن الرهان الإماراتي على التكنولوجيا الصينية لم يمنح المليشيا أي تفوق ميداني، بل كشف ضعفها التنظيمي واعتمادها على تجارب مرتجلة غير مبنية على عقيدة دفاعية متكاملة. في المقابل، تبدو المصانع الصينية المستفيد الوحيد من هذه الفوضى، إذ تحصل على بيانات ميدانية حقيقية لاختبار أنظمتها ضد واحدة من أكثر أدوات الحرب تطورًا في العقد الأخير: المسيرات التركية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.