الخرطوم – الزاوية نت- عقدت حكومة الأمل برئاسة رئيس الوزراء دكتور كامل إدريس، أول جلسة رسمية لها في العاصمة الخرطوم بعد تشكيلها وذلك منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023م، في خطوة تمهد لنقل كل الوزارات إلى الخرطوم.
ويأتي هذا الاجتماع بعد إعلان رئيس الجهاز التنفيذي عن خطة انتقال الحكومة إلى الخرطوم في شهر اكتوبر أو نوفمبر المقبلين ، عقب فترة طويلة من إدارة شؤون البلاد من العاصمة الإدارية بورتسودان.
وعقدت الجلسة بعد اكتمال التشكيل الوزاري، حيث أدى وزيرا الصحة والثروة الحيوانية القسم قبل يومين، ما مهّد لانطلاق أول اجتماع فعلي للحكومة الاتحادية من داخل الخرطوم.
وتعد هذه الجلسة خطوة رمزية نحو إعادة انتقال مؤسسات الدولة في العاصمة، وسط ترتيبات أمنية متواصلة لضمان استقرارها بعد استعادتها من قبضة المليشيا المتمردة.
وناقش الاجتماع الذي التأم بقاعة أمانة حكومة ولاية الخرطوم بحضور أعضاء حكومة الأمل خطط كل الوزارات للعام الحالي بالتركيز على خدمات المواطنين ومعاشهم وإعادة الأعمار وآمن المواطن وإعادة الأعمار، وتامين العودة الطوعية للمواطنين.
وقال الإعلامي والكاتب الصحفي مجدي عبد العزيز في إفادته لصحيفة “الكرامة”، إنّ انعقاد أول اجتماع لمجلس الوزراء برئاسة د. كامل إدريس في قلب الخرطوم بعد تحريرها وجهود إعادة تأهيلها، هو حدثٌ فارق في هذه المرحلة التي ترسم فيها الدولة انتصارها على العدوان المزدوج الداخلي والخارجي الذي استهدف كيانها.
ووفق ما قال عبد العزيز فإنّ هذا الحدث يحمل دلالات سياسية ووطنية عميقة، فهو إعلانٌ بأن الدولة استعادت عاصمتها ورمز سيادتها، وأن الشعب السوداني بصموده وتضحياته استطاع أن يحوّل مسار الأحداث من محنة قاسية إلى فرصة للانبعاث من جديد.
وأضاف الأستاذ مجدي: هذا الانتقال من بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة إلى الخرطوم، يعني الانتقال من مرحلة إدارة الأزمة إلى مربع ترسيخ الاستقرار والانطلاق في البناء والتنمية، وإنه بمثابة فتح صفحة جديدة، عنوانها عودة المؤسسات إلى مواقعها الطبيعية، وعودة الدولة لتدير شؤونها من قلبها النابض.
وأشار عبد العزيز إلى أن ما يجرى اليوم يضع حكومة الأمل أمام مسؤولية تاريخية في تنفيذ برامجها بجديةٍ وفعالية، ويمنح السودانيين الثقة بأن عهود التشريد والشتات والانتظار قد ولّت، وأن زمن العمل والإنجاز قد بدأ بالفعل. فالخرطوم ليست مجرد عاصمة، بل هي رمز لوحدة السودان وإرادة أبنائه في الحياة الكريمة.
تكامل الجهود
وشهدت العاصمة حراكًا واسعًا هذه الأشهر الثلاثة الماضية، إذ تستقبل يوميًا موجات عودة طوعية واسعة للمواطنين، بجانب زيارات المسؤولين بصورة مكثفة لها بدءًا من رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح ونوابه ومساعديه، وذلك لتهيئتها إيذانًا بعودة الحكومة والمؤسسات الرسمية لها، كما شهدت زيارة من رئيس الوزراء قبل نحو شهر.
من جهته، وصف رئيس تحرير صحيفة “الانتباهة” بخاري البشير فكرة الظهور الأول للجهاز التنفيذي بالخرطوم بالجريئة، والتي تدعم بقوة تسريع خطى عودة المؤسسات والحكومة إلى هذه الولاية التي تعرضت لأسوأ عملية تدمير ممنهج في بنيتها التحتية من قبل ميليشيا الدعم السريع الإرهابية.
ويرى بشير أن محفل اليوم يُعد مؤشرًا لاهتمام الجهاز التنفيذي الذي بات يتضاعف تجاه تهيئة البيئة في الخرطوم لعودة المواطن. وبعد تسمية لجنة عليا برئاسة عضو السيادي الفريق إبراهيم جابر، ها هو رئيس الوزراء يبتدر أولى اجتماعات حكومته في الولاية. وهذا يعني: تكامل جهد الحكومة المركزية مع جهد حكومة الولاية التي قدمت أقصى ما لديها خلال الفترة الماضية وسنوات الحرب. فمن الضروري أن تكامل الجهود تجاه قضايا الخدمات وإعادة الإعمار بالولاية سوف يؤتي ثماره في القريب العاجل.
واعتبر رئيس تحرير “الانتباهة” أن الاجتماع بمثابة تشخيص تحديات المرحلة، ومن ثمّ مواجهتها بخططٍ عاجلة وأخرى آجلة، من شأنه أن يقود إلى سرعة عودة المواطن إلى الولاية. كذلك، يرسل رسالة واضحة للمجتمع الدولي أن السودان في طريق التعافي من ويلات الحرب وآثارها.
وفي ذات السياق، قال الخبير والمحلل الاستراتيجي د. عمار العركي إنّ الاجتماع يُعد مؤشرًا على انطلاقة مرحلة جديدة في العمل الحكومي. ويؤكد جدية الجهاز التنفيذي في الشروع بتنفيذ برامجها وأولوياتها. كما يعكس حرص الحكومة على الترتيب المؤسسي والإداري، وإبراز صورة واضحة أمام الرأي العام المحلي والإقليمي، بأن الحكومة قادرة على التنسيق والالتزام بمسؤولياتها منذ اللحظة الأولى.
وتوقع العركي تركيز التجمع الأول للحكومة برئاسة كامل إدريس على رسم خارطة طريق عاجلة لمعالجة القضايا الاقتصادية والأمنية المُلحة، وتحديد برامج عاجلة للإصلاح الإداري، وضمان استقرار الخدمات الأساسية في مختلف أنحاء البلاد. كما أن الاجتماع يمثل منصة لمراجعة التحديات الراهنة ووضع الأولويات الوطنية في مسار عملي واضح وواقعي.
وبحسب د. عمار، فإنّ حدث اليوم يمثل بداية الامتحان والاختبار الحقيقي للحكومة الجديدة، وخطوة عملية أساسية لوضع حكومة الأمل على سكة الأداء الفعّال، وترجمة التطلعات إلى إجراءاتٍ ملموسة تخدم المواطنين وتعزز استقرار الدولة.
واختتم محدّثي إفادته وقال إنّ انعقاد جلسة لحكومة الأمل من داخل العاصمة، يُرسل رسالةً إيجابيةً للشركاء الدوليين والإقليميين، بأنّ الحكومة ملتزمة بالعمل والتنظيم، ما قد يُسهم في جذب الدعم السياسي والاقتصادي.